بايدن ليس في عجلة من أمره للاعتراف بحكومة «طالبان»

أربعة من معتقلي «غوانتانامو» السابقين يتولون مناصب مهمة في الحكومة الجديدة

بايدن قلق من حصول «طالبان» على تمويل من الصين (أ.ب)
بايدن قلق من حصول «طالبان» على تمويل من الصين (أ.ب)
TT

بايدن ليس في عجلة من أمره للاعتراف بحكومة «طالبان»

بايدن قلق من حصول «طالبان» على تمويل من الصين (أ.ب)
بايدن قلق من حصول «طالبان» على تمويل من الصين (أ.ب)

عبّر الرئيس الأميركي جو بايدن، للصحافيين خلال رحلته إلى كل من نيويورك ونيوجيرسي أول من أمس (الثلاثاء)، عن قلقه من حصول «طالبان» على تمويل من الصين. وقال إنه سيحاول التوصل إلى بعض الترتيبات مع «طالبان» كما تفعل باكستان وروسيا وأيضاً إيران، مضيفاً: «نحاول جميعاً معرفة ما الذين يريدون القيام به، وسيكون من المثير للاهتمام معرفة ما سيحدث».
وكان بايدن قد صرح سابقاً بأن الاعتراف بحكومة «طالبان»، «بعيد المنال»، وقال: «هذا طريق طويل». ولمح بايدن إلى احتمالات لقائه مع بعض اللاجئين الأفغان الذين وصولوا إلى الولايات المتحدة. وجاء تشكيل الحكومة التي أعلن عنها ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حركة «طالبان»، مساء الثلاثاء، لتشكل صدمة للإدارة الأميركية، حيث يتولى الكثير من أعضاء الحرس القديم مناصب مهمة في الحكومة الجديدة التي تعد حكومة تصريف أعمال، ولم تتم تسمية امرأة واحدة كجزء من حكومتها الجديدة، على الرغم من مطالب «الشمولية». ولم تُظهر «طالبان» أي مؤشرات على أنها ستُجري انتخابات ولم تحدّد شكل النظام السياسي الذي ستتبعه. وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، أن إدارة بايدن ستحكم على هذه الحكومة «بناءً على أفعالها» لا سيّما إذا ما كانت ستسمح للأفغان بمغادرة بلدهم بحرّية. وقالت ساكي للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية (الثلاثاء): «ليس هناك اندفاع للاعتراف، وسيتم التخطيط لذلك بناءً على الخطوات التي تتخذها (طالبان)». وأضافت: «سيراقب العالم ما إذا كانوا سيسمحون للمواطنين الأميركيين، ومن يريد، بالمغادرة، وكيف يعاملون النساء والفتيات في جميع أنحاء البلاد».
وفي سؤال حول التوقيت الذي ستقرر فيه الإدارة الأميركية الاعتراف بشرعية حكومة «طالبان»، قالت ساكي: «ليس لديّ جدول زمني، والأمر يعتمد على السلوك الذي يُظهرونه على الأرض». وعبّرت المتحدثة باسم البيت الأبيض عن مخاوف كبيرة بشأن وصول المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان وحول تشغيل الرحلات الجوية ليس فقط من كابل وإنما من مطارات إقليمية أخرى.
وفيما يتعلق بمساعي واشنطن لإخراج الأميركيين العالقين في أفغانستان بعد رحيل القوات الأميركية، قالت ساكي إنه في هذه المرحلة هناك «أقل بقليل من 100 أميركي في أفغانستان، ونحن على اتصال بالمواطنين الأميركيين ونعمل على إخراجهم»، مضيفة أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، خلال زيارته لقطر «عمل على مجموعة من الخيارات»، بما في ذلك بدء تشغيل الرحلات الجوية وتشغيلها. وتواجه الإدارة الأميركية ليس فقط حرجاً سياسياً وإنما عراقيل قانونية حيث يعد سراج الدين حقاني، القائم بأعمال وزير الداخلية (وهو زعيم الجماعة المسلحة المعروفة بـ«شبكة حقاني») من بين أبرز المطلوبين على قائمة الإرهاب الأميركية، وهناك مكافاة تقدّر بعشرة ملايين دولار على رأسه. ويشغل أربعة من المعتقلين السابقين في «غوانتانامو» الذين أطلق سراحهم الرئيس الأسبق باراك أوباما مناصب عليا في هذه الحكومة المؤقتة. إذ عيّن خير الله خبرخوا في منصب وزير الإعلام والثقافة بالوكالة، ونور الله نوري وزيراً للحدود والشؤون القبلية، وعبد الحق الواثق مديراً للمخابرات، ومحمد فضل نائباً لوزير الدفاع، وجميعهم تم إطلاق سراحهم بموجب اتفاق عام 2014 بين إدارة أوباما وحركة «طالبان» مقابل الإفراج عن الرهينة الأميركي الرقيب بالجيش بو بيرغدال الذي احتجزته «طالبان» منذ عام 2009. ويشير بعض التقارير الإعلامية أن خير الله خبرخوا الذي سيتولى منصب وزير الإعلام والثقافة بالوكالة، اعترف بأنه بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عمل كمبعوث لـ«طالبان» والتقى سراً مع كبار المسؤولين الإيرانيين وقام بتوريد الكثير من الأسلحة والدعم العسكري للحركة والتخطيط لأعمال عدائية ضد القوات الأميركية. وتشير التقارير إلى أن عبد الحق الواثق الذي سيشغل منصب مدير المخابرات كان يعمل سابقاً في هذا المنصب قبل هجمات 11 سبتمبر، ووضعته وكالات الاستخبارات الأميركية ضمن قائمة المتورطين في التخطيط للهجمات مع تنظيم «القاعدة». وأشارت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن محمد فضل الذي سيشغل منصب وزير الدفاع كان يعمل سابقاً مع كبار المسؤولين في تنظيم «القاعدة» بمن فيهم عبد الهادي العراقي، أحد كبار مساعدي أسامة بن لادن الذي لا يزال محتجزاً في معتقل «غوانتانامو». وقد أعلنت حركة «طالبان» في وقت سابق أن محمد نبي عمري، المعتقل السابق في «غوانتانامو» سيتولى منصب حاكم مقاطعة خوست. وبينما تواجه إدارة بايدن انتقادات لاذعة حول الأميركيين العالقين في أفغانستان والأفغان الراغبين في مغادرة البلاد، جاءت تصريحات المتحدث باسم «طالبان» لتزيد من حرج الإدارة الأميركية، حيث قال ذبيح الله مجاهد: «فيما يتعلق بالرحلات الجوية، عليهم الانصياع لقانوننا... يجب أن يكون لديهم وثائق مناسبة وإذا لم يكن لديهم وثائق، فلن نسمح لهم بالذهاب».
وقد وعد الرئيس الأميركي بالمساعدة في إجلاء قرابة 100 أميركي متبقين في أفغانستان يرغبون في المغادرة، لكنه يواجه ضغوطاً متزايدة وسط تقارير تفيد بأن ما بين 600 و1300 شخص، من بينهم فتيات ومواطنون أميركيون، مُنعوا من السفر من مزار شريف. ومع عدم وجود عسكري منذ نهاية أغسطس (آب)، اضطرت الحكومة الأميركية للاعتماد على حُسن نية «طالبان»، للسماح بعمليات الإجلاء. واضطر وزير الخارجية أنتوني بلينكن أن ينفي اتهامات المشرعين الجمهوريين بأنه شجّع على «وضع مشابه لوضع الرهائن» في مزار شريف.
من ناحية أخرى، قالت وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة تعمل «بسرعة وبدقة» لضمان قدرة المواطنين الأميركيين و«المدنيين الأفغان المعرّضين للخطر» على الوصول إلى وجهاتهم النهائية «بأمان وكفاءة». وأضافت وزارة الخارجية أن «متخصصين في الاستخبارات وإنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب من وزارة الأمن الداخلي ووزارة الدفاع ومكتب التحقيقات الفيدرالي والمركز الوطني لمكافحة الإرهاب وشركاء آخرين من مجتمع الاستخبارات، يعملون على مدار الساعة من أجل الإسراع في معالجة وفحص الأفغان قبل السماح لهم بدخول الولايات المتحدة. ويشمل ذلك مراجعات لكل من البيانات البيوجرافية والبيومترية». وأوضح مسؤولون أن الولايات المتحدة تسعى لمناقشات وتنسيق مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية لمواصلة إرسال المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه الكيانات ستشارك في مناقشات مباشرة مع «طالبان».

الصين ستواصل الاتصالات مع حكومة «طالبان»
> أبدت الصين أمس (الأربعاء)، استعدادها لمواصلة الاتصالات مع قادة حكومة «طالبان» الجديدة في أفغانستان، ووصفت تشكيلها بأنه «خطوة ضرورية» في إعادة الإعمار. وأدلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، بهذا التعليق في مؤتمر صحافي يومي في بكين عندما سُئل عما إذا كانت بكين ستعترف بالحكومة الأفغانية الجديدة التي أُعلن عن قادتها أول من أمس (الثلاثاء).
وقال وانغ إن الصين تحترم سيادة أفغانستان واستقلالها ووحدة أراضيها.
وبعد سيطرة «طالبان» على السلطة في أغسطس، دعت الصين إلى تشكيل حكومة منفتحة وممثلة للجميع. وقال وانغ: «نأمل أن تستمع السلطات الأفغانية الجديدة للناس من جميع الأعراق والفئات، من أجل تلبية تطلعات شعبها وتطلعات المجتمع الدولي».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».