بعد ست سنوات على «ليلة الرعب»... بدء محاكمة 20 متهماً في «اعتداءات باريس»

أوليفيا رونين (يمين) ومارتن فيتس (يسار) محامي صلاح عبد السلام يصلان إلى قاعة المحاكمة (إ.ب.أ)
أوليفيا رونين (يمين) ومارتن فيتس (يسار) محامي صلاح عبد السلام يصلان إلى قاعة المحاكمة (إ.ب.أ)
TT

بعد ست سنوات على «ليلة الرعب»... بدء محاكمة 20 متهماً في «اعتداءات باريس»

أوليفيا رونين (يمين) ومارتن فيتس (يسار) محامي صلاح عبد السلام يصلان إلى قاعة المحاكمة (إ.ب.أ)
أوليفيا رونين (يمين) ومارتن فيتس (يسار) محامي صلاح عبد السلام يصلان إلى قاعة المحاكمة (إ.ب.أ)

بدأت اليوم الأربعاء المحاكمة في قضية الاعتداءات الإرهابية في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 حين هاجم «انتحاريون» ملعب استاد فرنسا وفتح مسلحون النار على شرفات مقاه وفي قاعة باتاكلان للعروض الموسيقية، في أعنف هجمات شهدتها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.
هذه المحاكمة الخارجة عن المألوف، وهي أكبر محاكمة في قضية إجرامية تنظم في فرنسا، بدأت عند الساعة 11:00 ت غ في قصر العدل التاريخي في باريس وسط إجراءات أمنية مشددة في إطار من التهديد الإرهابي المرتفع.

سيحاكم عشرون متهماً على مدى تسعة أشهر بينهم الفرنسي - المغربي صلاح عبد السلام، العضو الوحيد على قيد الحياة من مجموعة الكوماندوز التي نفذت الاعتداءات بأمر من تنظيم «داعش» موقعة 130 قتيلاً وأكثر من 350 جريحاً في باريس وسان دوني (ضواحي باريس) وخلفت صدمة كبيرة في فرنسا.
سيحاكم عشرة رجال آخرون سجنوا طوال فترة المحاكمة في سجون بضواحي باريس إلى جانبه في قفص المتهمين وهم يحاكمون بتهمة المشاركة في هذه الاعتداءات التي نفذت في وقت كانت باريس لا تزال تحت وقع صدمة هجمات يناير (كانون الثاني) على صحيفة شارلي إيبدو الساخرة التي قتل جميع أفراد هيئة تحريرها تقريباً إعداماً، وعلى متجر يهودي للأطعمة.
سيمثل ثلاثة متهمين طليقين قيد المراقبة القضائية فيما سيحاكم ستة آخرون غيابياً.

ويواجه 12 من المتهمين العشرين عقوبة السجن المؤبد.
وأكد وزير العدل الفرنسي إريك دوبون - موريتي الاثنين أن هذه المحاكمة «تاريخية» بعدما زار القاعة التي تتسع لـ550 مقعداً وبنيت خصيصاً للجلسات، واصفاً إياها بأنها «ماراثون قضائي».
إلى جانب حجم الملف، فإن هذه المحاكمة غير المسبوقة في المجال الإجرامي من حيث مدتها وعدد أطراف الحق المدني البالغ 1800.
يقول أرتور دينوفو الناجي من قاعة العروض باتاكلان ورئيس جمعية الضحايا «لايف فور باريس» إنه «غوص في المجهول»، مضيفاً «كيف ستسير الأمور على مدى تسعة أشهر؟».
من جهتها، تقول مديرة جمعية مساعدة الضحايا المكلفة تقديم دعم نفسي كارول دامياني إنها تلقت «العديد من الاتصالات» في الأيام الماضية، مضيفة: «نشعر بأنه هناك قلق، توتر».
إحدى اللحظات المؤثرة الأولى ستكون اعتباراً من 28 سبتمبر (أيلول) حين يبدأ نحو 300 من أقرباء الضحايا والناجين بالإدلاء بإفاداتهم.
سيتناوبون أمام المحكمة على مدى خمسة أسابيع لكي يتحدثوا عن تفاصيل ليلة الرعب تلك والندوب التي خلفتها والمآسي الشخصية التي امتزجت بالخوف الجماعي.
كانت الساعة 21:16 الجمعة 13 نوفمبر 2015 حين غرقت فرنسا في الرعب مع قيام انتحاري بتفجير نفسه قرب ملعب إستاد فرنسا خلال مباراة ودية بين منتخبي فرنسا وألمانيا.
وعلى بعد كيلومترين في قلب باريس قامت مجموعة مسلحة من ثلاثة عناصر بإطلاق النار بالأسلحة الحربية الرشاشة على شرفات مقاهٍ، فيما فتحت وحدة ثالثة من ثلاثة عناصر أيضاً النار على الجمهور داخل مسرح باتاكلان خلال حفل موسيقي.
وبعيد منتصف الليل، اقتحمت الشرطة مسرح باتاكلان، فهرب مهاجمان وبدأت عملية مطاردة استمرت خمسة أيام. وفي نهاية المطاف، قتل عبد الحميد أباعود، أحد المتطرفين الناطقين بالفرنسية في رأس قائمة المطلوبين لدى فرنسا، وشريك له في 18 نوفمبر خلال هجوم للشرطة على مبنى في سان دوني كانا يختبئان فيه.

وفيما كانت فرنسا تبكي قتلاها وتغلق حدودها وتعلن حالة الطوارئ، بدأ تحقيق متشعب على نطاق واسع، بالتعاون الوثيق مع القضاء البلجيكي.
وأتاحت أربع سنوات من التحقيقات تحديد القسم الأكبر من الجانب اللوجيستي للاعتداءات، والطريق الذي سلكته عناصر الوحدات عبر أوروبا منذ عودتهم من سوريا سالكين طرق المهاجرين، وحتى مخابئهم في شقق مستأجرة في بلجيكا وقرب باريس.
وكشف التحقيق عن خلية متطرفة أكبر خلف الاعتداءات، هي نفسها التي تقف خلف الاعتداءات على المطار وقطارات الأنفاق في بروكسل التي أوقعت 32 قتيلاً في 22 مارس (آذار) 2016.
في غياب أسامة العطار، أحد «أمراء» تنظيم «داعش» الذي يشتبه بأنه خطط للاعتداءات من سوريا، وغيره من كبار قياديي التنظيم بينهم الأخوان فابيان وجان ميشال كلين، الذين يعتقد أنهم قتلوا وتجري محاكمتهم غيابياً، ستتجه الأنظار إلى صلاح عبد السلام ومحمد عبريني، «الرجل ذو القبعة»، الذي عدل عن تفجير نفسه في مطار بروكسل.
فهل تنجح المحكمة التي لن تستجوبهم قبل عام 2022. في تبديد آخر نقاط الغموض المتبقية، بدءاً بالدور الذي لعبه فعلياً صلاح عبد السلام (31 عاماً)؟
ولزم عبد السلام الصمت أثناء التحقيق معه وتتوقع أطراف الادعاء المدني منذ الآن أن يبقى على هذا الموقف.

وحذر محاميا المتهم أوليفيا رونن ومارتان فيتس بأن «المحاكمة ستكون مشحونة بالمشاعر، لكن على القضاء أن ينأى عنها إن كان يريد أن يبقي نصب عينيه المبادئ التي تقوم عليها دولة القانون».
وأكدا: «سنسهر على عدم تحوّل هذه المحاكمة الاستثنائية إلى محاكمة استثناء».
من جهتها، قالت محامية دفاع أخرى هي ليا دورديي: «إن كان من الجوهري أن يتمكن جميع أطراف هذه المحاكمة من الكلام، إذ إن الضحايا بحاجة إلى التعبير عن معاناتهم، علينا ألا ننسى أن هذه هي بالمقام الأول محاكمة المتهمين الذين يجب الحكم عليهم بمستوى ضلوع كل منهم، وعلى ضوء مسار كل منهم وشخصيته».
وستستدعي المحكمة نحو مائة شاهد بينهم العديد من المحققين الفرنسيين والبلجيكيين والرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند.
وستكون هذه ثاني محاكمة في قضية إرهاب يتم تصويرها بالكامل لضمها إلى الأرشيف السمعي البصري للقضاء، بعد المحاكمة في الاعتداءين على شارلي إيبدو والمتجر اليهودي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.