إيجار المنازل بالسعودية يرتفع للضعف خلال 8 سنوات ويتربع ملف «التضخم»

مطالبات بتوفير آلية موحدة لضبط أسعارها وتقسيمها إلى فئات محددة

يشكل ارتفاع أعداد المواطنين الراغبين في تملك مساكنهم مقابل التضخم الكبير الذي وصلت إليه أسعار قطع الأراضي والوحدات السكنية أحد أكبر التحديات التنموية في الوقت الراهن («الشرق الأوسط»)
يشكل ارتفاع أعداد المواطنين الراغبين في تملك مساكنهم مقابل التضخم الكبير الذي وصلت إليه أسعار قطع الأراضي والوحدات السكنية أحد أكبر التحديات التنموية في الوقت الراهن («الشرق الأوسط»)
TT

إيجار المنازل بالسعودية يرتفع للضعف خلال 8 سنوات ويتربع ملف «التضخم»

يشكل ارتفاع أعداد المواطنين الراغبين في تملك مساكنهم مقابل التضخم الكبير الذي وصلت إليه أسعار قطع الأراضي والوحدات السكنية أحد أكبر التحديات التنموية في الوقت الراهن («الشرق الأوسط»)
يشكل ارتفاع أعداد المواطنين الراغبين في تملك مساكنهم مقابل التضخم الكبير الذي وصلت إليه أسعار قطع الأراضي والوحدات السكنية أحد أكبر التحديات التنموية في الوقت الراهن («الشرق الأوسط»)

دفع الاتجاه التصاعدي لأسعار إيجارات العقار في السعودية، الذي أعلنت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أنه تجاوز 97 في المائة بين عامي 2006 و2014، بمطالبات متزايدة أطلقها عدد من المهتمين في القطاع العقاري بإيجاد آليات معينة تكون مرجعا موحدا في تحديد أسعار تأجير المساكن هنا، في الوقت الذي تسود فيه العشوائية هذا القطاع المهم، الذي يعيش فوضى في تحديد الأسعار التي يغلب على فرضها المزاجية وحساب المؤجر لتكلفة الإنشاء، دون الاعتماد على أرضية معينة تكون قانونا ملزما يفرض على الجميع وفق نظام مرجعي، دون الاعتماد على قيمة العقد السابق للإيجار الذي يستطيع المؤجر تغييره فور انتهاء مدته من دون أسباب.
حيث يطالبون بقرار من شأنه إيقاف رغبة ملاك العقارات المؤجرة في سرعة استرداد تكاليف بنائهم لتلك العقارات من خلال الإيجارات التي يستقطعونها من المستأجرين والتي تشهد ارتفاعات متوالية، حيث يقترح بعض المستثمرين في السوق العقارية وضع المساكن ضمن تصنيفات معينة تحددها المنطقة، وعمر البناء والمساحة، والتجهيزات الإضافية، وهو أمر سيحد من المغالاة وتزايد الأسعار من عام لآخر، في الوقت الذي أصبح التسابق فيه على رفع الأسعار سمة رئيسية تتميز بها السوق، وأن «إيجار» لم يحرك ساكنا حتى هذه اللحظة فهو مجرد محرك بحث وليس تنافسا، كما أن غياب الجهات ذات الصلة جعل الأمر مستفحلا ومحققا للقيمة التي أعلنت.
وكشف صالح الذياب الذي يمتلك شركة للإنشاءات العقارية، أن أسعار التأجير في السوق بعيدة تماما عن الواقع، وأن ترك السوق على ما هي عليه دون تنظيم أو تقنين، يعني زيادة العبث بالأسعار، خصوصا أن السوق تشهد نموا كبيرا في حجمها باعتبارها من أقوى القطاعات الاقتصادية النامية، حيث إنه من المستغرب عدم وجود أنظمة تضبط إيقاع السوق على أوتار معينة، بحيث لا يستطيع تجاوزها، وتكون هناك عقوبة صارمة لمن يتلاعب بها، كما أن الإحصائية المعلنة في مجرد حصر ولم تكن محفزا لإصدار قرار يحد من هذا الارتفاع.
ويضيف الذياب أن المستأجر في الوقت الحالي يتضرر بشكل كبير، بسبب غياب القوانين التي يجب أن تضع العرض والطلب مؤشرا أساسيا لفرض الأسعار، مبينا أن استمرار العشوائية دون خضوع السوق لتحديد معين في القيمة، سيزيد من حدة ارتفاع الأسعار وستظل السوق تشهد ارتفاعات متوالية، رغم تصاعد حدة الغضب من ارتفاع الأسعار الحالية المفروضة في السوق، مبينا أن معظم الدول تحدد الأسعار بحسب العرض والطلب إلا هنا، فإن المزاجية والمغالاة تكون غالبا هي المؤشر الأساسي في تحديد الأسعار.
ويشكل ارتفاع أعداد المواطنين الراغبين في تملك مساكنهم، مقابل التضخم الكبير الذي وصلت إليه أسعار قطع الأراضي السكنية والوحدات السكنية بمختلف أنواعها، أحد أكبر التحديات التنموية في الوقت الراهن، رغم الركود الذي تعيشه السوق العقارية منذ الربع الأخير من العام الماضي، وما نتج عنه من تراجعٍ في نشاطها وحجم مبيعاتها، والانخفاض الطفيف في مستويات الأسعار بما لا يتجاوز 20 في المائة، مقارنة بأعلى مستوياتها التي وصلت إليها منتصف 2014، إلا أن تلك النسب من الانخفاضات لا تقارن على الإطلاق بنسب الارتفاعات الهائلة التي طرأت على أسعار الأراضي والوحدات السكنية خلال الفترة بين 2006 و2014.
وفي شأن متصل أكد محمد السعيدان المستثمر في القطاع العقاري، أن هناك تخبطا واضحا عند تحديد قيمة الإيجار، حيث إن صاحب المنشأة يقع في حيرة عند وضعه سعر التأجير، بدليل أن معظم ملاك المنشآت يقومون بتغيير أسعار التأجير من عام لآخر، وأن معظمهم يتجه إلى الارتفاع دون مبرر واضح، مما يعني أن ثقافة تحديد أرباح المنشآت غائبة تماما عند معظم العقليات الاستثمارية، وأن تحقيق العوائد بأسرع وقت هو العامل الرئيسي في تحديد الأسعار، لافتا إلى أن غياب الجهات التشريعية والرقابية دفعت بالموضوع إلى أن يشهد مستقبلا منحنيات أكثر في الارتفاعات في ظل التسيب الحاصل في تحديد القيمة الذي يحتاج لقرارات حاسمة لإعادة تهذيبه من جديد.
وحول جدوى تحديد أسعار التأجير في ضبط حالة السوق، أشار السعيدان إلى أنها مهمة جدا في فرض الأسعار عبر قانون يضبط سير السوق وينتشلها من الانفلات الحاصل في قيمتها، لافتا إلى أن هناك من يستغل غياب الرقابة ليعبث بالقطاع كيفما يشاء، ويستفيد منه دون وجه حق في ظل عدم وجود مراقب صارم يدير السوق بعقلية قانونية، وأن هناك من يفهم بشكل خاطئ خضوع السوق للنظرية الحرة التي تعتمد على العرض والطلب عند وضع السعر، كما أن تحديد السعر بحسب العقد الأخير الذي أبرم ويمنع الزيادة بعد ذلك فكرة ممتازة للسيطرة على الأسعار، خصوصا أن هناك الكثير من الدول في العالم تطبق نظام الإيجار القديم، وهو الذي يمنع على المؤجر زيادة العقد طالما أن المستأجر منتظم في السداد.
فيما وصلت مضاعفات أسعار المساكن إلى الدخل المتاح للمواطن (مقياس يستهدف التعرف على قدرة الفرد على تحمل التكاليف، حيث يبين عدد السنوات اللازمة للفرد لتملك مسكنه وفق مستوى الأسعار السائدة مقارنة بمستوى دخله دون اللجوء إلى الاقتراض) إلى أكثر من 26 عاما على مستوى المملكة، فيما تجاوز هذا المضاعف معدل 33 عاما في المدن الكبرى مقارنة بمتوسطات الأجور للعاملين فيها، ما جعله في المراكز العليا عالميا إن لم يكن الأول.
من جانبه، أبان عبد الرحمن الموسى الذي يمتلك مؤسسة للاستشارات العقارية، أن المزاجية وحساب تكلفة الإنشاء، هما المحددان الرئيسيان لوضع تسعيرة التأجير في الوقت الحالي، وهما وجهان لعملة واحدة وعاملان لا يمتان للواقعية بصلة، خصوصا أن نسبة تكلفة الإنشاء تختلف من منشأة إلى أخرى، فتجد أن بعضها يقع بجانب بعض، إلا أن فرق السعر يكون كبيرا بينهما، وذلك لأن تكلفة إنشاء المشروع أتت بسعر مرتفع، مثل بعض المنشآت الأخرى التي يضع صاحبها القيمة بحسب ما يراه مناسبا دون الاستناد إلى حسابات معينة.
وأضاف: «ما زلنا نفتقر إلى آلية محددة شاملة وواضحة لتقييد انفلات الأسعار، تكون مطبقة على الجميع دون استثناء، إذ يجب وضع قوانين تربط مكان المنشأة ومساحتها وتجهيزها بتسعيرة معينة، لا تكون محددة بمبلغ معين، بل تتأرجح بين تحديد سعرين محددين لحساب فروق التجهيزات والتشطيبات»، مضيفا أن السوق تشهد ارتفاعا في الأسعار سببه عشوائية السوق، وأن أول خطوة يجب العمل بها عند إعادة تنظيم السوق هي تحديد أسعار التأجير، معرجا على نظام «إيجار» الذي لم يحرك ساكنا منذ تطبيقه مطلع العام الحالي، مشيرا إلى أن المغالطة بشأن النظام بأنه سيحد من ارتفاع الأسعار أمر عارٍ من الصحة وأنه مجرد محرك بحث عن الوحدات العقارية.
يذكر أن السعودية تحاول منذ قرابة العقد السيطرة على أسعار العقار محليا، حيث أنشئت وزارة الإسكان لهذا الغرض ومن أجل توفير المزيد من المساكن للمواطنين، إلا أن الأسعار لا تزال تسجل ارتفاعات متوالية في قيمتها وخصوصا في أسعار التأجير التي تسجل مستويات قياسية في كل عام، تؤهلها إلى أن تحتل مراتب متقدمة من مؤشر التضخم العام في المعيشة في المملكة، التي تجاهد بشكل كبير في القضاء على الملف الأكثر تشعبا، خصوصا لدى المواطنين في دولة يسكن أكثر من نصف شعبها في منازل مستأجرة، بحسب إحصاءات رسمية نشرت في وقت سابق.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»