أكبر محاكمة لإرهابيين في تاريخ فرنسا تنطلق اليوم بباريس

كوماندوز «داعش» أوقع 130 قتيلاً و350 جريحاً في خريف 2015

استنفار أمني أمام محكمة الجنايات المتخصصة في شؤون الإرهاب بالعاصمة باريس أمس (رويترز)
استنفار أمني أمام محكمة الجنايات المتخصصة في شؤون الإرهاب بالعاصمة باريس أمس (رويترز)
TT

أكبر محاكمة لإرهابيين في تاريخ فرنسا تنطلق اليوم بباريس

استنفار أمني أمام محكمة الجنايات المتخصصة في شؤون الإرهاب بالعاصمة باريس أمس (رويترز)
استنفار أمني أمام محكمة الجنايات المتخصصة في شؤون الإرهاب بالعاصمة باريس أمس (رويترز)

من بين 20 متهماً يمثلون ابتداء من اليوم أمام محكمة الجنايات المتخصصة في شؤون الإرهاب لدورهم في المجزرة التي ضربت العاصمة الفرنسية وإحدى ضواحيها ليل الثالث عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وحده صلاح عبد السلام الناجي من مجموعة الكوماندوز المكونة من 10 أشخاص التي نفذت المجزرة التي أوقعت 130 قتيلاً، وما يزيد على 350 جريحاً. أما التسعة الآخرون، وبينهم من جاء من سوريا خصيصاً للمشاركة في العمليات بالغة التعقيد التي نظمها وتبناها تنظيم داعش في أوج تمدده الجغرافي وقوته العسكرية، فقد قتلوا إما في مواجهات مع القوى الأمنية الفرنسية أو بعمليات تفجير انتحارية.
وكان من المفترض أن يقوم صلاح عبد السلام الذي لزم الصمت طيلة فترات التحقيق التي قامت بها الأجهزة الأمنية وقضاة التحقيق بتفجير الحزام الناسف الذي كان يحمله، إلا أنه عدل عن ذلك. وفي المرات القليلة التي قبل فيها الحديث إلى المحققين منذ القبض عليه في بروكسل، بعد 4 أشهر من عمليات باريس الدامية، أعلن أنه عدل عن تفجير حزامه ورماه في مكب للقمامة في باريس. وفي المقابل، فإن الأجهزة الفرنسية التي عثرت عليه وجدت أن عيباً يعتوره، وبالتالي لم يكمن قابلاً للانفجار.
وعلى أي حال، وعلى الرغم من أن صلاح عبد السلام لم يقتل عملياً أحداً، ولم يشارك مادياً في أي من عمليات القتل الثلاثة التي جرت في قاعة باتاكلان للعروض الموسيقية، وعلى أرصفة المقاهي وسط العاصمة، وأمام الملعب الكبير الكائن في ضاحية سان دوني، فإنه سيواجه حكماً بالسجن مدى الحياة، علماً بأن فرنسا ألغت حكم الإعدام منذ ثمانينات القرن الماضي. وأبلغ التهم الموجهة إليه «المشاركة» في عمليات قتل؛ بمعنى تحميله وزر كل الذي حصل في تلك الليلة الرهيبة، والذي يعد من أكبر عمليات القتل التي عرفتها فرنسا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. بيد أن الثابت أن صلاح عبد السلام الذي تربى وشب في حي مولنبيك الشعبي في بروكسل، البالغ حالياً من العمر 31 عاماً، قد أدى دوراً رئيسياً في التحضير اللوجيستي للعمليات، مثل السفر إلى ألمانيا وهنغاريا لتهريب الإرهابيين الذين أرسلوا من سوريا والعراق من أجل التنفيذ، واستئجار السيارات والفنادق لنقل وإقامة فريق الكوماندوز، وشراء المواد التي استخدمت في تحضير المتفجرات والأحزمة الناسفة، والتواصل مع المخططين وأصحاب القرار في مدينة الرقة السورية، ونقل 3 من الإرهابيين إلى مداخل الملعب الكبير في سان دوني بالسيارة التي كان يقودها بنفسه، وتركها في أحد شوارع الدائرة الـ18 في باريس.
ولا شك أن الأنظار ستكون موجهة لصلاح عبد السلام في الأشهر التسعة التي ستستغرقها المحاكمة. ومنذ ما قبل انطلاقها ظهر اليوم في القاعة الكبرى في قصر العدل القديم، الواقع في قلب العاصمة، فإنها تُوصف بأنها محاكمة العصر، والأسباب كثيرة؛ أولها العدد الكبير من المتهمين، بينهم 6 يحاكمون غيابياً، ويظن أن غالبيتهم قد قتلوا في معارك في سوريا والعراق، وبينهم أفراد من الصف الأول أدوا أدواراً قيادية في تنظيم داعش؛ والمحققون الذين كلفوا بمهمة شاقة، وعددهم خمسة؛ ونتائج التحقيق الذي استمر 6 أعوام تتحدث عن نفسها، إذ أفضت إلى تحرير 542 مجلداً، تضم 47 ألف محضراً، ويبلغ ارتفاعها 53 متراً. كذلك، فإن المحاكمة التي ستسجل وقائعها «للتاريخ» ستتواصل طيلة 140 يوماً، ولن تنتهي إلا في الربيع المقبل.
ولم يحصل في تاريخ القضاء الفرنسي أن تم تصوير الجلسات كافة لأهميتها التاريخية إلا في مناسبتين: محاكمة النازي كلاوس باربي في عام 1987، ومحاكمة بول توفيه في عام 1994. والأخير كان موظفاً رفيعاً في الإدارة الفرنسية تعاون بشكل وثيق مع الألمان خلال احتلالهم لفرنسا.
وتتشكل المحكمة الخاصة من 5 قضاة، برئاسة القاضي جان لويس بيريس، فيما يمثل النيابة العامة 3 مدعين عامين متخصصين في شؤون الإرهاب. وفيما تشهد المحاكمة أكبر تجمع للمحامين الذين يبلغ عددهم 330 محامياً، يتجاوز عدد الشهود الـ1800 شاهد، والحضور نحو 3 آلاف شخص. وفي الأسابيع الأخيرة، سجلت دوائر بقصر العدل 141 طلب اعتماد لوسائل إعلامية دولية، ناهيك من وسائل الإعلام الفرنسية التي ستكون حاضرة كلها في هذه المناسبة الاستثنائية.
تجدر الإشارة إلى أن المنصات الإعلامية الفرنسية كافة خصصت مساحات واسعة للحديث عن المحاكمة، مستعيدة ظروف المقتلة، ساعية إلى تحديد دور كل طرف شارك فيها، فضلاً عن الاستماع لمئات الشهادات من الأشخاص الذين عايشوها أو تأثروا بها. ومن المنتظر أن يتم الاستماع للشهود حتى نهاية العام الحالي، وربما حتى بداية عام 2022، قبل البدء باستجواب الأشخاص الموجودين في قفص الاتهام.
ومن بين الشهود الرئيس السابق فرنسوا هولاند الذي كان رئيساً للجمهورية في تلكم الفترة، بل كان حاضراً في الملعب الكبير بمناسبة مباراة كرة القدم بين الفريقين الفرنسي والألماني، وتم إبلاغه بحصول التفجيرين الانتحاريين أمام مداخل الملعب الكبير، وبما وقع في العاصمة، إلا أنه طلب الاستمرار في المباراة لأن وقفها كان سيثير حالة من الهلع، ما كان سيتسبب بكثير من الضحايا.
كذلك سيدلي وزير الداخلية وقتها برنار كازنوف، ومدير جهاز المخابرات الداخلية برنار باجوليه، ومدعي عام باريس السابق مولينس، بشهاداتهم. وفي سابقة من نوعها، سيتم الاستماع لشهادات مجموعة من المنتمين لـ«داعش»، وهم سجناء حالياً، لعلاقتهم بعبد الحميد أبا عود الذي يعد قائد مجموعة الكوماندوز التي نفذت مجزرة باريس وسان دوني.
وعمدت مديرية الشرطة في باريس إلى اتخاذ أقصى التدابير الأمنية المحيطة بقصر العدل، حيث ستقفل بعض الشوارع ومحطات المترو، وتكثف الدوريات حول مقر المحاكمة. وفي الداخل، تم تجهيز أكبر قاعة ممكنة في قصر العدل القديم لاستيعاب المحاكمة، واستغرق الإعداد لها سنتين، فيما جهزت صالات جانبية للشهود والحضور والصحافة، وسيتم نقل الوقائع مباشرة بالصوت والصورة إليها.
وتعد هذه المحاكمة خارجة عن المألوف أيضاً بسبب وقعها النفسي ومدتها. ويشكل إجراء محاكمة بهذا الحجم، وإتمامها خلال المهلة المحددة في 25 مايو (أيار) 2022، تحدياً فريداً للقضاء الفرنسي، لا سيما في ظل تفشي وباء «كوفيد - 19»، وفي وقت لا يزال فيه الخطر الإرهابي مرتفعاً.
وما زالت ذكرى المجزرة مطبوعة في أذهان الفرنسيين. ففي 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، بعيد الساعة العاشرة ليلاً، قام انتحاري بتفجير نفسه قرب الملعب الكبير. وعلى بعد كيلومترين في قلب باريس، قامت مجموعة مسلحة مكونة من 3 عناصر بإطلاق النار بالأسلحة الحربية الرشاشة على أرصفة مقاهٍ، فيما فتحت وحدة ثالثة مكونة من 3 عناصر أيضاً النار على الجمهور داخل مسرح باتاكلان خلال حفل موسيقي. وكانت نتيجة ذلك مشاهد رعب لا تحتمل، سقط نتيجتها 130 قتيلاً، وأكثر من 350 جريحاً. وقتل في الليلة نفسها 7 مهاجمين، إما برصاص رجال الأمن أو بتفجيرات انتحارية، وقتل اثنان (أبا عود وإرهابي آخر) بعد 4 أيام، فيما فر صلاح عبد السلام إلى بلجيكا صبيحة اليوم التالي، وألقي القبض عليه بعد 4 أشهر في بروكسل. وكشف التحقيق وجود خلية متطرفة أكبر تقف خلف الاعتداءات، هي نفسها التي نفذت الاعتداءات على المطار وقطارات الأنفاق في بروكسل التي أوقعت 32 قتيلاً في 22 مارس (آذار) 2016.
بيد أن المحاكمة ستحصل في غياب أسامة العطار، أحد «أمراء» تنظيم داعش الذي يشتبه بأنه خطط للاعتداءات من سوريا، وغيره من كبار قياديي التنظيم، بينهم الأخوان فابيان وجان ميشال كلين، الذين يعتقد أنهم قتلوا، وتجري محاكمتهم غيابياً، وستتجه الأنظار بالطبع إلى صلاح عبد السلام، ولكن أيضاً إلى محمد عبريني، القريب من الأول، والذي كان رفيق دربه في الإعداد لتفجيرات باريس. والاثنان عدلا عن تفجير نفسيهما؛ الأول في باريس والثاني في مطار بروكسل.



إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)
إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)
TT

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)
إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مقترحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاماً، وتغريم المنصات بما يصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (32 مليون دولار) بسبب الخروقات النظامية.

وطرحت الحكومة الأسترالية المنتمية ليسار الوسط مشروع القانون في البرلمان، أمس (الخميس)، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وتخطط الحكومة لتجربة نظام للتحقق من العمر للسماح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في أحد أكثر الضوابط صرامة تفرضها دولة حتى الآن.

وقال ماسك، الذي يُعدّ نفسه مدافعاً عن حرية التعبير، رداً على منشور رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي على منصة «إكس»: «تبدو كأنها وسيلة غير مباشرة للتحكم في اتصال جميع الأستراليين بالإنترنت».

وتعهَّدت عدة دول بالفعل بالحد من استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي من خلال تشريعات، لكن سياسة أستراليا واحدة من أكثر السياسات صرامة، ولا تشمل استثناء بالحصول على موافقة الوالدين أو باستخدام حسابات موجودة سلفاً.

واصطدم ماسك سابقاً مع الحكومة الأسترالية بشأن سياساتها الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي ووصفها بأنها «فاشية» بسبب قانون المعلومات المضللة.