القلق يساور عائلات المعتقلين الفلسطينيين الستة الفارين من سجن إسرائيلي

أفراد عائلة أيهم كمنجي أحد ستة سجناء فلسطينيين فروا من سجن جلبوع الإسرائيلي (أ.ف.ب)
أفراد عائلة أيهم كمنجي أحد ستة سجناء فلسطينيين فروا من سجن جلبوع الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

القلق يساور عائلات المعتقلين الفلسطينيين الستة الفارين من سجن إسرائيلي

أفراد عائلة أيهم كمنجي أحد ستة سجناء فلسطينيين فروا من سجن جلبوع الإسرائيلي (أ.ف.ب)
أفراد عائلة أيهم كمنجي أحد ستة سجناء فلسطينيين فروا من سجن جلبوع الإسرائيلي (أ.ف.ب)

يساور القلق والترقب أهالي الفلسطينيين الستة الذين فروا، فجر أمس (الاثنين)، من أحد السجون الإسرائيلية حول مصير أبنائهم بعد أكثر من 24 ساعة على العملية التي دفعت الدولة العبرية إلى تنفيذ عملية مطاردة واسعة.
وكان الستة معتقلين أمنيين في سجن جلبوع (شمال إسرائيل)، حيث يمضي 4 منهم أحكاماً بالسجن مدى الحياة، بينما اثنان موقوفان إلى حين النطق بالحكم، ونسبت للستة تهم تتعلق بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وفر الستة عبر حفرة أحدثوها أسفل مغسلة في حمام إحدى الزنزانات في سجن جلبوع، أفضت بهم إلى مخرج نفق صغير اكتشفه عناصر الشرطة والحراس في وقت لاحق صباح الاثنين.
ومن بين الفارين زكريا الزبيدي القائد السابق في «كتائب شهداء الأقصى»، الجناح العسكري لحركة فتح، بينما ينتمي الخمسة الآخرون إلى حركة الجهاد الإسلامي.
وفي منزل عائلة الزبيدي، في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، تسمر إخوة زكريا وهم يحتسون القهوة وينفثون دخان السجائر، وأقاربه أمام شاشة التلفزيون يتابعون الأخبار، وقال عمه جمال الزبيدي: «سمعنا بالخبر من وسائل التواصل الاجتماعي و(فيسبوك)».
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنا فرحين جداً، فرح مع قلق حول مصير زكريا والشبان الذين معه»، وتابع: «لكن الحمد لله حتى الآن الأخبار جيدة».
وأعيد اعتقال الزبيدي (46 عاماً) في عام 2019، بعد أن قالت إسرائيل إنه أخل باتفاق تعهد به في عام 2007، يقضي بتخليه عن سلاحه مقابل موافقة الدولة العبرية على شطب اسمه من قائمة النشطاء المطلوبين لديها.
وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي إن الزبيدي الذي برز دوره خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية بين عامي 2000 و2005، انتهك الاتفاق، وكان ضالعاً في هجمات عدة بالرصاص بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 ويناير (كانون الثاني) 2019.
واتهم الزبيدي بالشروع في قتل محافظ جنين قدورة موسى، الذي قضى بنوبة قلبية، قبل أن تمنحه محكمة بداية رام الله حكماً بالبراءة.
وفي قرية كفر دان (شمال غربي جنين)، كان الشبان ينقلون إطاراً كبيراً باللون الذهبي علقت صورة أيهم كمنجي (35 عاماً) داخله.
وقال والده فؤاد كمنجي: «تلقينا الخبر بالأمس الساعة السابعة صباحاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتلفزيون»، وأضاف: «كان الخبر صدمة، آمل من رب العالمين أن يبقيه حياً، ويمد في عمره، ويتنسم الحرية مع كل الشباب».
وبحسب الأب: «استدعونا (الجانب الإسرائيلي) لمقابلة، وسألونا ماذا دار من حديث بيني وبينه (أيهم) في آخر زيارة». واعتقل كمنجي في عام 2006، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة اختطاف وقتل المستوطن الإسرائيلي إلياهو أشيري.
وبحسب حركة الجهاد الإسلامي التي ينتمي إليها كمنجي، فإنه عانى من مرض في البطن والأمعاء، وتعرض لـ«الإهمال الطبي» من مصلحة السجون الإسرائيلية.
ولم يلاحظ مراسل وكالة الصحافة الفرنسية نشاطاً أمنياً إسرائيلياً، اليوم (الثلاثاء)، في جنين، لكن العائلات تترقب أي خبر عن الستة الفارين.
ومساء الاثنين، نظمت مسيرة رفعت خلالها ملصقات تحمل صور الفارين الستة، وكتب على إحداها: «الهروب الثاني الكبير». وفي إسرائيل، تستمر اليوم دوامة الأسئلة حول طريقة تمكن الستة من الفرار من سجن إسرائيلي شديد الحراسة، من دون رصدهم أو معرفة وجهتهم، فيما لم تقدم قوات الأمن إجابات واضحة عن العملية بعد.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.