بين نشر مخططات البناء الخاصة بالسجن على الإنترنت والحراس الذين لم يلاحظوا عملية الحفر التي حدثت أمامهم وبرج المراقبة الذي يديره جنود نائمون، تمكّن ستة أسرى فلسطينيين من الهرب من سجن «جلبوع» الإسرائيلي. وتعتبر هذه العوامل جزءاً من الأخطاء الفادحة والإغفالات التي ساعدتهم على الخروج من أحد أكثر السجون تحصيناً في إسرائيل في الساعات الأولى من صباح أمس (الاثنين)، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
وكشفت تقارير وسائل الإعلام العبرية بالتفاصيل، عن قائمة خاصة بالأدلة التي تتحدث عن الفوضى، حيث تعهدت السلطات بالعثور على السجناء وإصلاح الثغرات التي أدت إلى نجاح هذه العملية.
وذكرت «القناة 12» الإسرائيلية، أن أكبر سجناء المجموعة، زكريا الزبيدي، طلب قبل يوم من الهرب، نقله إلى الزنزانة التي يوجد بها السجناء الخمسة الآخرون، مضيفة أنه تم قبول الطلب دون أن يشعرهم ذلك بأي خطر. وعادةً ما تفصل مصلحة السجون الإسرائيلية بين السجناء على أساس انتماءاتهم، لكن إسرائيل لم يكن لديها أي معلومات استخبارية عن مخطط الفرار هذا.
كان الزبيدي، وهو قائد سابق في جماعة «كتائب شهداء الأقصى» التابعة لـ«فتح»، والذي أعيد اعتقاله في عام 2019، في السجن أثناء محاكمته بسبب العديد من الجرائم المزعومة. وينتمي باقي الأسرى إلى «حركة الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، مع أربعة منهم يواجهون عقوبة السجن مدى الحياة لصلتهم بهجمات ضد إسرائيليين.
وقالت «القناة 12»، إن الزنزانة التي نُقل إليها الزبيدي كانت مسرحاً لأعمال تنقيب خلسة لأسابيع أو أشهر، حيث حفر النزلاء حفرة في الحمام وأخفوها تحت لوح الأرضية. وبحسب أحد المواقع، فقد استمرت الاستعدادات لمدة عام تقريباً.
ولم يضطر السجناء إلى الحفر بعيداً تحت الأرض، حيث إن السجن مدعوم بركائز متينة زحفوا تحتها حتى وصلوا إلى منطقة خلف السياج. ومن هناك زحفوا من تحت حفرة.
وكان سجن «جلبوع» موقعاً لمحاولة هرب في عام 2014، عندما اكتشف حراس السجن نفقاً تم حفره تحت الحمام. وكان السجناء الثمانية المشتبه في تعاونهم في النفق أعضاء في «حركة الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، وكانوا يتشاركون في الزنزانة والحمام. كشف حراس السجن النفق بعد تحقيق مكثف وقبل أن يحاول السجناء الهرب.
على ما يبدو، فشلت إدارة السجون في تغيير ممارساتها التشغيلية بعد تلك المحاولة لمنع وقوع حادث مماثل. أفادت «والا» الإخبارية، بأن ثلاثة من الفارين متورطون في محاولة الهرب السابقة. بشكل لا يصدق، كان لا يزال يُسمح لهم بمشاركة الزنزانة نفسها.
ذكرت وسائل الإعلام العبرية، أن مخطط بناء سجن «جلبوع» كان متاحاً على الإنترنت على الموقع الإلكتروني للشركة المعمارية التي صممت السجن.
وقالت، إن الفتحة التي خرجت منها المجموعة خارج السجن كانت أسفل برج مراقبة مباشرة، لكن الحراس هناك كانوا غارقين في النوم ولم يلاحظوا السجناء وهم يفرون.
وأوضح وزير الأمن العام، عمر بارليف، أن التخطيط المكثف ظهر في عملية الهرب، وأن السجناء على الأرجح تلقوا «مساعدة خارجية».
ويعتقد المحققون أنه بعد الخروج من تحت الأرض، غيرت المجموعة ملابسها بسرعة قبل أن تنطلق وتركض مسافة ثلاثة كيلومترات (1.9 ميل) بعيداً عن السجن، حيث كانت تنتظرهم سيارة. ذكرت «القناة 12»، أن المجموعة انشقت هناك، حيث لم يدخل جميع السجناء السيارة.
ولم يتضح إلى أين ذهبت السيارة، رغم أنه يعتقد أن بعض المشتبه بهم على الأقل قد هربوا إلى جنين.
في مرحلة ما قبل وصول المشتبه بهم إلى السيارة، شاهد سائق سيارة أجرة بعضهم على الأقل في محطة وقود قريبة واتصل بالشرطة.
في تسجيل المكالمة الساعة 2:15 صباحا التي استردتها وسائل الإعلام العبرية، يمكن سماع الرجل وهو يقول «لقد رأيت هنا للتو نحو ثلاثة رجال ملثمين أو نحو ذلك يحملون حقائب يعبرون بسرعة الطريق المقابل للسجن».
وسرعان ما نقل نائب قائد شرطة بيت شيعان هذا الأمر إلى سلطات سجن «جلبوع»، ولكن لم يتم الكشف إلا بعد مرور أكثر من ساعة على أن سلطات السجن أبلغت عن اختفاء بعض السجناء. قالت في البداية، إن ثلاثة سجناء هم في عداد المفقودين، وبعد ذلك اعترفت بأن العدد الحقيقي هو ستة.
ومن المحتمل أن يتطلب الهرب استخدام الهواتف الجوالة المهربة، وهو تحدٍ مستمر لحراس السجون الإسرائيليين.
في وقت سابق من هذا العام، قام السجن بتركيب نظام لمنع استخدام الهواتف المهربة من قِبل السجناء، لكن لم يتم تفعيله أبداً، حسبما ذكرت «القناة 12». من المحتمل أن يكون قد تم إيقافه لأن البعض يخشى أن يؤدي التشويش على المكالمات إلى احتجاجات وإضراب عن الطعام من قبل السجناء، مما قد يُغضب الفلسطينيين.
وقال مسؤولون أمنيون لـ«القناة 12»، إن الهرب يعتبر نجاحاً رمزياً للغاية للفلسطينيين الذين يحتفلون فيه بفرح، لا سيما في مخيم جنين للاجئين، المنطقة التي يأتي منها السجناء الستة، حيث تم توزيع حلويات الاحتفال صباح أمس.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1435220304163491841?s=20