«حزب الله» يستبق وصول النفط الإيراني بلقاءات لتنظيم توزيعه شرق لبنان

تشكيك سياسي بالأهداف... وحزب «القوات» يتحدث عن «استعراض»

زحمة سير عند محطة لتوزيع المحروقات على الطريق السريع بين بيروت وجنوب لبنان يوم الجمعة (أ.ب)
زحمة سير عند محطة لتوزيع المحروقات على الطريق السريع بين بيروت وجنوب لبنان يوم الجمعة (أ.ب)
TT

«حزب الله» يستبق وصول النفط الإيراني بلقاءات لتنظيم توزيعه شرق لبنان

زحمة سير عند محطة لتوزيع المحروقات على الطريق السريع بين بيروت وجنوب لبنان يوم الجمعة (أ.ب)
زحمة سير عند محطة لتوزيع المحروقات على الطريق السريع بين بيروت وجنوب لبنان يوم الجمعة (أ.ب)

استبق «حزب الله» اللبناني وصول صهاريج المازوت الإيرانية التي ينوي استيرادها إلى لبنان عبر سوريا، باجتماعات ولقاءات مع فعاليات بعلبك في شرق لبنان لتنظيم عملية التوزيع، وسط تشكيك من قبل خصوم الحزب بأهدافها، إذ ينظرون إليها على أنها «سياسية»، و«استعراض لا ينهي أزمة بيئة الحزب» على ضوء الحاجة المتنامية للمحروقات.
والتقى مسؤولون عن «حزب الله» بمزارعين في البقاع، ووعدهم بتوزيع المازوت عليهم ليتمكنوا من ري بساتينهم، وأعدوا قوائم بالراغبين بشراء هذا المازوت. ولم يتبلغ أهالي بعلبك أي موعد محدد لوصول المازوت الإيراني، لكن مسؤولين في الحزب أبلغوهم بأن توزيع المحروقات سيكون أواخر الأسبوع الحالي، بحسب ما قال بعض الأهالي الذين سألتهم «الشرق الأوسط».
وقال هؤلاء إن مسؤولين في الحزب أكدوا أن التوزيع سيكون ضمن آليات محددة سيتم إبلاغهم بها، وأن عليهم تسجيل أسمائهم ضمن قوائم الراغبين بالحصول على المازوت تحضيراً لتوزيعه عليهم.
ولم يكشف «حزب الله» عن آليات توزيع المحروقات وبيعها للسكان في لبنان، منذ إعلان أمينه العام حسن نصر الله عن أن الحزب قرر استيراد المحروقات من إيران، ويتكتم الحزب عن موعد وصول المحروقات وطريقة استيراده، رغم أن المعلومات التي نُشرت في الأسبوع الماضي تؤكد أن النفط الإيراني لن يتم تفريغه على الشواطئ اللبنانية، وسيتم نقله إلى سوريا بحراً وبعد ذلك إلى لبنان بالصهاريج عبر الطرقات البرية.
واستعداداً لوصول المحروقات، عملت روابط القرى والبلدات على تحضير إحصاءات واطلعت على حاجات المولدات والأراضي الزراعية، ونظمت للغاية جداول إحصائية بالحاجات. ولهذا الغرض، جال قياديون في الحزب على المزارعين الذين يشكون من يباس بساتينهم، وأكدوا لهم أنهم سيوزعون المازوت عليهم لتوليد محطات ضخ المياه بهدف ري بساتينهم، وطلبوا منهم تسجيل أسمائهم لدى المسؤولين عن الملف في القرى والبلدات البقاعية.
وتلاقي الخطوة تشكيكاً بأهدافها من قوى سياسية لبنانية، فقد أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب بكر الحجيري أن «احتياجات لبنان أكبر من البواخر التي ينوي حزب الله استيرادها»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «لبنان دولة وما يحتاجه هو الاستمرارية وليس مجرد عدة بواخر ستصل إلى لبنان»، واضعاً المازوت الإيراني في خانة «العمل السياسي رغم أن الشعب اللبناني متعطش لأي مساعدة».
وأكد الحجيري أن «لبنان بحاجة لحكومة ودولة تحمي ناسه وشعبه وتؤمن استمراريته»، مضيفاً: «المسألة ليست المازوت فقط». وأشار إلى أن «لبنان له ارتباطات دولية وهو سبق أن وقّع على اتفاقيات دولية، ما يجعل استيراد النفط الإيراني ينطوي على مخاطر تؤثر على علاقات لبنان الدولية كونه يستورد النفط من قطاع فرضت عليه عقوبات». وقال: «لذلك، المازوت غير شرعي لأنه يناقض الاتفاقيات اللبنانية وخرق للعقوبات المفروضة على قطاع النفط الإيراني».
كذلك، طرح عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب طوني حبشي عدة أسئلة، أبرزها: «هل الباخرة الإيرانية تحل مشكلة لبنان؟»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها «لا تحل المشكلة بدليل أن نصر الله قال إننا لا نعالج أزمة لكن نرى كيف نخففها». كما سأل: «هل تحل أزمة بيئة حزب الله ولمن ستوزع؟ وما هي المقاييس؟».
وقال حبشي: «طالما أن المحروقات ستدخل إلى سوريا في إطار العقوبات، فلماذا الضجة الإعلامية إذن؟ وهل كانت تحتاج هذه الضجة طالما أن الحزب يمتلك طرقات معبدة لنقل السلاح والمحروقات والعناصر؟». وأضاف: «من أجل ذلك، نصل إلى استنتاج بأن الباخرة لا علاقة لها بلبنان وحل مشاكله، بل يستخدم الحزب هذا الملف كورقة ضغط في التفاوض الإيراني والأميركي».
إلى ذلك، بدأت اجتماعات تنسيقية عقدتها فعاليات في البقاع في شرق لبنان لتنظيم عملية توزيع المحروقات، من غير الجزم ما إذا كانت عملية التنظيم للنفط الإيراني أو سواه. وعقد اجتماع أمس في مبنى بلدية بعلبك ضم رئيس بعلبك فؤاد بلوق، ورئيس اتحاد بلديات بعلبك علي ياغي ومخاتير المدينة، تباحث المجتمعون بأسباب الأزمة الخانقة التي تمر بها منطقة بعلبك نتيجة أزمة المحروقات. وإذ تطرق رئيس بلدية بعلبك إلى أزمة الكهرباء عبر المولدات، لجهة أن بعض أصحاب المولدات يرفعون تكلفة الاشتراك نتيجة الجشع، أكد: «إننا قريباً سنؤمن المازوت لكل المولدات وللمستشفيات والأفران». وأكد دبوق أن هناك دوراً ستقوم به البلدية يقضي بتحديد دوام رسمي يجب أن تلتزم به البلدية التي تتسلم المحروقات.
كما قال رئيس اتحاد بلديات بعلبك علي ياغي إن الاتحاد «سيعمل على تطبيق تعاميم محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر على أن تفتح المحطات بوقت واحد تلافياً للازدحام والمشاكل، وطلب من المواطنين تسهيل العمل والحد من الازدحام قدر الإمكان.
وتأتي استعدادات الحزب لتسويق المازوت قبل وصوله في البقاع، عشية الاجتماع الرباعي في عمّان لاستجرار الكهرباء الأردنية بالغاز المصري عبر سوريا من دمشق غداً الأربعاء. ويزور وفد لبناني الأردن للبحث في الخطوات اللازمة لتفعيل الاتفاقات بين الدول على تمرير الغاز والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان عبر سوريا. وقالت قناة «المملكة» الأردنية إنّ الأردن سيستضيف الأربعاء هذا اللقاء بدعوة من وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي، وسيكون على مستوى وزراء البترول والثروة المعدنية في مصر، النفط والثروة المعدنية في سوريا، الطاقة والمياه في لبنان، للبحث في سبل تعزيز التعاون لإيصال الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.