مجموعة السبع تدعو الرئيس التونسي إلى العودة للنظام الدستوري

TT
20

مجموعة السبع تدعو الرئيس التونسي إلى العودة للنظام الدستوري

دعا سفراء مجموعة الدول السبع الكبرى أمس الرئيس التونسي، قيس سعيد، إلى تعيين رئيس جديد للحكومة على وجه السرعة، والعودة للنظام الدستوري الذي يلعب فيه البرلمان المنتخب دوراً كبيراً.
ويمثل البيان، الذي نشرته السفارة البريطانية على وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح تعبير علني عن الشعور بعدم الارتياح لدى ديمقراطيات كبيرة، منذ أن أحكم الرئيس سعيد قبضته على سلطات الحكم في يوليو (تموز) الماضي، في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب.
وقال البيان: «نؤكد على الحاجة الماسة لتعيين رئيس حكومة جديد حتى يتسنى تشكيل حكومة مقتدرة، تستطيع معالجة الأزمات الراهنة التي تواجه تونس».
وأضاف بيان مجموعة السبع أن تعيين رئيس وزراء جديد «من شأنه أن يفسح المجال لحوار شامل حول الإصلاحات الدستورية والانتخابية المقترحة»، موضحاً أن القيم الديمقراطية «ستظل محورية في علاقاتنا المستمرة» بتونس.
كما جددت عدة أحزاب تونسية مطلبها إلى الرئيس قيس سعيد بإنهاء التدابير الاستثنائية، والعودة إلى المسار الديمقراطي الطبيعي، من خلال رفع تجميد عمل البرلمان، وتشكيل حكومة شرعية تعالج أولويات التونسيين، وإطلاق حوار لإصلاح النظام السياسي والقانون الانتخابي.
ودعت حركة النهضة، التي حملها معارضوها مسؤولية فشل المسارات السياسية والاقتصادية، إلى رفع الحصار عن مقري البرلمان والحكومة، وإنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية، وذلك خلال اجتماع لمكتبها التنفيذي أمس. وأدان أعضاء المكتب التنفيذي، الذي ترأسه رئيس الحركة راشد الغنوشي، ما اعتبروه «اعتداءات فعلية ورمزية على بعض مؤسسات الدولة، والهيئات الدستورية، والنيل من السلطة القضائية، والاعتداء على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتزايد حملات التحريض والتهديد والتشويه، التي أصبحت تمارس بشكل واسع في الإعلام وفي شبكات التواصل الاجتماعي».
كما استنكرت حركة النهضة ما يتعرض له العديد من التونسيين من «اعتداءات على حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم، بناء على تعليمات خارجة عن القانون ومخالفة للدستور، ومن ذلك إحالة مدنيين على محاكم عسكرية، وفرض الإقامة الإجبارية على آخرين، ومنع كثير من نواب البرلمان ورجال الأعمال، ومسؤولين بالدولة، وغيرهم من المواطنين من مغادرة البلاد، بناء على صفاتهم، وليس وفقاً لقرارات قضائية، إلى جانب الاعتداء على إعلاميين أثناء أدائهم لمهامهم، وترويع متكرر لعائلات نواب مطلوبين للعدالة»، على حد تعبيرها.
في السياق ذاته، طالب محسن النابتي، المتحدث باسم حزب التيار الشعبي (قومي)، رئيس الجمهورية بتقديم «رؤية واضحة وشاملة، ترتكز على تلبية مجموعة من المطالب التي نادى بها التونسيون، ودعموه لأجلها في قراراته التي اتخذها في 25 من يوليو (تموز) الماضي. وقال النابتي إن التدابير الاستثنائية التي أقرها سعيد «مثلت استجابة جزئية فقط لمطالب الشارع التونسي، بعد أن تمسكت بحل البرلمان، ومحاسبة رموز منظومة الحكم السابقة، ومحاربة عصابات المفسدين، وهي إجراءات باركها الكثير من التونسيين. لكنهم اليوم وبعد مرور أكثر من 43 يوماً أصبحوا يطالبون باستكمال عمليات الإصلاح السياسي».
وأكد النابتي على «ضرورة تشكيل حكومة انتقالية، وإقرار إجراءات اقتصادية سيادية، مع تغيير النظام السياسي، وتنقيح القانون الانتخابي، والرجوع للشعب عبر الاستفتاء لدعم عمليات الإصلاح التي يقودها قيس سعيد».
على صعيد متصل، قلل الكثير من مؤيدي التدابير الاستثنائية، التي اتخذها الرئيس سعيد من أهمية زيارة الوفد الأميركي إلى تونس العاصمة قبل يومين، وقالت إنها «لن تكون مؤثرة في القرار الوطني». وفي هذا السياق، قال طارق الكحلاوي، الناشط السياسي اليساري، إن ما يمكن استخلاصه من زيارة السيناتور مورفي هو عدم اتخاذ موقف مما يقع في تونس، وتجنب الظهور في موقع الحكم، أو المتدخل في الشأن المحلي، خاصة بعد أن أعلن كل من حزب حركة الشعب والدستوري الحر واتحاد الشغل (نقابة العمال) مقاطعة هذه الزيارة. وتوقع الكحلاوي ألا يكون لهذه الزيارة أثر حاسم في موقف الإدارة الأميركية مما يحدث في تونس.
في السياق ذاته، أكد عبد اللطيف المكي، القيادي بحركة النهضة، إن «القول برفض التدخلات الخارجية صحيح ومن أبجديات السيادة الوطنية. لكن يبقى من غير ذي مصداقية ما لم يبحث أصحابه عن حلول داخلية للمشاكل العالقة». معتبراً أن الإملاءت لن تنجح في توحيد الصف الوطني.
من ناحية أخرى، تجمع أمس عدد من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل وسط العاصمة، رافعين شعار «إلى السيد رئيس الجمهورية قيس سعيد... نريد جرعة انتداب، نخبة الوطن تحتضر، طبق القانون 38» لسنة 2020، الخاص بتشغيل من طالت بطالتهم أكثر من 10 سنوات.
وقالت آمال العماري، منسقة العاطلين عن العمل بولاية قابس (جنوب شرقي)، إن العاطلين «كانوا ينتظرون تعاطياً إيجابياً مع هذا الملف بعد 25 يوليو (تموز) الماضي، وتفعيل القانون وهو ما لم يحدث». وتابعت متسائلة: «رسالتنا موجهة إلى رئيس الجمهورية الماسك بزمام الدولة التونسية، ما هو تصورك، وما هي خطة الطريق لديك لقانون 38 وملف التشغيل؟».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.