السعودية تؤسس لبيئة إبداعية تُتيح للمواهب ممارسة الفنون البصرية

ضمن استراتيجية شاملة لتطوير القطاع بـ12 برنامجاً و43 مبادرة نوعيّة

استراتيجية هيئة الفنون البصرية ترسم الطريق نحو تطوير القطاع والنهوض به (وزارة الثقافة السعودية)
استراتيجية هيئة الفنون البصرية ترسم الطريق نحو تطوير القطاع والنهوض به (وزارة الثقافة السعودية)
TT

السعودية تؤسس لبيئة إبداعية تُتيح للمواهب ممارسة الفنون البصرية

استراتيجية هيئة الفنون البصرية ترسم الطريق نحو تطوير القطاع والنهوض به (وزارة الثقافة السعودية)
استراتيجية هيئة الفنون البصرية ترسم الطريق نحو تطوير القطاع والنهوض به (وزارة الثقافة السعودية)

تسعى وزارة الثقافة السعودية إلى تأسيس بيئة فنية إبداعية تُتيح للمواهب ممارسة الفنون البصرية بمختلف قوالبها، من خلال تصميم إطار شامل يضمن خدمة وتمكين المجتمع الفني بالمملكة.
يأتي ذلك ضمن الاستراتيجية الشاملة لهيئة الفنون البصرية التي أطلقتها اليوم (الاثنين) لترسم الطريق نحو تطوير القطاع ودعم ممارسيه من المواهب والشركاء والمستثمرين، بما يتواءم مع رؤية وتوجهات الوزارة، ويحقق أهداف «رؤية 2030» في جوانبها الثقافية.
وأكدت الهيئة أن قطاع الفنون البصرية السعودي يملك مواهب استثنائية من الروّاد والشباب، ودور الاستراتيجية هو توفير البيئة الممكنة لنشاط هذه المواهب عبر برامج ومبادرات نوعيّة، مشيرة إلى سعيها لتهيئة القطاع ليكون مُشعّاً بالإلهام والتجارب، وممكّناً للإنتاج والاستدامة، وذلك عبر دعم استحداث فرص التعليم والتعاون بين المواهب، وتمكين أصحاب المصلحة، وتعزيز التواصل مع الجمهور من خلال أنشطة مجتمعية متنوعة، تشمل مختلف مجالات القطاع، والتي تتمثل في: الفن التشكيلي والرسم، والتصوير الفوتوغرافي، والأعمال التركيبية، والنحت، وفن الخط، والفنون الرقمية والفيديو، وفن الوسائط المتعددة، وغيرها.
وتهدف لأن تكون السعودية مركزاً إقليمياً للفنون البصرية، يسعى إلى تشجيع المجتمع المحلي على تذوق الفن والاحتفاء به، وتوفير فرص فريدة لنمو المواهب المحلية، وتمكين الممارسين على مستوى عالمي بروح وطنية، فيما تندرج الاستراتيجية حول ثلاثة محاور؛ هي: الفنون البصرية وسيلة للتعبير المجتمعي والتفاعلي، وأداة للحوار والمشاركة، ومُحركاً للاقتصاد الإبداعي.
وبحسب الاستراتيجية، ستعمل الهيئة على تنفيذ 12 برنامجاً تغطي المسارات التي يتطلبها مشروع تطوير القطاع والنهوض به، وهي: تعليم الفنون البصرية، تنمية مواهب المنظومة الفنية ودعمهم في مسيرتهم المهنية، ودعم الوصول للموارد المرجعية ومصادر الإلهام المحلية والعالمية، وإتاحة فرص الوصول إلى مصادر الإنتاج، والربط بالمصادر والخدمات المعرفية، ودعم التمثيل الفني وصالات العرض وشركات المزاد، ورعاية الفعاليات، وتاريخ الفنون في المملكة وشمولية التواصل، ومشاركة المجتمع المحلي، ومشاركة الممارسين الفنيين والمشاركة الدولية، وتمويل الفنون وتحفيز الطلب عليها، ودعم وتحسين حقوق الفنانين المهنية.
وتندرج تحت هذه البرامج 43 مبادرة داعمة للقطاع، منها: دعم تحسين مناهج تعليم الفنون البصرية من صفوف الروضة حتى الصف الثالث الثانوي بالتعاون مع الجهات المعنية، ومبادرة اكتشاف المواهب الناشئة، والتوجيه والإرشاد المهني، وإمكانية الوصول إلى الموارد المرجعية، وبرامج الإقامة الفنية، ومختبر التعاون والتجارب الفنية، ودعم الأستوديوهات والمساحات المخصصة للإنتاج، ودعم تطوير صالات العرض المحلية، والفن في الأماكن العامة، وتاريخ الفنون السعودية ودعم توثيق المحتوى، والبرامج الفنية المجتمعية، وغيرها من المبادرات التي توفّر أساساً لِحراك إبداعي متنامٍ ومستدام في القطاع بمختلف اتجاهاته ومساراته.
وستقوم الهيئة بتنفيذ أدوارها الرئيسة تجاه القطاع، والتي تشمل تطوير الأنظمة المرتبطة به، واقتراح مشروعات الأنظمة والتنظيمات التي تتطلبها طبيعة عملها وتعديل المعمول به منها، وتشجيع التمويل والاستثمار في المجالات ذات العلاقة، ووضع المعايير والمقاييس الخاصة بالقطاع، وتشجيع الأفراد والمؤسسات والشركات على إنتاج وتطوير المحتوى، وإقامة الدورات التدريبية، واعتماد برامج تدريبية مهنية وجهات مانحة للشهادات، إضافة إلى دعم حماية حقوق الملكية الفكرية، وتطوير التراخيص للأنشطة ذات العلاقة.


مقالات ذات صلة

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد جانب من الاجتماع الاستراتيجي لـ«موانئ» (واس)

«موانئ» السعودية تلتقي كبرى شركات سفن التغذية لتعزيز الربط العالمي

اجتمعت الهيئة السعودية العامة للموانئ (موانئ) مع كبرى شركات سفن التغذية العالمية، بهدف تعزيز الربط العالمي، وزيادة التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية» بندر الخريف (واس)

السعودية… حوكمة عمليات الشراء الحكومية ورفع كفاءة أداء المحتوى المحلي

ركزت السعودية على تحفيز الفئات المستهدفة في تبني المحتوى المحلي وإعطائه الأولوية، إلى جانب تحسين حوكمة عمليات الشراء الحكومية، ورفع كفاءة الأداء في هذا المجال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.