روايات متضاربة حول ملابسات فرار فلسطينيين من سجن إسرائيلي

هل حفروا النفق بواسطة ملعقة أم تلقوا مساعدة خارجية؟

أشخاص يقفون حول حفرة خارج سجن جلبوع بعد فرار ستة معتقلين فلسطينيين (رويترز)
أشخاص يقفون حول حفرة خارج سجن جلبوع بعد فرار ستة معتقلين فلسطينيين (رويترز)
TT

روايات متضاربة حول ملابسات فرار فلسطينيين من سجن إسرائيلي

أشخاص يقفون حول حفرة خارج سجن جلبوع بعد فرار ستة معتقلين فلسطينيين (رويترز)
أشخاص يقفون حول حفرة خارج سجن جلبوع بعد فرار ستة معتقلين فلسطينيين (رويترز)

أطلقت إسرائيل، اليوم الاثنين، حملة تمشيط واسعة بحثاً عن ستة معتقلين فلسطينيين فروا عبر نفق في ساعة مبكرة من صباح اليوم من سجن «جلبوع» شديد الحراسة شمال إسرائيل.

ووفقاً لصحيفة «جيروزاليم بوست» فإن الشرطة تحقق في إمكانية أن يكون الفارون قد تمكنوا من الهرب إلى جنين أو الأردن. وذكرت الصحيفة أن الفارين الستة كانوا يتشاركون  الزنزانة نفسها، وأنهم حفروا منها نفقاً على مدار شهر، باستخدام ملعقة صدئة أخفوها خلف ملصق، حسبما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
بدوره، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف إن عملية الهروب نُفذت بعد تخطيط دقيق، مرجحاً أن يكون المعتقلون الفارون تلقوا مساعدة خارجية. وقال بارليف: «كان هناك تخطيط دقيق للغاية ومفصل للغاية، وبالتالي يمكن القول إنه كانت هناك مساعدة خارجية»، وفق ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت».
https://twitter.com/QudsNen/status/1434762957540450313
أما صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» فنقلت عن مسؤولين أمنيين قولهم إن الهاربين استغلوا خللاً في بناء السجن للهروب منه. فقالت كاتي بيري، مفوضة مصلحة السجون الإسرائيلية: «من تحقيقنا الأولي، يبدو أنه لم يكن هناك حفر؛ بدلاً من ذلك، تم رفع اللوحة التي غطت المكان (حيث فروا) من مكانها».
ووافقها قائد المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي أريك يعكوف الرأي حيث قال إن المعتقلين الفارين لم يقوموا بحفر نفق «على ما يبدو» وإنما استغلوا عيباً تخطيطياً في مبنى السجن تمكنوا خلاله من الفرار.
ووصف مسؤول أمني إسرائيلي الهروب بأنه «كارثة لم تشهدها خدمات السجون الإسرائيلية من قبل».
ونشرت مصلحة السجون الإسرائيلية صوراً ومقاطع فيديو تُظهر نفقاً ضيقاً أسفل مغسلة في حمام إحدى الزنزانات.

وهرب الأسرى من السجن بعد أن شقوا طريقهم عبر نظام الصرف الصحي في زنزانتهم، مما أدى إلى إطلاق عمليات بحث واسعة النطاق في شمال إسرائيل والضفة الغربية، حسبما أعلنت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ونقلت وسائل إعلام عبرية أن ثلاثة منهم حاولوا الهرب من قبل.
وتم اكتشاف عملية الهروب، التي بدأت في الثالثة والنصف فجراً، عندما رأى مزارع الفارين وهم يجرون عبر حقله، ثم قام بإبلاغ الشرطة.
https://twitter.com/QudsNen/status/1434765844534398978
وتضم المجموعة التي فرّت من سجن «جلبوع» القيادي البارز في حركة «فتح»، زكريا الزبيدي القائد السابق لـ«كتائب شهداء الأقصى» الجناح العسكري للحركة.
ونشر نادي الأسير الفلسطيني بيانات الأسرى الستة وهم الزبيدي الذي يتحدر من مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة والمعتقل منذ عام 2019. إضافة إلى خمسة آخرين ينتمون إلى حركة «الجهاد الإسلامي».
وأكد رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينيت أنه يتابع الواقعة ويتلقى بانتظام المعلومات عن عمليات البحث، بينما قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته «تساعد في ملاحقة السجناء الأمنيين الذين فروا من سجن جلبوع»، وأنه خصص طائرات للقيام بمهمات المراقبة. وأوضح أنه أعد قواته للتدخل إذا لزم الأمر في الضفة الغربية المحتلة منذ 1967.
وقال محافظ جنين اكرم رجوب لوكالة الصحافة الفرنسية إن «هدوءا تاما وترقبا غير مسبوق يسودان محافظة جنين»، محذرا من «تناقل معلومات مضللة وتصريحات مختلقة على لسانه هدفها خلق الفتنة بين الناس»، بعد شائعات انتشرت عن إمكان أن يعتقل الأمن الفلسطيني الفارين.
وعن احتمال اقتحام مخيم جنين، صرح رئيس اللجنة الشعبية في المخيم حسن العموري أن «كل شيء جائز هذا احتلال متوقع منه كل شيء».
من جانبها، حمّلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين التي تعنى بشؤون المعتقلين والأسرى المحررين من السجون الإسرائيلية «حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى الستة».
وقالت الهيئة في بيان إن البحث عنهم مبني على «أسس إجرامية ممنهجة» وأن «المساس بحياتهم» إذا تم العثور عليهم «قد يؤدي إلى انفجار حقيقي داخل السجون وخارجها». وطالبت المؤسسات الحقوقية وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر بـ«كشف مصير أكثر من 400 أسير تم نقلهم إلى أماكن مجهولة».

 



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».