جعجع: نتائج رئاسة عون كارثية جداً

قال إن «القوات» أعد العدة لتحقيق دولي بانفجار مرفأ بيروت

جعجع خلال كلمته أمس (القوات اللبنانية)
جعجع خلال كلمته أمس (القوات اللبنانية)
TT

جعجع: نتائج رئاسة عون كارثية جداً

جعجع خلال كلمته أمس (القوات اللبنانية)
جعجع خلال كلمته أمس (القوات اللبنانية)

اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن العهد الحالي هو «عهد الانهيار الشامل، تديره مجموعة حاكمة تنازلت عن سلطة الدولة وسيادتها، وضربت مؤسساتها، وحولتها إلى دولة فاشلة مارقة، يحكمها فاسدون فاشلون لصوص خونة مجرمون»، مشدداً على أن «لا خلاص ولا تقدم مع هذه الزمرة الحاكمة التي يشكل نواتها الصلبة الثنائي حزب الله والتيار الوطني الحر».
ورأى جعجع، خلال كلمة له بعد قداس أحياه حزب «القوات اللبنانية» في معراب، أن نتائج رئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون «أتت كارثية، وكارثية جداً علينا جميعاً كلبنانيين، وبالأخص كمسيحيين». وقال: «إذا كان البعض يعيب علينا مشاركتنا في انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فإننا فعلاً نأسف أشد الأسف أن تنقلب خطوة كانت مشبعة بكل نوايانا الحسنة، وذات مرام وطنية ومسيحية مهمة جداً، أن تنقلب خطوة أردناها إنهاء للفراغ الرئاسي ومناسبة لوحدة وطنية حقيقية ولعودة المسيحيين إلى الدولة، والتئاماً لجراح تاريخية داخل البيت الواحد، نأسف أشد الأسف أن تنقلب مأساة لم يعرف لبنان لها مثيلاً». وأشار جعجع إلى أن المطلوب «رئيس قبطان يقود سفينة الدولة والشعب إلى بر الأمان في خضم العواصف، لا رئيس قرصان يأخذ الشعب رهينة أنانيته، ويدير دفة المركب على هوى مصالحه».
وتوجه جعجع إلى شيعة لبنان، قائلاً: «هل تقبلون بعدما كنتم من بناة هذا الكيان، ومن المدافعين عنه وعن نهائيته وتعدديته ونظامه الديمقراطي في خضم مشاريع الوحدة والتذويب والعسكرة والديكتاتورية والدولة البديلة، هل تقبلون أن يسعى حزب الله، باسمكم وبالنيابة عنكم، لتقويض هذا الكيان، واستلحاقه بمشاريع عابرة للحدود والقارات، وتغيير وجهه وهويته وطبيعته، مفرطاً بإنجازات آبائكم وأجدادكم ونضالاتهم عبر التاريخ؟».
وأضاف: «إخواني الشيعة في لبنان، بعد تحكم حزب الله بمفاصل القرار الشيعي ماذا حصل؟ هل ما نعيشه اليوم هو الإنماء المتوازن؟ أو هل تحققت العدالة الاجتماعية أو الإصلاحات التاريخية المنشودة؟ على العكس، لقد أصبح الفساد متأصلاً، وأصبح الإجحاف والتهميش متوارثاً، وأصبح التمييز والطبقية متأصلين، وعاد الزمن بكم وبكل اللبنانيين عشرات لا بل مئات السنوات إلى الوراء. ماذا نفعتكم كل مظاهر القوة المصطنعة، وكل الادعاءات بالانتصار في سوريا واليمن والعراق ولبنان إذا كان الظهير الشعبي لحزب الله عاجزاً، شأنه شأن بقية اللبنانيين، عن تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة؟».
وتطرق جعجع إلى انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020، معتبراً أن «التحقيق العدلي سائر في الاتجاه الصحيح رغم كل المعوقات وعمليات الالتفاف والتحوير والتخويف والترهيب وعدم التجاوب». وشدد على وجوب أن يستمر هذا التحقيق «غير عابئ بالتهويل والتهديد من أي مصدر كان، لأن إرادة اللبنانيين الأحرار وأهالي الضحايا تبقى أقوى من أي صوت يرتفع محاولاً قطع الطريق أمام التوصل إلى الحقيقة ومحاسبة المرتكبين».
وأضاف: «إذا لم يتمكن التحقيق العدلي، لا سمح الله، من إكمال مهمته لسبب من الأسباب، فإننا أعددنا العدة إلى التحقيق الدولي، وقد كنا السباقين ومنذ اليوم الأول إلى المطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية وقمنا بخطوات عملية في هذا الاتجاه».



انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية بدأت إجراءات واسعة لتغيير الهيكل الإداري للمؤسسات (إ.ب.أ)

بعد قرابة شهرين من إعلان الجماعة الحوثية تشكيل حكومتها غير المعترف بها، بدأت الجماعة إعادة هيكلة الجهاز الإداري لمؤسسات الدولة التي تسيطر عليها، عبر قرارات دمج وتقليص وصفها خبراء قانونيون بأنها لأدلجة المؤسسات و«حوثنة» الوظيفة العامة. وأصدر ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الحوثي) قراراً لإنشاء ما سُمِيَ «آلية استكمال تنفيذ عملية الدمج والتحديث للهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة»، وهو القرار الذي تحفظت الجماعة على مضمونه، واكتفت بالإعلان عن تقسيمه وعدد مواده وفصوله، ويأتي ضمن ما يعرف بالتغييرات الجذرية التي أعلن عنها زعيم الجماعة قبل أكثر من عام. كما صدرت قرارات وتعليمات بالبدء بإجراءات دمج مصلحتَي الضرائب والجمارك في كيان واحد، وكذلك الأمر مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، وتحويل كل من مركز الدراسات والبحوث اليمني التابع لجامعة صنعاء، ومركز التطوير التربوي التابع لوزارة التربية والتعليم كياناً واحداً بمسمى «الهيئة العامة للعلوم والبحوث والابتكار».

تسعى الجماعة الحوثية إلى تعزيز قبضتها على مؤسسات الدولة المختطفة (أ.ف.ب)

وبحسب إفادة مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجماعة الحوثية تدرس دمج الكثير من المؤسسات والهيئات الحكومية الخاضعة لسيطرتها في مساعٍ لتقليص حجم الهيكل الإداري من جهة، وتحويل مؤسسات الدولة كيانات تابعة لقيادة الجماعة، وتعيين أتباعها في مختلف المناصب والوظائف داخلها.

وحذَّرت المصادر من وجود نوايا لدى قادة في الجماعة الحوثية لإلغاء المعاشات التقاعدية، وذلك بعد قرار دمج المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالهيئة العامة للتأمينات والمعاشات. المصادر ألمحت إلى أن الهيئة والمؤسسة جرى الاستيلاء على مواردهما وأرصدتهما البنكية من قِبل الجماعة الحوثية؛ وهو ما يهدد بإفلاسهما حتى مع دمجهما في كيان واحد، وحرمان عشرات الآلاف من المستفيدين منهما من حقوقهم، إضافة إلى إدراج أسماء قتلى الجماعة في الحرب ضمن أولئك المستفيدين عنوة.

تحايل وتغول

وتعمل الجماعة الحوثية طبقاً للمصادر على إعادة تصميم هياكل الوزارات مع إقرار لوائح تقضي بحرمان الوزراء في حكومة الانقلاب من الإشراف على القطاعات والمؤسسات والهيئات الإيرادية، مثل منع وزير الشباب والرياضة من الإشراف على صندوق النشء والشباب، ومنع وزير النقل والأشغال العامة من الإشراف سوى على المراكز البحرية. وفسرت المصادر القانونية في صنعاء هذا التوجه بأن الجماعة تنوي التغول داخل مؤسسات الدولة من خلال مَن تعينهم مسؤولين على قطاعاتها الإيرادية، في حين سيتم تعيين الوزراء من انتماءات جغرافية أو سياسية أو فئوية لا ترتبط بالجماعة الحوثية عرقياً أو عقائدياً للتمويه على نهج السيطرة على الدولة ونهب مواردها.

القادة الحوثيون يتنافسون على السيطرة على المؤسسات وبناء كيانات موازية لها (إ.ب.أ)

ويرى الخبير القانوني اليمني محمد حيدر أن هذه القرارات والإجراءات لا تفتقر فقط إلى الشرعية والمشروعية لكونها صادرة عن حكومة لا يعترف بها أحد، بل وتفتقر أيضاً إلى الموضوعية والمنطق القانوني، وتأتي ضد طبيعة التطور القانوني والإداري للدولة التي يفترض أن تتوسع بنيتها ويزيد عدد قطاعاتها بمرور الوقت. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يتهم حيدر، وهو أحد قيادات وزارة الشؤون القانونية السابقين، الجماعة الحوثية بانتهاج سلوك رجعي يهدف إلى تخلي الدولة عن واجباتها تجاه السكان الذين تتزايد أعدادهم باستمرار، وينتج من هذه الزيادة والتطورات التي تشهدها مختلف المجالات متطلبات تقتضي توسع هيكل الدولة، وإنتاج المزيد من المهام والواجبات. وينوّه إلى أن هذا السلوك الرجعي اتضح بشكل جلي عند إلغاء الجماعة لوزارة الشؤون القانونية، واستبدالها بمكتب تابع لمجلس الحكم الانقلابي يتولى مهامها نفسها؛ وهو ما يشير إلى وجود نوايا لإعادة الدولة إلى أشكال بدائية وقديمة من الهياكل التنظيمية والإدارية.

توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

وتربط المصادر بين قرارات دمج المؤسسات وما يسمى «مدونة السلوك الوظيفي» التي أعلنت الجماعة الحوثية عنها قبل أكثر من عامين وأجبرت الموظفين العموميين على التوقيع عليها، والالتزام بما فيها من مقررات ملزمة لهم بالتبعية للجماعة وموالاتها.

توسيع دائرة الفساد

ومنذ قرابة الشهر تعمل الجماعة الحوثية على إجراء تعديلات لأحكام قانون السلطة القضائية، بإجراءات مخالفة لما هو متعارف عليه دستورياً وقانونياً عند تعديل القوانين واللوائح، إلى جانب تنفيذ حركة تعيينات لعدد من القضاة الموالين لها، وإزاحة من ليس محسوباً عليها، تحت مسمى «الإصلاحات ومواجهة القصور». وأوضح حيدر، وهو ممن أبعدتهم الجماعة الحوثية عن مناصبهم، أن الكثير من الممارسات تؤكد بوضوح هذا النهج، بدءاً بإيقاف رواتب الموظفين العموميين، والتوقف أو التراجع عن تقديم الكثير من الخدمات، أو رفع أسعارها بشكل كبير، وممارسة الجبايات وفرض الإتاوات مقابل خدمات يفترض أنها أبسط واجبات الدولة تجاه مواطنيها. ولفت حيدر، إلى أن الإجراءات الحوثية ستؤدي إلى تقليص حجم الجهاز الإداري للدولة، وتوسيع مهام المسؤولين فيه؛ ما يتناقض تماماً مع مبادئ وسياسات مكافحة الفساد المتبعة حول العالم، ومع مع تقرّه الدساتير والقوانين واللوائح.

الجماعة الحوثية ألغت وزارة الشؤون القانونية في حكومتها الانقلابية (فيسبوك)

وأبدى أكاديميون وباحثون في مركز الدراسات والبحوث اليمني استياءهم الشديد من دمج المركز مع هيئة تابعة لوزارة التربية والتعليم، وعدّوا ذلك انتقاصاً من دور المركز ومهامه، وتهميشاً لدوره، واعتداءً على تاريخه الذي يزيد على خمسة عقود. واستغرب عدد من الباحثين في المركز من أن يجري طمس وجود مركز بهذه العراقة والتاريخ بقرار اتخذته جماعة لا علاقة لها بالعلم أو البحث العلمي، ولا تهتم بتاريخ الدولة ومؤسساتها، وفق تعبير عدد منهم. وتتوقع المصادر أن يتم استغلال عمليات دمج المؤسسات لإزاحة مئات الموظفين الذين لم يثبتوا ولاءهم للجماعة، خصوصاً وأن عمليات الدمج ستتضمن إجراءات هيكلة وإعادة بناء. ويرجّح أن يتم إقصاء جميع الموظفين العموميين الذين رفضوا المشاركة في دورات ثقافية تنفذها الجماعة لنشر أفكارها، وغيرهم ممن لا يشاركون في فعالياتها ومظاهراتها واحتفالاتها.