لبيد إلى موسكو لتسوية خلافات حول الهجمات الإسرائيلية في سوريا

تستغرق الزيارة بضع ساعات

وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد (رويترز)
وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد (رويترز)
TT

لبيد إلى موسكو لتسوية خلافات حول الهجمات الإسرائيلية في سوريا

وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد (رويترز)
وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد (رويترز)

بعد الكشف عن خلافات وحتى عن توتر في العلاقات بين إسرائيل وروسيا، بسبب الهجمات الإسرائيلية المكثفة على سوريا، والمساعدة الروسية الملحوظة للسوريين وإسقاط العديد من الصواريخ الإسرائيلية بالمضادات الروسية، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، أمس الأحد، أنه سيقوم بزيارة عاجلة إلى موسكو ليلتقي نظيره الروسي، سيرغي لافروف، بعد غد الأربعاء.
وستستغرق الزيارة بضع ساعات، إذ يعود لبيد من موسكو في يوم الخميس، وقد جرى ترتيبها في أعقاب البيان الرسمي الذي أصدره الجيش الروسي، نهاية الأسبوع الماضي، تعقيباً على الغارات التي شنها سلاح الجو الإسرائيلي على منطقتين في ضواحي دمشق وحمص. وقد جاء في البيان أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت 21 صاروخاً من أصل 24 أطلقتها الطائرات الإسرائيلية، مساء الخميس.
واعتبر البيان بمثابة تحدّ مباشر وصريح من روسيا لإسرائيل، لم يسبق له مثيل، خصوصاً أن أحد هذه الصواريخ عبر الأجواء الإسرائيلية حتى البحر الأبيض المتوسط، وانفجر في الجو، ووقعت شظايا منه في أحياء تل أبيب وأثارت فزعاً بين السكان، فقد كان معروفاً أن روسيا تزود سوريا بالمضادات الصاروخية وتساعد الجيش السوري على مواجهة إسرائيل. ولكن هذا يتم بهدوء وصمت. وحسب مصادر مقربة من رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، فإن روسيا وعدت إسرائيل بأن تكون هذه المساعدة محدودة، وبموجب التفاهمات بين البلدين، في حينها، باعت روسيا لسوريا صواريخ «إس 300» ولكنها لم تتح لها بعد أن تستخدمها ضد الطائرات الإسرائيلية المغيرة. ولذلك فإن البيان الروسي الرسمي والعلني يعتبر ضوءاً أحمر لإسرائيل.
وتبين أن موقف روسيا جاء بعد تراكمات سابقة، فقد اعترضت لدى إسرائيل على شن الغارات بشكل مكثف، وقالت إن قسماً من هذه الغارات لم يأت لأسباب وجيهة تتعلق بنقل الأسلحة إلى حزب الله وغيره من الميليشيات، بل لمجرد استعراض عضلات. وأن بعض هذه الغارات وقع على أهداف قريبة من قواعد الجيش الروسي في سوريا. وقبل عدة أسابيع، زار موسكو رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، مئير بن شبات، مصطحباً خلفه في المنصب إيال حولتا، والتقيا مع نظيرهما الروسي، نيكولاي بتروشيف، وجرت المداولات بين الطرفين بالأساس حول الوضع في سوريا وتضارب مصالحهما هناك. ولكن المشكلة لم تحل وتزايدت بعد التصريحات الروسية حول «صد الغارات العدوانية الإسرائيلية في سوريا، بواسطة منظومات دفاع جوي روسية الصنع بحوزة قوات النظام السوري».
ومع أن أوساطاً سياسية وأمنية في تل أبيب عزت هذا التغيير في لهجة موسكو، إلى «المحادثات التي انطلقت بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، وإمكانية فتح قنوات مباشرة بين الطرفين لتنسيق التحركات في سوريا»، واعتبرتها ورقة ضغط تستخدمها موسكو أمام واشنطن، إلا أن أوساطاً أخرى رأت أن الروس غاضبون من إسرائيل لأنها تسهم في عرقلة جهود موسكو في إخلاء المعارضة السورية من منطقة درعا، وتصعد التوتر بلا أسباب وجيهة على الأراضي السورية.
يذكر أن نتنياهو كان قد توصل إلى تنسيق عسكري عميق مع روسيا، وفي عهده أنشئت لجنة تنسيق على أعلى المستويات بين الجيشين الإسرائيلي والروسي، بقيادة نائب رئيس الأركان، لمنع الاحتكاك وتضارب المصالح.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».