بوادر أزمة بين تركيا وميليشيات في طرابلس

قائد «لواء الصمود» انتقد «هيمنة» أنقرة على القرار في العاصمة

انتشار أمني في طرابلس أمس غداة اشتباكات بين فصيلين مسلحين (أ.ف.ب)
انتشار أمني في طرابلس أمس غداة اشتباكات بين فصيلين مسلحين (أ.ف.ب)
TT

بوادر أزمة بين تركيا وميليشيات في طرابلس

انتشار أمني في طرابلس أمس غداة اشتباكات بين فصيلين مسلحين (أ.ف.ب)
انتشار أمني في طرابلس أمس غداة اشتباكات بين فصيلين مسلحين (أ.ف.ب)

اعتبر سياسيون ليبيون تصريحات قائد ميليشيا «لواء الصمود» في غرب البلاد صلاح بادي التي انتقد فيها «هيمنة تركيا على القرار في العاصمة»، مؤشراً على وجود أزمة في علاقة أنقرة ببعض الفصائل المسلحة التي شاركت في حرب طرابلس. لكنهم توقعوا مسارعة تركيا لاسترضائه خوفاً من تزايد المنقلبين عليها.
ورأى عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب علي التكبالي، أن بادي «لا يمثل إلا حلقة من سلسلة كبيرة لقيادات ميليشياوية تعتمد على تركيا في التسليح والتدريب والتمويل أحياناً، بل والارتقاء لمواقع السلطة عبر الضغط على الحكومة الموجود بالعاصمة».
وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط» إن «من الواضح أن بادي يعاني حالياً تهميشاً تركياً، فلم يعد يكلف بأي مهمة، ولم يدفع به لتولي قيادة جهاز أمني بالعاصمة أو الدولة عموماً مثلما تحقق لنظرائه من قيادات غرب البلاد، وبالتالي وجه انتقادات إلى تركيا في محاولة للتذكير بوضعه وما يعتبره تاريخاً نضالياً».
وكان بادي ذكر في تصريح له أن تركيا أصبحت «تسيطر على كل شيء بغرب البلاد حتى على السياسة الخارجية»، الأمر الذي دفع الباحث في الشؤون الأمنية فرج زيدان إلى القول باحتمالية مسارعة تركيا والقيادات الميليشياوية لإزالة أسباب التوتر تخوفاً من أن يصب الأمر في مصلحة «الجيش الوطني» بقيادة خليفة حفتر.
وتوقع زيدان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يضغط الأتراك سريعاً على الحكومة لترضية بادي والمتحالفين معه داخل وخارج مصراتة، وأي قيادي آخر لديه الاعتراضات ذاتها أو الشعور بالتهميش من قبل تركيا ستتم ترضيته بمنح المناصب أو الأموال أملاً في إخفاء أصواتهم». ورأى أن الطرفين «يعرفان جيداً أن أي استنزاف في صفوفهما سيصب لصالح الجيش الوطني الذي يمثل الطرف الآخر في المعادلة».
وأدرج اسم بادي في قائمة العقوبات الدولية «لمحاولته المستمرة تقويض عملية التوصل إلى حل سياسي في ليبيا من خلال دعمه للعمل المسلح».
وانتقد زيدان «عدم تقديم دعم دولي كاف» للجنة العسكرية المشتركة «5+5» لتنفيذ الترتيبات الأمنية لخريطة الطريق، ومن بينها حل الميليشيات ونزع سلاحها وضم من تنطبق عليه الشروط القانونية للمؤسسات الأمنية والمدنية. ولفت إلى أن «هذا المسار يحتاج لدعم كبير، فالميليشيات تتمسك بمواقعها وتيار الإسلام السياسي ومن خلفه تركيا يتمسكان بها، كونها إحدى أدواتهما الرئيسية لاستمرار مشروعهما في ليبيا».
في المقابل، يطرح عضو «المؤتمر الوطني» السابق عبد المنعم اليسير، رؤية مغايرة لتهميش تركيا لبعض القيادات الميليشياوية، إذ رأى أنها «تهدف إلى التخلص من بعض هذه المجموعات، خصوصاً تلك التي لا تدين لها بالولاء، عبر استنزاف قواها في الصراعات والمواجهات التي تنشب بينها».
وقال اليسير لـ«الشرق الأوسط» إن «خطورة التغلغل التركي بالمشهد الليبي المستمر منذ سنوات وحتى الآن، وتحديداً في المنطقة الغربية، يؤسس مع الأسف لإنتاج طبقة جديدة من العملاء للانتشار في مفاصل الدولة كافة». وأضاف أن «تركيا باتت تعتمد الآن على شخصيات عسكرية بعينها في غرب البلاد وتقدمها للمجتمع الدولي باعتبارها القيادات العسكرية للدولة الليبية. ويمتلكون عناصر وأتباعاً كثيرين». ورأى أن تصريحات بادي الأخيرة «ربما ليست إلا انعكاساً لقناعته بأنه وغيره من القيادات المسلحة في طريقهم للإقصاء من المشهد بشكل تام».
واستغرب رئيس مؤسسة «سليفيوم للأبحاث والدراسات» جمال شلوف تأخر توجيه الانتقادات للدور التركي.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».