الانتشار السريع أم مقاومة التلقيح؟... الخيار المر بين المتحورات

بدء تجارب سريرية على لقاحات جديدة تتعامل مع متغيرات «كورونا»

نموذج تصوري للمتحور «دلتا» (رويترز)
نموذج تصوري للمتحور «دلتا» (رويترز)
TT

الانتشار السريع أم مقاومة التلقيح؟... الخيار المر بين المتحورات

نموذج تصوري للمتحور «دلتا» (رويترز)
نموذج تصوري للمتحور «دلتا» (رويترز)

أصبح انتشار متحورات فيروس «كورونا» المستجد أمرا واقعا في كل دول العالم، بعد الطفرات التي شهدها الفيروس الأصلي على مدار عامين، ولكن هل يقلقك بشكل أكبر معرفة أن بلدك تعاني من متحور سريع الانتشار أم متحور مقاوم للقاحات؟ ربما ستجد صعوبة شديدة في تحديد أيهما الأخف ضراراً، فكلا الخيارين مر، فالمتحورات سريعة الانتشار مثل «دلتا» الهندي و«ألفا» البريطاني، لا تزال اللقاحات فعالة معها بنسبة تتراوح بين 60 و70 في المائة، ولكن مع النقص العالمي في إمدادات اللقاحات ستكون فرص انتشاره كبيرة، بينما المتحورات المقاومة للقاحات مثل متحور «بيتا» الجنوب الأفريقي، لا تنتشر سريعا، ولكن تنخفض معها فاعلية اللقاحات إلى نسبة تتراوح بين 30 في المائة و40 في المائة، ولا تزال النسبة غير واضحة مع أحدث متغيرات هذا الخيار، وهو المتغير «مو».
ويقول أحمد سالمان مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات بمعهد «إدوارد جينر» بجامعة أكسفورد وعضو فريق تطوير لقاح «كورونا» لـ«الشرق الأوسط»: «لا تزال المعلومات المتوفرة حول المتغير (مو) ضئيلة، ولكن من الواضح أنه يشبه متغير جنوب أفريقيا بيتا الأكثر مقاومة للقاحات بين المتغيرات، وأقلها قدرة على الانتشار».
وتحدث المتغيرات في الفيروس عندما ينتشر على نطاق واسع بين السكان مسببا العديد من الإصابات، فكلما زادت فرص انتشار الفيروس، زاد تكراره، وزادت فرص تعرضه للتغيرات، ومعظم الطفرات الفيروسية لها تأثير ضئيل أو معدوم على قدرة الفيروس على التسبب في العدوى والمرض، ولكن اعتمادًا على مكان وجود التغييرات في المادة الوراثية للفيروس، فقد تؤثر التغيرات على خصائص الفيروس، مثل الانتقال على سبيل المثال، قد ينتشر بسهولة أو أقل أو شدته، على سبيل المثال، قد يتسبب في مرض أكثر أو أقل خطورة، أو مقاومته للقاحات.
ويقول سالمان: «أشهر المتغيرات سريعة الانتشار، وهو المتغير دلتا الهندي، تم التعرف عليه لأول مرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 وصنفته منظمة الصحة العالمية على أنه متغير مثير للقلق في مايو (أيار) 2021 بعد انتشاره الواسع خلال ستة أشهر، والمتغير السريع الآخر ألفا ظهر لأول مرة في المملكة المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2020، وبحلول ديسمبر (كانون الأول) 2020، ظهر في الولايات المتحدة، وينتشر الآن في 114 دولة على الأقل».
ويستكمل «أما أشهر المتغيرات بطيئة الانتشار، فمنها المتغير (بيتا)، الذي تم اكتشافه لأول مرة في جنوب أفريقيا في مايو 2020 وتم اعتباره متغيرًا مثيرًا للقلق في ديسمبر 2020، ويوجد في 48 دولة على الأقل وفي 23 ولاية أميركية».
ويضيف «رغم ظهور المتغير الآخر بطيء الانتشار (مو) في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي فإنه لم يصل بعد إلى تصنيف (مثير للقلق)، وأطلق عليه بعد نحو ثمانية أشهر متغير مثير للاهتمام لأن انتشاره لا يزال إقليميا».
ويوضح سالمان أنه «حتى الآن لا يوجد متغير يجمع بين الانتشار السريع والمقاومة الكبيرة للقاحات، ولكن كلا المتغيرين تمت مراعاتهما في التعديلات التي تجري حاليا على تركيبة اللقاحات، لكي تستوعب الاختلاف في التركيبة الجينية بين الفيروس الأصلي والمتحورات الجديدة».
وتجرى حاليا تجارب سريرية على تركيبة جديدة من لقاح أكسفورد - أسترازينيكا، تراعي التركيب الجيني لمتغيرات دلتا وألفا وبيتا، ومن المتوقع أن يكون اللقاح الجديد متاحا بنهاية هذا العام.
ويقول سالمان: «في مثل هذه الحالات لا نحتاج إلى ثلاث مراحل من التجارب السريرية، وتجري تجربة من مرحلة واحدة تختبر أمان اللقاح فقط».
وأعلنت شركة «بيونتك» - الشريك الصناعي لشركة «فايزر» هي الأخرى، نجاحها في إنتاج نسخة جديدة من لقاح «كورونا» استهدف المتغير دلتا.
ويقول أوزليم توريسي، الشريك المؤسس والمسؤول الطبي الأول في التكنولوجيا الحيوية بشركة «بيونتك» في بيان نشره الموقع الإلكتروني للشركة في 11 أغسطس (آب) الماضي: «تمكنا من ذلك خلال أسابيع قليلة فقط، لأننا نستخدم تقنية الرنا مرسال، وهو نوع من اللقاح يستخدم الشفرة الجينية لبروتين رئيسي في الفيروس لتعليم الجسم كيفية صنع هذا البروتين وتعلم كيفية محاربته، ويتم تعديل اللقاح عن طريق تغيير بسيط نسبياً في الشفرة».
ويبدو أن هذا التعديل لن يكون الأخير، بل ستضطر شركات الأدوية إلى إجراء التعديلات بصورة دورية، كما يتوقع الدكتور أشرف الفقي، مدير إدارة البحوث الطبية بشركة فايزر العالمية.
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كخبير في اللقاحات، بعيدا عن موقف الشركة التي أمثلها، أتصور أننا سنحتاج إلى تغيير في تركيبة اللقاح كل موسم، كحال لقاح الإنفلونزا».
وإلى أن يتوفر الإصدار الجديد من اللقاحات، تشدد منظمة الصحة العالمية في إرشاداتها على موقعها الإلكتروني، بضرورة عدم تأجيل تلقي التطعيم بسبب مخاوفنا بشأن المتغيرات الجديدة، مشددة على ضرورة مواصلة التطعيم حتى لو كانت اللقاحات أقل فاعلية إلى حد ما ضد بعض متغيرات فيروس (كوفيد - 19). وتقول: «نحتاج إلى استخدام الأدوات المتوفرة لدينا حتى أثناء استمرارنا في تحسين تلك الأدوات، فاللقاحات بتركيبتها الحالية، إن لم تمنع الإصابة، ستوفر حماية من المرض الشديد».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.