إيطاليا تسعى لتحقيق معجزة اقتصادية بعد الجائحة

تسعى إيطاليا لتلقيح 80 % بنهاية سبتمبر الجاري (أ.ب)
تسعى إيطاليا لتلقيح 80 % بنهاية سبتمبر الجاري (أ.ب)
TT

إيطاليا تسعى لتحقيق معجزة اقتصادية بعد الجائحة

تسعى إيطاليا لتلقيح 80 % بنهاية سبتمبر الجاري (أ.ب)
تسعى إيطاليا لتلقيح 80 % بنهاية سبتمبر الجاري (أ.ب)

تتجاوز إيطاليا تداعيات كوفيد، محققة انطلاقة قوية في ظل حكومة ماريو دراغي، إذ تبدو معنويات الشركات الإيطالية عالية، وسط تراجع البطالة رغم رفع الحظر عن التسريح، بينما يسجّل نمو اقتصادي غير مسبوق في البلاد تجاوز الخمسة في المائة.
وتنعكس أجواء التفاؤل هذه على المشهد في منتدى دافوس المصغر الذي تنظمه شركة «امبروسيتي فوروم» الاستشارية في تشيرنوبيو على ضفاف بحيرة كومو، الذي يجمع حتى الأحد نخبة قطاع الصناعة الإيطالي وممثلي مؤسسات التمويل الدولية.
وقال جان ماريا غروس - بييترو رئيس مصرف «إنتيسا سانباولو»: «لم تشهد إيطاليا معدلات نمو مماثلة منذ 20 عاماً». وأضاف وزير الإدارات العامة ريناتو برونيتا: «هذا العام، نشهد أجواء من التغيير والانتعاش الاقتصادي».
ومما لا شك فيه أن الفضل يعود إلى «تأثير دراغي»، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي الذي ينسب إليه إنقاذ منطقة اليورو عام 2012 في خضم أزمة الديون، الذي نال تعيينه في فبراير (شباط) على رأس حكومة الوحدة الوطنية استحسان الأسواق. وأشار جوفاني بوسّي الرئيس التنفيذي للمجموعة المالية الإيطالية «تشيري 106»، إلى أن «رجال الأعمال يرون فيه عنصراً من عناصر الاستقرار والكفاءة والمصداقية الدولية»، موضحاً أن معنويات رواد الأعمال ترتفع «ما يقودهم إلى مواجهة المستقبل بتفاؤل وإلى الاستثمار، وهو مفتاح النمو الاقتصادي».
ومن العوامل الحاسمة الأخرى أن إيطاليا نالت الحصة الأكبر من خطة التحفيز الأوروبية الضخمة البالغة 750 مليار يورو، وستكون قادرة على إنفاق 191.5 مليار يورو من الأموال المستمدة من صناديق بروكسل. إلا أن ماريو دراغي تحدث بتواضع عن ذلك الانتصار، وقال الخميس: «يستمر الاقتصاد في النمو أكثر من المتوقع، لكن يجب ألا نتكل على الأمجاد. يجب أن ننجح في الحفاظ على معدل نمو أعلى مما كان عليه قبل الوباء».
وقطعت إيطاليا شوطاً طويلاً صعوداً من القعر، وتحديداً مع انخفاض تاريخي بلغ 8.9 في المائة في ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو أسوأ ركود سجّلته منذ الحرب العالمية الثانية، من حيث جاء تأثير الانتعاش. كذلك، تعززت معنويات الإيطاليين بتتويج منتخبهم الوطني في بطولة اليورو لكرة القدم، وهو أمر يجب أن يعود بالفائدة على اقتصاد البلاد، والفوز في عدد قياسي من الميداليات في أولمبياد طوكيو، بالإضافة إلى فوز فرقة روك إيطالية في مسابقة الأغنية الأوروبية «يوروفيجن».
كما أن شبه الجزيرة في طريقها إلى كسب رهانها بتلقيح 80 في المائة من السكان بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) الجاري، وبالتالي تجنب قيود جديدة من شأنها الإضرار بالانتعاش المستمر الذي وصفه كارلو بونومي رئيس «كونفندوستريا»، منظمة أرباب العمل الرئيسية في البلاد، بأنه «معجزة اقتصادية صغيرة».
لكن هل ستشهد إيطاليا طفرة اقتصادية كتلك التي شهدتها في الخمسينات والستينات؟ يرد بوسّي على هذا التساؤل قائلاً: «لم نصل بعد إلى هذه المرحلة، سنرى إن كان معدل النمو الحالي سيستمر في عامَي 2022 و2023، أم لا».
وفي السنوات الأخيرة، غالباً ما تخلفت إيطاليا عن الركب في منطقة اليورو من حيث النمو: بين عامَي 1999 و2019، ارتفع ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 7.9 في المائة فقط مقابل 30.2 في المائة و32.4 في المائة و43.6 في المائة على التوالي لألمانيا وفرنسا وإسبانيا.
هذا العام «قد يصل الارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي الإيطالي إلى 6 في المائة، أي أكثر بكثير مما توقعته الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي - 4.5 في المائة - شرط عدم فرض قيود جديدة»، كما أوضح خبير الاقتصاد كارلو كوتاريلي لوكالة الصحافة الفرنسية، متوقعاً أن «يعود الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى ما قبل الوباء في الربع الأول من عام 2022».
لكن هناك «حالة مقلقة من عدم اليقين على الصعيد السياسي»، وفق كوتاريلي، الذي أضاف: «هل سيبقى ماريو دراغي في منصبه لفترة كافية لبدء الإصلاحات» المنصوص عليها في خطة الإنعاش الاقتصادي؟ هناك احتمال بأن يتم انتخابه رئيساً للجمهورية عندما تنتهي ولاية سيرجو ماتاريلا في نهاية يناير (كانون الثاني) 2022، الأمر الذي قد يمهد الطريق أمام اليمين المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني للعودة إلى السلطة.



تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
TT

تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)

محا مؤشر «نيكي» الياباني خسائره ليغلق مرتفعاً قليلاً يوم الأربعاء، مع عودة المستثمرين إلى شراء الأسهم الرخيصة، في حين أثر تقرير التضخم الرئيس في الولايات المتحدة على المعنويات؛ إذ من المرجح أن يؤثر في مسار أسعار الفائدة في مجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

وأغلق مؤشر «نيكي» مرتفعاً بنسبة 0.01 في المائة، ليصل إلى 39372.23 نقطة، بعد أن هبط بنسبة 0.65 في المائة في وقت سابق من الجلسة. كما ارتفع مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 0.29 إلى 2749.31 نقطة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال محلل السوق في مختبر «توكاي طوكيو» للاستخبارات، شوتارو ياسودا: «لم تكن هناك إشارات كبيرة تحرّك السوق اليوم، لكن المستثمرين عادوا لشراء الأسهم عندما انخفضت إلى مستويات معقولة». وأضاف: «لكن المكاسب كانت محدودة بسبب الحذر المرتبط بنتيجة تقرير أسعار المستهلك في الولايات المتحدة».

وقد افتتحت الأسهم اليابانية منخفضة، متأثرة بتراجع مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة يوم الثلاثاء، قبل صدور بيانات التضخم لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي واحدة من آخر التقارير الرئيسة قبل اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» المقرر يومي 17 و18 ديسمبر (كانون الأول).

كما ينتظر المستثمرون قرار «بنك اليابان» بشأن السياسة النقدية، والمقرر صدوره في التاسع عشر من ديسمبر. وأشار محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداد البنك لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في المستقبل القريب إذا أصبح أكثر اقتناعاً بأن التضخم سيظل عند مستوى 2 في المائة، مدعوماً بالاستهلاك القوي ونمو الأجور. وحقّق سهم شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية «يونيكلو»، ارتفاعاً بنسبة 0.37 في المائة؛ ليصبح أكبر داعم لمؤشر «نيكي».

في المقابل، هبطت أسهم الشركات الكبرى في قطاع الرقائق؛ حيث خسرت شركتا «أدفانتست» و«طوكيو إلكترون» بنسبة 0.51 في المائة و0.49 في المائة على التوالي. وتعرّض سهم شركة «ديسكو»، مورد أجهزة تصنيع الرقائق، لهبوط حاد بنسبة 3.65 في المائة؛ ليصبح أكبر الخاسرين بالنسبة المئوية على مؤشر «نيكي».

في المقابل، قفز سهم شركة «كاواساكي» للصناعات الثقيلة بنسبة 10.28 في المائة، ليصبح أكبر رابح بالنسبة المئوية على المؤشر، في حين ارتفع سهم شركة «آي إتش آي» بنسبة 6.25 في المائة. وسجل سهم شركة «توب كون» ارتفاعاً مذهلاً بنسبة 23 في المائة، ليصل إلى الحد الأقصى اليومي، بعد إعلان الشركة أنها تدرس التحول إلى القطاع الخاص بين تدابير أخرى لرفع قيمتها، في أعقاب تقارير تفيد بأن شركات الاستثمار الخاص تقدمت بعروض لشراء الشركة.

وفي سوق السندات، ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات يوم الأربعاء، متتبعاً نظيراتها من سندات الخزانة الأميركية. وقد ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.5 نقطة أساس، ليصل إلى 1.065 في المائة، في حين ارتفع العائد على سندات السنوات الخمس بمقدار 0.5 نقطة أساس أيضاً، ليصل إلى 0.73 في المائة.

وفي الوقت نفسه، يستعد المستثمرون للتحول السلس للعقود الآجلة من تلك المستحقة في ديسمبر إلى تلك المستحقة في مارس (آذار)، التي ترتبط بسندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات رقم «366» التي كان «بنك اليابان» يمتلكها بكثافة.

وقال كبير الاستراتيجيين في شركة «سوميتومو ميتسوي تراست» لإدارة الأصول، كاتسوتوشي إينادومي: «يشير التحول السلس للعقود الآجلة إلى إزالة المخاوف بشأن نقص السندات اللازمة لتسوية العقود».

وقد تجاوز حجم التداول وعدد الاهتمامات المفتوحة لعقود مارس تلك الخاصة بعقود ديسمبر قبل تاريخ التجديد الرسمي المقرر يوم الجمعة. وكانت الأسواق قلقة بشأن النقص المحتمل في السندات اللازمة لتسوية العقود الآجلة المقبلة.

ويحتاج المستثمرون إلى سندات الحكومة اليابانية رقم «366» لإغلاق العقود الآجلة المستحقة في مارس. ولكن هذه السندات كانت مملوكة بنسبة تزيد على 90 في المائة من قبل «بنك اليابان» نتيجة لشرائه العدواني للسندات، في إطار دفاعه عن سياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية. وقد انخفضت ملكية «بنك اليابان» للسندات إلى 89 في المائة الأسبوع الماضي بعد أن سمح البنك المركزي للاعبين في السوق بالاحتفاظ بنحو 200 مليار ين (1.32 مليار دولار) من السندات التي أقرضها لهم من خلال مرفق إقراض الأوراق المالية.

كما باعت وزارة المالية 350 مليار ين من سندات رقم «366» في مزادات تعزيز السيولة في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر. وأشار الاستراتيجيون إلى أن السوق أمّنت ما يقرب من تريليون ين من السندات اللازمة لتسوية عقود مارس نتيجة لهذه العمليات.