ليبيا: تحقيق في اشتباكات العاصمة... والجيش الوطني يعتقل «داعشياً»

تهديدات جديدة بإغلاق موانئ النفط

العجيلي الحسناوي المتهم بانتمائه لتنظيم «داعش» (المتحدث باسم الجيش الليبي)
العجيلي الحسناوي المتهم بانتمائه لتنظيم «داعش» (المتحدث باسم الجيش الليبي)
TT

ليبيا: تحقيق في اشتباكات العاصمة... والجيش الوطني يعتقل «داعشياً»

العجيلي الحسناوي المتهم بانتمائه لتنظيم «داعش» (المتحدث باسم الجيش الليبي)
العجيلي الحسناوي المتهم بانتمائه لتنظيم «داعش» (المتحدث باسم الجيش الليبي)

سعت السلطة الانتقالية في ليبيا إلى احتواء تداعيات الاشتباكات العنيفة التي شهدتها العاصمة طرابلس قبل يومين، وسلطت الضوء على هشاشة وضعها الأمني والعسكري، فيما اعتقل «الجيش الوطني» أحد عناصر «تنظيم داعش» في جنوب البلاد.
وكان مقرراً أن يترأس رئيس الحكومة ووزير الدفاع عبد الحميد الدبيبة، ما وصفه بجلسة مساءلة مساء أمس، في مقر الحكومة، يحضرها وزير الداخلية ورئيس الأركان العامة وآمرو المناطق العسكرية الموالون لحكومته، بالإضافة إلى المدعي العسكري، وذلك لمناقشة الأحداث التي وقعت في منطقة صلاح الدين في العاصمة طرابلس.
وقال وزير الدولة عادل جمعة، في خطاب وجهه إلى آمري مناطق طرابلس العسكرية، والمناطق الغربية والوسطى ومنطقة الساحل الغربي، إن الجلسة ستعقد بتعليمات الدبيبة وبرئاسته لمناقشة هذه الأحداث.
واستبقت بعثة الاتحاد الأوروبي هذه الجلسة بإصدار بيان طالبت فيه بالجدية في معالجة الأمر، معربة عن قلقها البالغ إزاء استمرار الاشتباكات المسلحة في منطقة صلاح الدين، وناشدت الأطراف وقف إطلاق النار وحماية المدنيين.
بدوره، نفى المجلس الرئاسي، باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، صحة ما أشيع عن إصدار قرار بحل «اللواء 444 قتال» التابع لمنطقة طرابلس العسكرية، وهو أحد طرفي النزاع الذي شهدته المدينة صباح الجمعة الماضي، لافتاً إلى أن القرار كان متعلقا فقط بالتمديد لضابطين في الخدمة العسكرية.
وقالت وزارة الداخلية في حكومة «الوحدة الوطنية» إن ما شهدته طرابلس «سيكون له تبعات على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية»، مؤكدة أنها أصدرت تعليمات لكل القوات والعناصر التابعة لها بعدم الانخراط في الاحتراب والاقتتال، وأهابت الوزارة بكافة الأجهزة الأمنية ضبط النفس والاحتكام إلى القانون وتغليب لغة العقل على لغة السلاح، معربة عن تطلعها لأن تجري الانتخابات القادمة «في موعدها دون أي عراقيل أو عقبات».
وفي أول تعليق له على ما جرى، اعتبر سفير أميركا ومبعوثها الخاص لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، أن «الليبيين لا يرغبون في رؤية الصراع الأهلي من الماضي يتكرر». وقال إن أفضل أمل للاستقرار يكمن في الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأضاف «يتحمل الزعماء السياسيون من جميع الأطراف مسؤولية الاتفاق الفوري على حل وسط يسمح بإجراء تلك الانتخابات في موعدها المحدد، وستدعمهم الولايات المتحدة في هذه العملية».
وكانت منطقة صلاح الدين، الضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس، شهدت اشتباكات مسلحة بعد هجوم شنته قوة أمنية تابعة لـ«جهاز حفظ الاستقرار» في وزارة الداخلية على مقر «اللواء 444 قتال» التابع لوزارة الدفاع والمتمركز بمعسكر «التكبالي» في صلاح الدين.
وفي شأن آخر، أعلن بعض سكان منطقة الهلال النفطي الواقعة تحت سلطة «الجيش الوطني» الليبي، في بيان لهم مساء أول من أمس، وقف تصدير النفط والعمل في الموانئ النفطية والشركات الواقعة في الزويتينة والبريقة ورأس لانوف والسدرة، مطالبين بإقالة مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط الحكومية من منصبه. لكن مسؤولا في جهاز حرس المنشآت النفطية نفى إيقاف تصدير النفط من موانئ الهلال النفطي، وأكد في تصريحات لوسائل إعلام محلية سير العمل بشكل طبيعي في الموانئ.
في غضون ذلك، أعلن «الجيش الوطني» الذي يقوده المشير خليفة حفتر، إلقاء القبض على «إرهابي» وصفه بـ«الخطير»، تابع لـ«تنظيم داعش» جنوب البلاد. وقال في بيان أصدره اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم حفتر، إن وحدة المهام الخاصة لـ«لواء طارق بن زياد المعزز» المكلفة بمطاردة «العناصر الإرهابية» في الجنوب الغربي، «تمكنت من إلقاء القبض على الإرهابي العجيلي علي العجيلي الحسناوي، التابع للتنظيم المتطرف».
ولفت المسماري إلى أن ذلك تم «بعد رصد تحركاته وجمع المعلومات المهمة حول نشاطه الإرهابي، وكان بحوزته أسلحة متعددة الأنواع وذخائر وأجهزة عسكرية».
ونشر المسماري صوراً للمقبوض عليه بجانب كمية كبيرة من الأسلحة والقذائف وأجهزة اتصالات، وذكر أن العجيلي يرتبط بـأبي طلحة الليبي (عبد المنعم الحسناوي)، الذي يعد من «أبرز قادة التنظيمات التكفيرية في المنطقة، والذي قتل في عملية نوعية من قبل الجيش مطلع عام 2019»، مشيراً إلى أنه «كان يجهز لنقل ذخائر وأسلحة ونقل إرهابيين إلى مالي والجزائر وتونس».
كما أشار إلى أن العجيلي «يتبع للإرهابي أحمد الحسناوي، المسؤول الأول عن تنفيذ مذبحة قاعدة براك الشاطئ الجوية في 2017»، جنوب غربي ليبيا، والتي تعرضت لهجوم راح ضحيته أكثر من 100 عسكري.
إلى ذلك، تضمنت مذكرة مساءلة سلمها مجلس النواب إلى الحكومة استعداداً لجلسة استجوابها الاثنين المقبل، اتهامها بـ«الفشل» في معالجات مختلف الأزمات، بما في ذلك الكهرباء وجائحة «كورونا» وتوحيد المؤسسات. وطرحت المذكرة تساؤلات بشأن الأساس الذي استند إليه رئيس الحكومة في اتهام دول الجوار بتصدير الإرهاب إلى ليبيا، وأزمة إغلاق الحدود مع تونس، موضحة أن هذه الأزمة أثرت سلباً على علاقات البلدين والمواطنين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.