العنف الجامعي.. لمصلحة من؟

العنف الجامعي.. لمصلحة من؟
TT

العنف الجامعي.. لمصلحة من؟

العنف الجامعي.. لمصلحة من؟

بات العنف الجامعي في بعض الجامعات العربية، في الآونة الأخيرة، حالة مقلقة، فعندما تتحول الساحات الجامعية التي هي أساسا ساحات للعلم والمعرفة والتعليم والتربية إلى ساحات للعنف، فإن الأمر يدعو للقلق والتساؤل عن أدوار ومهام الجامعات العربية الآن بالمقارنة بأدوارها في السابق، والخلط بين مفهوم التغيير ووسائله المشروعة ومفهوم العنف، ومحاولات البعض لتشويه صورة الجامعات والطلبة والإساءة لدورهم المهم في عملية التغيير الإيجابي، ولصالح من كل هذا العنف والمشاجرات والاشتباكات والتصرفات غير المسؤولة داخل الجامعات، التي يستخدمها البعض كوسيلة للضغط على الدولة، والتي يمكن أن تتحول إلى سلوكيات جماعية، يلجأ إليها البعض لحل مشاكلهم بأيديهم من دون اللجوء إلى القانون والأساليب المشروعة. ولا ينبغي أن تبحث وتبقى قضية العنف الجامعي في الإطار الطلابي فقط، بل يجب أن تتجاوزه لتصبح قضية سياسية ومجتمعية عامة، تهدد المسيرة التعليمية والعلمية بالجامعة وتعوق بناء المجتمع والوطن عموما.
وكما هو معروف، فالجامعات منظومة غير منفصلة عن منظومات المجتمع والدولة، فالعنف الذي تشهده بعض الجامعات يعكس حالة العنف السائدة في المجتمع، والتي تنسحب أيضا على قطاع الجامعات. والعنف المجتمعي والجامعي له العديد من الأسباب المتعددة والمتداخلة من اقتصادية وسياسية واجتماعية، والتي تعمل جميعها على المدى البعيد على تعميق العنف وآثاره، ومن بين هذه الأسباب المهمة حالات اليأس والإحباط من عدم المساواة وغياب العدالة وعدم وجود حلول سريعة لمشكلات الطلبة في القطاع الجامعي، والمتعلقة مثلا بعملية تصحيح الامتحانات أو الوجبات الغذائية في المدن الجامعية من حيث الجودة والكمية، فلو نظرنا لهذه المشكلات نجد أن الطلبة لديهم مطالب مشروعة وعاجلة، وعلى الرغم من مطالبهم وﺸﻜﺎﻭاهم ﺍﻟﻤﺘﻜرﺭﺓ لإدارة الجامعة التي ينتمون إليها، فإنها قد تقابل بالإهمال واﻟﺘﺠﺎهل ﺍﻟﺘﺎﻡ، وبالتالي لجوء الطلبة للعنف بعد أن فقدوا الأمل في تفهم المسؤولين لمطالبهم، فالعنف في نظرهم أصبح وسيلة للضغط على الدولة لتنفيذ مطالبهم، كما هو الحال السائد في المجتمع، كما أن التصرفات غير المسؤولة من بعض أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات، في التفاعل والتعامل مع مشاكل الطلاب وحلولها، قد تسهم في تصاعد حالات العنف الجامعي، فالمجتمع الجامعي مجتمع أكاديمي راق، بما يتضمنه من ميثاق للحقوق والأخلاقيات والآداب الجامعية، ينبغي أن يظل على قدم المساواة والعدل بعيدا عن أي اعتبارات أو مصالح فردية أو شخصية. كما أن من بين أسباب العنف الجامعي، تراجع منظومة القيم في المجتمع، وكذلك غياب الأسلوب الديمقراطي على مستوى المجتمع وتراجع الدور التنويري والتوعوي لمؤسسات التنشئة الاجتماعية كالجامعة والمدرسة والأسرة، الأمر الذي يهيئ البيئة المناسبة للعنف ويفتح المجال إلى إحلال العنف محل الحوار في التعامل والتفاعل مع أي مشكلة تواجه المواطن والطالب على السواء.
لقد أصبح هناك حاجة عاجلة إلى وضع استراتيجية حقيقية تتضمن حلولا وبرامج عملية لمواجهة العنف الجامعي، مع الرجوع والاستفادة من التوصيات السابقة الخاصة بحلول ظاهرة العنف الجامعي، والحبيسة أدراج العديد من مؤسسات ووزارات الدولة والناجمة عن اللجان التي شكلتها هذه الوزارات والمؤسسات للبحث عن حلول للعنف، وكذلك الرجوع والاستفادة من البحوث والدراسات الجامعية الجادة وبخاصة البحوث الاجتماعية والنفسية، التي تناولت ظاهرة العنف المجتمعي والعنف الجامعي.
الوطن بحاجة عاجلة إلى دور ومشاركة جميع أبنائه في بنائه، والتصدي لظاهرة العنف الجامعي من خلال تعزيز ثقافة الحوار الجاد وتقبل الرأي الآخر، وكذلك تعزيز منظومة القيم المجتمعية في مؤسسات المجتمع كافة وبخاصة المؤسسات التعليمية، الأمر الذي يقوي ويعزز تماسك النسيج المجتمعي ويحمي منجزات ومكتسبات الوطن ومسيرته نحو الإصلاح والتقدم والرقي، كما أن زيادة التواصل والاتصال والتفاعل بين الطلبة وأعضاء الهيئات التدريسية بالجامعات من الأمور المهمة للتغلب مبكرا على بوادر العنف الجامعي، وكذلك تنفيذ برامج تثقيفية للإداريين الجامعيين في حسن التعامل والتفاعل مع مشكلات الطلبة وحلولها.
العنف الجامعي أصبح حالة مقلقة تتطلب تبني مشروع وطني عاجل لضمان خلق مجتمع يقوم على أساس الكفاءة والعدل والمساواة، وتبني حلول عملية سريعة للتصدي للعنف ومعالجته، حرصا على أمن واستقرار الوطن وضمان مستقبله، ولتكون الجامعات بمنأى عن كل ما يسيء إليها ويشوه صورتها، لتعود من جديد محرابا للعلم والمعرفة والقيم والآداب والأخلاقيات الجامعية الراقية.



حرائق لوس أنجليس تتسبب بـ10 قتلى وتلتهم 10 آلاف مبنى

فرق الإطفاء تكافح حريقاً في منطقة ويست هيلز بلوس أنجليس (أ.ب)
فرق الإطفاء تكافح حريقاً في منطقة ويست هيلز بلوس أنجليس (أ.ب)
TT

حرائق لوس أنجليس تتسبب بـ10 قتلى وتلتهم 10 آلاف مبنى

فرق الإطفاء تكافح حريقاً في منطقة ويست هيلز بلوس أنجليس (أ.ب)
فرق الإطفاء تكافح حريقاً في منطقة ويست هيلز بلوس أنجليس (أ.ب)

كشف مكتب الطب الشرعي في مقاطعة لوس أنجليس الأميركية، في تحديث بوقت متأخر من أمس (الخميس) أن عدد القتلى جراء الحرائق الهائلة في المقاطعة ارتفع إلى عشرة.

وواصل رجال الإطفاء في ولاية كاليفورنيا الأميركية، أمس، الكفاح للسيطرة على سلسلة من الحرائق الكبيرة في منطقة لوس أنجليس التي أتت على ما لا يقل عن 10 آلاف مبنى من الساحل الهادي إلى باسادينا، وأجبرت الآلاف على الفرار من منازلهم.

رجال الإطفاء يكافحون الحريق في غابة أنجليس الوطنية بالقرب من جبل ويلسون بلوس أنجليس (رويترز)

وهدأت الرياح العاتية التي كانت تحرّك النيران وتؤدي إلى عمليات إخلاء فوضوية إلى حد ما، على الرغم من أن خبراء الأرصاد الجوية حذروا من أن الخطر سيستمر حتى اليوم.

ويكافح رجال الإطفاء ضد الحرائق التي انتشرت عبر المنطقة الشاسعة، بما في ذلك حرائق ضخمة في باسيفيك باليساديس والتادينا التي كانت لا تزال مشتعلة حتى مساء الخميس.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يمضي آخر أيامه في منصبه، خلال اجتماع عُقد بعد ظهر الخميس في البيت الأبيض مع المسؤولين المعنيين بإدارة هذه الحرائق العنيفة: «هذه أكبر حرائق الغابات وأكثرها تدميراً في تاريخ كاليفورنيا».

كما أصر بايدن على أن «التغير المناخي حقيقة واقعة».

فرق الإطفاء تكافح حريقاً في إحدى مناطق لوس أنجليس (أ.ب)

وكشفت السلطات المحلية أمس أنه تم الإعلان عن تعزيزات عسكرية قوامها نحو 400 عنصر من الحرس الوطني لمكافحة الحرائق العنيفة التي تجتاح لوس أنجليس منذ 3 أيام.

في هوليوود، موطن صناعة السينما التي كانت مهدَّدة لفترة من الوقت بسبب ألسنة اللهب، تمت السيطرة على الحريق في التلال، وفقاً للسلطات المحلية، وتم رفع أمر الإخلاء صباح الخميس.

لقطة جوية تُظهر المنازل المدمرة مع استمرار اشتعال الحرائق في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من جهته، نشر الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب معلومات عبر شبكته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، بتأكيده أن كاليفورنيا تعاني نقصاً في المياه بسبب السياسات الحكومية الديمقراطية التي تحول مياه الأمطار «لحماية نوع غير مفيد من الأسماك».

وفي الواقع تُستخدم غالبية المياه المستهلَكة في لوس أنجليس المتأتية من نهر كولورادو في الزراعة كأولوية.

ويزور الرئيس جو بايدن كاليفورنيا راهناً. وبعدما خصص مساعدات فيدرالية فورية، ألغى زيارة كانت مقررة لإيطاليا، الخميس، على ما أعلن البيت الأبيض.

واستغلّ الرئيس المنتخَب الحرائق لمهاجمة المعسكر الديمقراطي، وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا، الذي يُعدّ من الشخصيات الواعدة في الحزب.

وكتب ترمب الخميس على «تروث سوشيال» أنه ينبغي لحاكم كاليفورنيا «غافين نيوسوم أن يستقيل؛ فالذنب ذنبه».

وكان قد ندّد في رسالة سابقة بـ«عدم الكفاءة وسوء الإدارة للثنائي بايدن/ نيوسوم». وكان الملياردير الجمهوري الذي سينصّب رئيساً للولايات المتحدة للمرّة الثانية في 20 يناير (كانون الثاني) قد توعّد في السابق بأنه سيحرم الحاكم الديمقراطي لكاليفورنيا من المساعدات الفيدرالية، في حال اندلاع حرائق، إذا ما عاد إلى البيت الأبيض.