اتهم حزب «القوات اللبنانية» أمس (الجمعة) التيار «الوطني الحر» المؤيد لرئيس الجمهورية ميشال عون باحتكار مادة المازوت وتوزيعها على فئة من اللبنانيين لـ«أغراض انتخابية رخيصة ولاستخراج شعبية وهمية»، الأمر الذي نفته مصادر «التيار» لـ«الشرق الأوسط»، ووضعته في إطار المبادرات الفردية من قبل نواب ومسؤولين من «التيار» بهدف مساعدة الناس.
وذكرت وسائل إعلام محلية في اليومين الماضيين، أن رؤساء بلديات شكروا «التيار الوطني الحر» على تأمين كميات من المازوت للمولدات، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أم من خلال لافتات علقوها في القرى.
وقال النائب عن تكتل «الجمهورية القوية» بيار بو عاصي لـ«الشرق الأوسط»، إن «النائب ليس تاجر مازوت، ولا يحق له تأمين المادة لشرائح معينة من الناس لتصبح مدينة له بولاء ما»، وقال: «إما أن يكون المازوت متوفراً لكل اللبنانيين بنفس الشروط وإما لا. ما نقوله ليس افتراء والبلديات تشكر نواب التيار الوطني على مواقعها وتعلق اللافتات».
وإذ سأل بو عاصي «التيار الوطني الحر»: «من أين يقوم بتأمين مادة المازوت؟»، رأى أن التيار «هو من يقطع المادة عن الناس عمداً ليعود ويقدمها لهم كتسول سياسي»، مؤكداً أن ما يقوم به التيار ليس إلا «تضارب مصالح. ولا يحق له تأمين المازوت لفئات معينة من الناس، وهو المسؤول الأول عن الأزمة كون رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، من صفوفه».
وأضاف «ما هذه الصدفة أن يكون وزير الطاقة من «التيار الوطني الحر» ونواب التيار فقط هم من يتمكنون من تأمين المادة للناس في زمن الشح؟! الناس ليسوا أغبياء ولا متسولين. والتيار الوطني يحفر في قعر معاناة الناس ليستخرج شعبية وهمية».
وسابقاً، قال بو عاصي في تصريح: «هل أصبح التيار الوطني الحر ونوابه شركة توزيع مازوت؟ كيف يستطيع نواب التيار تأمين مادة المازوت رغم شبه انقطاعها عن البلاد والعباد؟ إن كان المازوت غير متوافر فكيف ولماذا يتوفر بوساطة نواب التيار؟ وإن كان متوافراً، فلم حاجة المواطنين والبلديات إلى نواب التيار للحصول عليه؟ إنها زبائنية فاسدة ومذلة لأغراض انتخابية رخيصة. لماذا على المواطن أن يستجدي حقه للحصول عليه؟ هل تذكرون معنى عبارة حق المواطن؟».
بالمقابل، دعت مصادر «التيار الوطني الحر» «حزب القوات» أن ينظر إلى نفسه قبل انتقاد غيره. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «معروف من هم المتورطون في الفيول المغشوش وأولهم المنتسب إلى (القوات) تيدي رحمة، وأيضاً بات معروفاً من هم المخزنون والمحتكرون وأولهم المنتسب إلى (القوات) إبراهيم الصقر. فقبل انتقاد الآخرين ليقيموا أنفسهم. أما إن كان هذا الكلام من باب تضييع الحقيقة أو إيهام الناس فهذه الأمور ما عادت تمر على اللبنانيين».
وأضافت المصادر أن «التيار الوطني الحر يحاول مساعدة الناس من خلال تأمين كميات قليلة جداً من المازوت للمولدات في بعض القرى اللبنانية كي لا تنقطع الكهرباء عن الناس. ونواب التيار يقومون بمساع مع الشركات الموزعة لتأمين هذه الكميات لكن هذا لا يعني أنهم يحتكرون أو يخزنون المازوت، بل هي عملية مساعدة بما تيسر». وأوضحت أن المساعدات هذه ليست منظمة بل عمليات فردية من بعض النواب والمسؤولين في التيار.
ويواجه لبنان أزمة محروقات حادة وتقفل معظم محطات الوقود أبوابها بوجه المواطنين بحجة نفاد المخزون، في حين أن الكثيرين يخزنون البنزين والمازوت لبيعه حسب سعر التعرفة الجديد الذي أقرته الحكومة اللبنانية منذ نحو الأسبوعين، أي 8000 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد بدلاً من 3500 ليرة لبنانية. ويقوم الجيش بعمليات تفتيش مستمرة على محطات الوقود لضبط الكميات المخزنة، وكان من بينها ضبط كمية كبيرة من المازوت في مزارع تابعة لإبراهيم الصقر القيادي في حزب «القوات اللبنانية»، في محيط مطار رياق (شمال) موضوعة داخل خزانات مطمورة تحت الأرض.
وفي حين نفذت «القوة الضاربة» في فرع المعلومات، طوقاً أمنياً مشدداً في محيط منزل الصقر في مدينة زحلة (البقاع) أمس (الجمعة)، رأى النائب عن تكتل «الجمهورية القوية» جورج عقيص في مؤتمر صحافي، أن «هناك تاجراً في الشمال ضبط لديه 5 ملايين لتر من المحروقات وكل ما تم اتخاذه بحقه هو التوقيع على تعهد بأنه سيوزع الكمية على محطات الشمال فقط».
وأكد عقيص أن «القوات» «لا تغطي أحداً وتترك العدالة تأخذ مجراها»، مناشداً «مجلس القضاء الأعلى أن يضع يده على النيابات العامة في لبنان وتوزيع المحروقات التي تضبط في المنطقة على محطات قضاء زحلة في البداية». ولفت إلى أن «القوة الضاربة في محيط منزل الصقر هي رسالة إلى حزب «القوات» وإلى مدينة زحلة ولن نسمح لأحد أن يتعدى على كرامة زحلة وأن يعامل أياً من أبنائها وكأنه مجرم أو إرهابي.