صراع الميليشيات المسلحة يستفحل في العاصمة الليبية

المنفي طالب بالتحقيق والبعثة الأممية عبّرت عن قلقها

تصاعد الدخان بعد هجوم على هيئة الرقابة الإدارية بطرابلس يوم 31 أغسطس الماضي (رويترز)
تصاعد الدخان بعد هجوم على هيئة الرقابة الإدارية بطرابلس يوم 31 أغسطس الماضي (رويترز)
TT

صراع الميليشيات المسلحة يستفحل في العاصمة الليبية

تصاعد الدخان بعد هجوم على هيئة الرقابة الإدارية بطرابلس يوم 31 أغسطس الماضي (رويترز)
تصاعد الدخان بعد هجوم على هيئة الرقابة الإدارية بطرابلس يوم 31 أغسطس الماضي (رويترز)

في أحدث اشتباكات من نوعها في العاصمة الليبية طرابلس، تجدد القتال على نحو مفاجئ أمس، بين الميليشيات المسلحة المحسوبة على السلطة الانتقالية في غرب البلاد، بينما طالبت بعثة الأمم المتحدة بالوقف الفوري لأعمال العنف.
واندلعت الاشتباكات في منطقة صلاح الدين (جنوب طرابلس) فجر أمس، بين أجهزة وكتائب أمنية عسكرية تتبع حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والمجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، حيث اقتحمت ميليشيات «جهاز الدعم والاستقرار» معسكر «التكبالي»، وهو مقر «اللواء 444 قتال» التابع لقوات الحكومة، وأحكمت السيطرة عليه.
وفوجئ سكان حي صلاح الدين بقتال شهد استخدام أسلحة متوسطة وخفيفة، بين القوتين المسلحتين الرئيسيتين في المدينة.
وأعلن «اللواء 444» أنه صد هجوماً فجراً على مقره، شنته قوة تتبع «جهاز دعم الاستقرار»، بينما أعلن مستشفى الخضراء ومركز طرابلس الطبي حالة الاستنفار بعد وصول عدد كبير من الجرحى إليه.
وقالت «قوة حماية طرابلس» إن «جهاز الدعم والاستقرار» ترافقه قوات المنطقة العسكرية في طرابلس، سيطروا على طريق صلاح الدين الرئيسي، مشيرة إلى مسعى لإنهاء الأزمة.
ودعا عبد الباسط مروان، آمر منطقة طرابلس العسكرية، المجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، إلى فتح تحقيق في هذه الأحداث، ونفى علاقة أي أجهزة أمنية داخل طرابلس بالاشتباكات، واعتبر ما حدث داخل منطقة طرابلس العسكرية تصحيحاً لمسار «انحراف اللواء 444 - قتال».
ولفت مروان إلى أن هذا اللواء انحرف عن مساره ولم يعد يمتثل للأوامر العسكرية، مشيراً إلى أن ممثلي اللواء أصبحوا يحضرون اجتماعات غير مسموح لهم بحضورها ولا علاقة لهم بها من الأساس.
وأضاف: «المقدم محمود حمزة، قائد اللواء، سافر إلى تركيا دون علمنا، ووفقاً لذلك تحركنا البارحة لتصحيح المسار»، مشيراً إلى أن «سرية الإنذار» من منطقة طرابلس العسكرية تدخلت للسيطرة على مخازن السلاح الخاصة باللواء، الذي قال إنه تجاوز صلاحياته وبات يضم أشخاصاً لا يملكون أرقاماً عسكرية.
وكشف مروان النقاب عن أنه فوجئ بضخ 10 ملايين دينار ليبي للواء رغم عدم وجود أي استقلال مالي له وتبعيته المالية للمنطقة، موضحاً أنه حاول إقفال الحساب الذي أودعت فيه الأموال، لكن تم سحب الـملايين العشرة كاملة من الحساب.
في المقابل، عرض «اللواء 444» لقطات لأسرى من ميليشيات «جهاز دعم الاستقرار»، موضحاً أن عددهم يزيد على 30 شخصاً من بين من حاولوا الهجوم على معسكر «التكبالي» في العاصمة طرابلس.
وبحسب عملية «بركان الغضب» التي تشنها قوات الحكومة، فقد وصل محمد الحداد، رئيس أركانها العامة، برفقة الفيتورى غريبيل، رئيس أركانها البرية، إلى المعسكر للاطمئنان على المؤسسة العسكرية، حيث أثنوا على شجاعة اللواء في صد ما وصف بأنه «مؤامرة العصابات المتحالفة».
في المقابل، قال المجلس الرئاسي، الذي يترأسه محمد المنفي، في بيان أصدره أمس، إنه «وضعاً للأمور في نصابها الصحيح، فقد أصدر التعليمات الفورية لكل القوات التي اشتبكت أو في حالة اشتباك حالياً فيما بينها، بالتوقف الفوري والعودة إلى مقارها وثكناتها دون أي تأخير، ومهما كانت الأسباب»، مشيرا ألى أنه تابع ما وصفه بالأحداث المؤسفة التي حصلت في مدينة طرابلس خلال الساعات الماضية، وما خلفته من أضرار في الممتلكات العامة والخاصة وترويع المواطنين الآمنين.
وطالب المنفي رئيس الأركان العامة للجيش الليبي باتخاذ الإجراءات الفورية حيال آمري تلك القوات التي حصل بينها الاشتباك، وممارسة ما يُخوله له القانون من صلاحيات تحقق السيطرة على الموقف، وإبلاغه بأي إجراء، كما طالب المدعي العام العسكري بمباشرة التحقيق الفوري مع آمري تلك القوات، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم وفقاً للقوانين المعمول بها.
وأهاب المجلس الرئاسي بكل الوحدات العسكرية والأمنية ضرورة الانضباط والتقيد بما يصدر من تعليمات وبلاغات تحظر التحرك إلا بإذن سابق وفقاً للسياق المعمول به.
وهدد بأنه «لن يسمح بتكرار مثل هذه الأحداث وأن أي تصرف بالمخالفة لهذه البلاغات يُعتبر جريمة يُعاقب عليها قانوناً، نظراً لما تمثله من خطورة أمنية لها تداعياتها على أمن وسلامة المواطن والدولة»، لافتا إلى أنه سيتابع هذه التعليمات بما في ذلك توقيع العقوبات القانونية على المخالفين.
ودعت البعثة الأممية في ليبيا جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، معربة عن قلقها البالغ إزاء استمرار الاشتباكات المسلحة، بما في ذلك ما ورد عن إطلاق نار عشوائي في منطقة صلاح الدين، أحد الأحياء المكتظة بالسكان في طرابلس.
وذكّرت البعثة جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني لضمان حماية المدنيين والمنشآت المدنية.
إلى ذلك، دعا 42 من أعضاء مجلس النواب رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة والنائب العام ووزير الداخلية، للتدخل وإجراء تحقيق في الاعتداء على مقر هيئة الرقابة الإدارية في العاصمة طرابلس. واستنكر النواب في بيان لهم ما حدث، وطالبوا بفتح تحقيق في ملابسات الهجوم المسلّح الذي تعرض له المقر.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.