ائتلاف المالكي يدعو إلى حل عسكري لأزمة الأنبار

الصدريون يتهمون رئيس الوزراء باستغلالها انتخابيا

جنود عراقيون يهمون بإطلاق قذيفة هاون خلال اشتباكات مع مسلحين في الرمادي أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون يهمون بإطلاق قذيفة هاون خلال اشتباكات مع مسلحين في الرمادي أمس (أ.ف.ب)
TT

ائتلاف المالكي يدعو إلى حل عسكري لأزمة الأنبار

جنود عراقيون يهمون بإطلاق قذيفة هاون خلال اشتباكات مع مسلحين في الرمادي أمس (أ.ف.ب)
جنود عراقيون يهمون بإطلاق قذيفة هاون خلال اشتباكات مع مسلحين في الرمادي أمس (أ.ف.ب)

أعلن ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أن «المعركة مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) معركة عسكرية وليست سياسية كما يروج لها البعض»، مشددا على أنها «لن تحل بالحوار، بل السلاح هو الحل الوحيد».
وقال القيادي في الائتلاف ورئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان، النائب حسن السنيد، في مؤتمر صحافي عقده ببغداد أمس، إن «أزمة الأنبار ليست أزمة سياسية، وإنما أزمة أمنية مع مجاميع تنظيم القاعدة الإرهابي»، مشيرا إلى أن «الضربات العسكرية ضد (داعش) هي ضربات دقيقة ومبنية على معلومات استخبارية». وأضاف أن «سير العمليات العسكرية في الأنبار وحزام بغداد وفي مناطق أخرى من العراق لمطاردة فلول الإرهاب والقضاء على أوكاره هي عمليات منظمة ومدروسة ومخطط لها بشكل دقيق، وهذا لن يؤثر على سير العملية السياسية وتكاملها». وشدد السنيد على أن «الوضع ليس سياسيا حتى يقلق الشعب من عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، لذلك فالجميع يسعى للانتخابات»، مبينا أن «الأوضاع الأمنية في أي منطقة لن تؤثر سلبا على الناخبين والانتخابات».
بدوره، استبعد رئيس ائتلاف العراقية ورئيس الوزراء الأسبق، إياد علاوي، دحر الإرهاب وتنظيم القاعدة في العراق وتنظيم داعش بمعزل عن العشائر. وقال علاوي في صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) إن «عشائر الأنبار الأصيلة هي التي دحرت كلا من الإرهاب وتنظيم القاعدة في العراق، ومن غير المعقول أن يسود السلام وتدحر (داعش) بمعزل عن هذه العشائر الكريمة وبحلول سياسية من شأنها توحيد المجتمع وتعبئة الطاقات كلها ضد الإرهاب». وأضاف علاوي: «يجب توجيه التحية إلى أهالي المحافظات المجاورة الذين احتضنوا العائلات المهاجرة من الفلوجة، وفي مقدمتها محافظتا كربلاء وصلاح الدين، حيث إن العشائر العراقية قد رفضت الإشاعات والتجاذبات السياسية الطائفية التي تثيرها بعض الكتل لأغراض انتخابية على حساب دماء شعبنا الكريم»، على حد قوله.
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، جواد الحسناوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحرب على الإرهاب و(داعش) هي مسؤولية الجميع، وأنه لا توجد أي كتلة أو جهة سياسية قالت بعكس ذلك لأن هذه مسؤوليتنا جميعا، وطالما أكدنا أهمية إعداد الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية إعدادا يتناسب مع حجم التحديات التي تواجهنا، لكن ما بتنا نلاحظه هو أن هناك من بدأ يستغل هذا الأمر لأسباب سياسية وانتخابية واضحة، وأقصد بذلك (دولة القانون) وحزب الدعوة». وأضاف الحسناوي، أن «هناك لافتات باتت تملأ الشوارع في المدن والمحافظات الجنوبية تبين للجماهير كما لو كانت المعركة ضد الإرهاب هي معركة شخص بعينه (في إشارة إلى المالكي) وإلى حزب معين (حزب الدعوة) وائتلاف سياسي (دولة القانون)، بينما هي معركة كل العراقيين بلا استثناء». وقال الحسناوي إن «الجماهير، لا سيما في المواسم الانتخابية، تخدع من قبل بعض القوى والأحزاب، إذ إننا في الوقت الذي لا بد من التأكيد أن العمليات الحالية ضد الإرهاب هي عمليات دولة لا فئة أو حزب أو طائفة فإن الشعارات واللافتات التي تحمل لون حزب الدعوة تريد إيهام الجماهير بأن العملية تخص جهة معينة». وأوضح أن «هذا الأمر لا يمكن السكوت عنه، حيث إننا سنخبر مفوضية الانتخابات بذلك لأنه ليس عملا غير مشروع فحسب، بل فإنه استغلال للمال العام أيضا».
ميدانيا، دعا محافظ الأنبار، أحمد خلف الدليمي، أهالي بعض المناطق التي جرى تطهيرها من مسلحي «داعش» إلى التريث في العودة لكون بعضها مزروعة بالألغام. وقال الدليمي في صفحته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي: «نهيب بأهالي حي الملعب بالتريث في العودة إلى منازلهم لحين تفكيك العبوات الناسفة التي زرعها تنظيم داعش الإرهابي».
وكانت وزارة الدفاع قد أعلنت، أن «القوات الأمنية وبالتعاون مع أبناء العشائر والشرطة المحلية في محافظة الأنبار تمكنت من تطهير منطقة الملعب من دنس تنظيم (داعش)». بدوره، قال قائد القوات البرية، الفريق علي غيدان، وهو يتفقد منطقة الملعب، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «قواتنا تمكنت بعد مواجهات استمرت أربعة أيام من تطهير هذه المنطقة التي كانت معقلا لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بالإضافة إلى أحياء الضباط والبكر وشارع 60، وتتوزع هذه المناطق في وسط وجنوب مدينة الرمادي». وأضاف غيدان وهو يتجول بحضور محافظ الأنبار وقادة عسكريين، أن «قواتنا تواصل تنفيذ عملية لتطهير منطقة العادل والحميرة، وكلتاهما جنوب الرمادي، من الإرهابيين».
ولا تزال الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) خارج سيطرة القوات العراقية ويفرض مسلحون من «داعش» سيطرتهم على وسط المدينة في حين ينتشر آخرون من أبناء العشائر على أطراف المدينة وتحشدت قوات الجيش حولها وفرضت حصارا مشددا عليها، وفقا لمصادر أمنية ومحلية. ولم يتسن معرفة تفاصيل عن الأوضاع في الفلوجة بسبب انقطاع الاتصالات في المدينة منذ أربعة أيام.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.