الرياضة... ونمو اللغة لدى الأطفال

تعزز النشاط العصبي وتزيد حصيلة المفردات اللغوية وتحسن طريقة النطق

الرياضة... ونمو اللغة لدى الأطفال
TT

الرياضة... ونمو اللغة لدى الأطفال

الرياضة... ونمو اللغة لدى الأطفال

ربما تكون ممارسة الرياضة؛ على اختلاف أنواعها، أفضل سلوك يضمن الحفاظ على حالة صحية جيدة للأطفال والبالغين على حد السواء على المستويين العضوي والنفسي.
ورغم وجود آلاف الدراسات التي توضح فوائدها المتعددة؛ فإن هناك مزيداً من الفوائد التي تُكتشف مع كل دراسة جديدة، مثل الدراسة الحالية التي نُشرت في «مجلة بحوث السمع والكلام واللغة (Journal of Speech Language and Hearing Research)» في شهر أغسطس (آب) الماضي، وتعدّ الأولى من نوعها التي تشير إلى احتمالية أن تلعب الرياضة دوراً مهماً في مساعدة الأطفال على تعلم اللغة ونمو حصيلتهم من المفردات اللغوية الجديدة وتحسين طريقة النطق، خصوصاً في المرحلة العمرية من 6 أعوام إلى 12 عاماً.

مفردات لغوية

الدراسة التي أشرف عليها علماء من «جامعة ديلاوير (University of Delaware)» بالولايات المتحدة أوضحت أن الأطفال الذين يمارسون السباحة أو يشاركون في أي نشاط بدني آخر يركز على الأداء الحركي كانوا أكثر دقة بنسبة 13 في المائة في اختبارات المفردات من الأطفال الذين لم يشاركوا في التمارين.
وتظهر الدراسات السابقة أن هناك زيادة في النشاط العصبي في المخ واستخدام عدد أكبر من التوصيلات العصبية عن طريق نوع معين من البروتين العصبي (neurotrophic factor) وذلك بعد أداء التمرينات، مما يؤدي إلى تحسين تذكر الكلمات لدى البالغين. وكان الهدف من هذه الدراسة هو فحص ما إذا كانت أنواع مختلفة من التمارين يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تحسين الأداء أثناء تعلم المفردات عند الأطفال.
ويقول الباحثون إنه خلافاً للتصور العام من ضرورة الالتزام بمقعد معين والتركيز بشكل كامل في الكلمات المراد تذكرها، فإن التمارين التي تركز على الحركة أكثر من السكون يمكن أن تساعد في تذكر الكلمات الجديدة أكثر من الطرق التقليدية لحفظ الكلمات واسترجاعها. وليس معنى ذلك بالطبع الاستغناء عن الفصول الدراسية أو الطرق المعتادة للشرح، ولكن لإبراز لأي مدى يمكن للرياضة أن تساعد في التفوق الدراسي وليس العكس.
وقام الباحثون بإجراء الدراسة من خلال تجربتين على 48 من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و12 عاماً. وشملت كل تجربة 24 طالباً، وكانت المهمة الموكلة إليهم هي حفظ كلمات معينة. وجرى التدريب على حفظ هذه الكلمات في حالة الاسترخاء؛ حيث جرى تعليم الأطفال أسماء أشياء جديدة ثم تلوينها لمدة 3 دقائق قبل اختبار قدرتهم على التعرف على هذه الكلمات مرة أخرى.
وفي حالة النشاط البدني جرى اتباع الخطوات نفسها ولكن بدلاً من التلوين شارك الأطفال في 3 دقائق من التمرينات الهوائية في الهواء الطلق مثل السباحة في التجربة الأولى أو التمارين داخل الصالات الرياضية المغلقة (anaerobic exercise) في التجربة الثانية. وكانت النتيجة أن دقة التعرف على الكلمات وتذكرها أفضل بكثير للكلمات التي جرى تدريسها وحفظها قبل أداء التمارين الهوائية مقارنة بحالة الاسترخاء في التجربة الأولى. وكانت المفاجأة في التجربة الثانية أنه لم يكن هناك فرق كبير في الأداء بين التمارين اللاهوائية وحالة الاسترخاء وهو الأمر الذي آثار الدهشة؛ لأن الأمر لم يقتصر على مجرد المجهود البدني فقط؛ ولكن استفاد الطلاب من وجودهم في الهواء الطلق فقط مما عزز من تحسين قدرة الأطفال على اكتساب ما يشبه الرابط بين الكلمات والأشياء.

رياضة للمخ

حاول الباحثون الإجابة عن السؤال البديهي: لماذا كان للسباحة على وجه التحديد أثر أكبر في القدرة على استرجاع الكلمات؟ رغم تساوي كمية المجهود المبذول في النشاط البدني فيها وتمرينات اللياقة في الصالات؟ وأرجع العلماء ذلك إلى كمية الطاقة العصبية وليس البدنية التي يتطلبها كل تمرين من المخ. والسباحة نشاط يمكن للأطفال إتمامه في الوقت المحدد دون تفكير أو تعليمات ويكون الأمر أكثر تلقائية مما يسمح للمخ بطاقة تخزين لبعض المعلومات البسيطة مثل الكلمات الجديدة، بينما في حالة تمارين اللياقة البدنية كان الأمر جديداً عليهم، ولذلك احتاج الأطفال إلى التركيز أكثر على تعلم حركات معينة مما يتطلب طاقة ذهنية أكبر بطبيعة الحال.
من المعروف أن التمرينات الرياضية بشكل عام تساعد الطلاب في التعلم من خلال 3 آليات رئيسية؛ أولاً: لأنها تحفز المخ وتزيد من اليقظة الذهنية والانتباه مما يجعل الطالب مستعداً للمعلومات الجديدة. ثانياً: لأنها تساعد الخلايا العصبية على الارتباط بعضها ببعض لتكوين وتهيئة الأساس الخلوي لتسجيل المعلومات. ثالثاً: لأنها تقوم بمساعدة خلايا جذعية عصبية جديدة في النمو؛ وهو الأمر الذي يجعل منها ليست مجرد وسيلة لمساعدة المخ على الاستعداد للتعلم فقط؛ ولكنها في الواقع تجعل الاحتفاظ بالمعلومات مهمة أسهل من الشكل التقليدي.
أوضحت الدراسة أن هذه النتائج يمكن أن تكون ذات نفع كبير في تعليم اللغات أو التعليم بشكل عام؛ خصوصاً الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم لأسباب عضوية أو نفسية؛ وهو الأمر الذي يمكن أن يفيد الأطباء ومقدمي الخدمة المتعاملين معهم.
يذكر أن هناك باحثين آخرين من الجامعة نفسها شرعوا في إجراء التجربة نفسها على الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة (toddlers) وفي حالة نجاحهم في هذه الفئة العمرية تكون ممارسة الرياضة ساهمت في رفع المستوى الإدراكي للطفل في مرحلة التكوين. وكلما كان النشاط البدني جزءاً من حياة الطفل، ساهم ذلك في الحفاظ على صحته العضوية والنفسية.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

10 طرق للحفاظ على الصحة العقلية

الصحة العقلية تلعب دورا في استقرار الإنسان (رويترز)
الصحة العقلية تلعب دورا في استقرار الإنسان (رويترز)
TT

10 طرق للحفاظ على الصحة العقلية

الصحة العقلية تلعب دورا في استقرار الإنسان (رويترز)
الصحة العقلية تلعب دورا في استقرار الإنسان (رويترز)

قدم خبراء لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية نصائح للحفاظ على صحة العقلية وقالوا إنها سهلة ويمكن أن يحدث فرقاً كبيراً.

1- حرك جسدك

ووفقاً للخبراء، فإن النشاط البدني أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها لعقلك؛ فبعد التمرينات مباشرة، يميل الناس إلى التعبير عن شعورهم بتحسُّن عاطفي، لكن الفوائد الحقيقية تأتي من ممارسة الرياضة بشكل منتظم بمرور الوقت؛ فالأشخاص الذين يمارسون الرياضة لديهم فرص أقل للإصابة بالاكتئاب والخرف.

ويعتقد العلماء أن تحريك جسمك يؤدي إلى تدفق دم إضافي وإفراز مواد كيميائية في الدماغ، مما قد يساعد في بناء روابط جديدة بين الخلايا العصبية.

وفي المقابل، مع الاكتئاب والخرف، يتم فقد العديد من هذه الروابط، لذلك يمكن للدماغ بحالة صحية أن يعمل حاجزاً ضد الضعف.

تُعَدُّ التمارين المنزلية خياراً مناسباً للكثير من الأشخاص نظراً لسهولة تنفيذها (أ.ب)

2- عالج القلق

تُظهر دراسة تلو الأخرى أن العديد من الأشخاص يشعرون بالقلق وهناك طرق لإدارة القلق منها مواجهة مخاوفك، حيث تشير الأبحاث إلى أن مواجهة الأشياء التي تجعلنا قلقين بشكل مباشر يمكن أن تساعد في كسر الخوف، ويمكنك القيام بذلك مع معالج، أو يمكنك القيام بذلك بنفسك.

وكذلك بأن تركز على نفسك بدلاً من قلقك، فكِّر في السمات الشخصية التي تعجبك، ثم افعل شيئا ذا معنى لتجسيدها على سبيل المثال، إذا كان الكرم مهماً بالنسبة لك، ففكر في التطوع.

وكذلك حاول ألا تبالغ في التهويل، واسأل نفسك: هل كان مقدار القلق بشأن مشكلة معينة يستحق ذلك؟ كيف تعاملت مع مخاوفي وما هو أهم شيء تعلمته؟ اكتب ملاحظاتك حتى تتمكن من الرجوع إليها إذا عادت المخاوف إلى الظهور.

3- تحدي عقلك

ينصح الخبراء بممارسة ألعاب الذكاء مثل الكلمات المتقاطعة والأنشطة الأخرى المحفزة للإدراك، مثل لعب الطاولة، أو قراءة الكتب أو الصحف، أو تعلم لغة أخرى.

4- احصل على قسط جيد من النوم ليلاً

يعاني الكثيرون من الحرمان المزمن من النوم، حيث يقول ثلث البالغين إنهم يحصلون على أقل من 7 ساعات في الليلة، وعندما يواجه الناس صعوبة في النوم، فقد يؤدي للشعور بالعواطف السلبية أو أسرع في الغضب، أو لديهم أفكار أكثر سلبية.

5- تخلص من الضغوط

نشعر جميعاً أحياناً بالتعثر في العمل أو في علاقاتنا، ولكن هناك أشياء صغيرة يمكنك القيام بها لبدء حياتك، منها أن تجرب «تدقيق الاحتكاك»؛ بأن تحدد الأشياء التي تخلق عقبات وتضيف تعقيدات أو ضغوطاً إلى حياتك اليومية وحاول التخلص منها.

وللبدء، اسأل: هل أكرر أنماطاً معينة غير مفيدة؟ هل هناك أشياء أقوم بها بانتظام ولا أستمتع بها؟

وكذلك حاول «التنبؤ بالمستقبل»؛ فكِّر في الشكل الذي قد يبدو عليه الأمر إذا «تحررتَ من الضغط»، ثم فكر في الخطوات المحددة التي قد تساعدك في العمل نحو تحقيق هذه الرؤية.

ودوِّن هذه الخطوات، ويُفضَّل أن تكون بخط اليد، وحاول القيام بخطوة واحدة على الأقل كل يوم.

6- حافظ على برودة الطقس

ضع في اعتبارك أنه عندما ترتفع درجات الحرارة، يمكن لها أن تؤثر بشكل كبير على الدماغ، وتظهر الدراسات أن الأيام الحارة تضعف إدراكنا وتجعلنا أكثر عدوانية وسرعة انفعال واندفاع.

وقالت كيمبرلي ميدنباور، الأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة ولاية واشنطن: «ميلك إلى التصرف دون تفكير، أو عدم القدرة على منع نفسك من التصرف بطريقة معينة يتأثر بالحرارة».

عندما يأتي يوليو (تموز) وأغسطس (آب) خذ الحرارة على محمل الجد، وأعطِ الأولوية للبقاء هادئاً ورطباً.

ويمكن أن يساعد تكييف الهواء، والجلوس تحت مروحة أثناء رش نفسك بالماء البارد، والاستحمام البارد أو العثور على مركز تبريد قريب، على استمرار دماغك في العمل بأفضل حالاته.

معظم حالات الانتحار تنبع من اضطرابات الصحة العقلية (رويترز)

7- أسكت الانتقادات الداخلية

إذا كنتَ تشعر غالباً بأنك لم ترتقِ أبداً إلى المستوى المطلوب، فقد يكون الوقت قد حان لقبول ما هو «جيد بما فيه الكفاية».

ويقترح الخبراء التخلص من هذا الشعور المزعج بأنك كان بإمكانك أو كان ينبغي عليك القيام بالمزيد. وبدلاً من ذلك، امنح نفسك الفضل فيما تنجزه كل يوم.

ووجد إيثان كروس، أستاذ علم النفس بجامعة ميشيغان، أنه عندما يستخدم الناس كلمة «أنت» أو اسمهم في حوار داخلي بدلاً من قول «أنا»، فإن ذلك يبدو أكثر بناءً وإيجابية.

لذا بدلاً من قول: «لا أصدق أنني ارتكبت هذا الخطأ. لقد كان غبياً جداً مني»، فكر في قول هذا: «لقد ارتكبت خطأ. لكن خطأك هو شيء حدث لكثير من الأشخاص الآخرين أيضاً، ولن تشعر بالسوء حيال ذلك إلى الأبد».

8- اعتنِ بصحتك الجسدية

نعلم أن دماغنا وجسمنا متصلان، ولكن من السهل أن ننسى مدى تأثير أحدهما على الآخر.

وأكد الباحثون في مركز ماساتشوستس العام لصحة الدماغ على مدى أهمية الصحة البدنية للرفاهية العقلية والإدراكية؛ فكلما كان جسمك أكثر صحة، كان عقلك أكثر صحة.

9- تكوين صداقات جديدة

يمكن أن يؤدي الشعور بالوحدة والعزلة إلى الإضرار بصحتنا العقلية، وقد يغير أدمغتنا أيضاً.

وفي الواقع، هناك مجموعة متزايدة من الأبحاث تُظهر وجود صلة بين الشعور بالوحدة ومرض ألزهايمر.

ويعتقد الخبراء أن ذلك قد يكون لأن الشعور بالوحدة يحفز استجابة الجسم للتوتر، مما يزيد من الالتهاب.

وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي الإجهاد المزمن والالتهاب إلى إتلاف خلايا المخ والاتصالات بينها، مما قد يساهم في الخرف.

لمكافحة الشعور بالوحدة، تواصل مع صديق أو فرد من العائلة - حتى مكالمة هاتفية قصيرة يمكن أن يكون لها فائدة قوية.

10- تَسامَحْ

لقد كُتب الكثير عن سبب كون التسامح مفيداً لنا، لكن المعالجين والكتاب والعلماء يشككون في الحكمة التقليدية القائلة إنه دائماً أفضل طريق.

وفي كتابها: «لا داعي للمسامحة. التعافي من الصدمة بشروطك الخاصة»، الذي سيصدر في فبراير (شباط)، تصف معالجة الصدمات والمؤلفة أماندا جريجوري المغفرة بأنها عملية عاطفية، وليست نقطة نهاية، وقد تساعدك هذه العملية على تجربة عدد أقل من المشاعر أو الأفكار السلبية حول الشخص الذي أخطأ في حقك، ولكن هذا لا يعني أنه يجب عليك أن تحب هذا الشخص.

وقالت: «يمكنك أن تسامح شخصاً ما، ولا تتعامل معه بأي شكل من الأشكال»، وأضافت أنه إذا كنت تفضل عدم المسامحة أو لم تكن مستعداً، فهذا أمر جيد أيضاً.