بغداد «تحاصر» شبكة لتزوير الانتخابات

مصادر تتحدث عن «اعترافات» متورطين عرضوا خدماتهم على المرشحين

الانتخابات البرلمانية العراقية السابقة كانت محل اتهامات عديدة بالتزوير (رويترز)
الانتخابات البرلمانية العراقية السابقة كانت محل اتهامات عديدة بالتزوير (رويترز)
TT

بغداد «تحاصر» شبكة لتزوير الانتخابات

الانتخابات البرلمانية العراقية السابقة كانت محل اتهامات عديدة بالتزوير (رويترز)
الانتخابات البرلمانية العراقية السابقة كانت محل اتهامات عديدة بالتزوير (رويترز)

أسبوع ساخن مرّ على السلطات التنفيذية في العراق لملاحقة أنشطة مشبوهة لتزوير الانتخابات المقبلة، تورطت فيها جهات سياسية، قبل نحو شهر من موعد الاقتراع، أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وعقب إعلان الحكومة العراقية، أول من أمس، «نجاحها» في إحباط تزوير محتمل للانتخابات، عقد قادة كتل سياسية بحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، اجتماعاً في وقت متأخر من ليلة أول من أمس، لبحث المخاوف من أن تكون تلك «الأنشطة المشبوهة» جزءاً من حراك واسع وممنهج قد يقوّض الاستحقاق الانتخابي المقبل.
وقالت مصادر خاصة إن «عدداً من المتورطين بعمليات محدودة لتزوير الانتخابات اعتُقلوا خلال الأسبوع الماضي، وقادت اعترافاتهم إلى آخرين قد يشكلون شبكة واسعة». وبحسب المصادر، فإن «قادة الكتل كانوا متخوفين من فضائح تزوير قد تمنع إجراء الانتخابات في موعدها، وحاولوا الحصول على تطمينات من أن مثل هذه العمليات غير ممكنة فنياً».
وتقول المصادر إن «ممثلي المفوضية الذين حضروا الاجتماع الخاص عرضوا عمليات إجرائية وفنية تؤكد صعوبة التزوير، لكن قادة الأحزاب كانوا يبحثون عن تعهدات سياسية بخوض الاستحقاق المقبل، دون المخاطرة بنزاهتها بشكل مفضوح».
وعلى ما يبدو، فإن الاجتماع الذي رعاه الكاظمي كان يهدف إلى جمع القوى السياسية، القلقة من التزوير أو المتورطة فيه، ووضعهم أمام طبيعة الإجراءات القانونية والأمنية المتخذة، التي من المحتمل أن تتصاعد قريباً.
تقول المصادر إن «الاجتماع كان محاولة لكبح جماح الجهات التي تنوي خوض الانتخابات بمساعدة شبكة من المزورين».
ولا تزال السلطات العراقية تتحفظ على الإدلاء بمعلومات عن عضو مفوضية الانتخابات السابق، مقداد الشريفي، الذي تدور حوله شبهات حول تورطه بشبكة تزوير، فيما تتداول وسائل إعلام أنباء عن اعتقاله. وقال مصدر رفيع، طلب التحفظ على هويته، إن «الشريفي يخضع لتحقيق رسمي من السلطات الأمنية، التي اعتقلته في مطار بغداد قبل مغادرته البلاد، فيما كشفت الاعترافات الأولية أنه يقود مجموعة تنفذ عمليات تزوير تحت الطلب، لصالح جهات سياسية تنافس على مقاعد البرلمان الجديد».
وبحسب المصدر، فإن الشريفي «أخبر زعامات سياسية أنه قادر على تنظيم علميات تزوير مضمونة بحكم نفوذه القديم داخل مفوضية الانتخابات».
وقال مسؤول حكومي رفيع إن «مزاعم الشريفي بشأن نفوذه داخل الجهاز التنفيذي للانتخابات مبالغ، نظراً لأن المفوضية تدار الآن، وخلافاً للسابق، من قبل جهاز قضائي بصلاحيات واسعة».
وتشير اعترافات الشريفي، الذي ورد اسمه ضمن اعترافات معتقلين سابقين مرتبطين بالمجموعة التي أعلن الكاظمي اعتقالها، الأسبوع الماضي، إلى أن المجموعة تمكنت من سرقة عدد محدود من أجهزة التصويت، فضلاً عن عدد كبير من البطاقات الانتخابية. وبعد امتلاك هذه المعدات، عرض الشريفي «خدمات التزوير» على أحزاب سياسية، تقول المصادر إن عدداً من قادتها قبل العرض مقابل مبالغ مالية طائلة.
وأسفرت الاعترافات عن إصدار أوامر قبض جديدة بحق أشخاص على صلة بالشريفي، فيما رفضت جهات أمنية وحكومية الرد على تساؤلات «الشرق الأوسط» عن ظروف التحقيق مع الشريفي، وطبيعة التهم الموجهة له. مصدر أمني رفيع اكتفى بالقول: «الملف على قدر كبير من الحساسية السياسية».
والحال أن الاجتماع الليلي الذي جمع الكاظمي بالقوى السياسية «استهدف استعراض الحملة القضائية والحكومية ضد محاولات التزوير، وإظهار الجدية في محاسبة المتورطين فيها». لكن مستشاراً سياسياً، أوضح أن الأسبوع الماضي شهد «تدفقاً غير مسبوقاً من التحركات القضائية لمحاصرة هذه الأنشطة، وإن كان حجمها ونطاقها لا يشكل خطراً فعلياً على مجمل العملية الانتخابية».
وقال المستشار، لـ«الشرق الأوسط»، إن المفوضية تدار الآن من قبل جهاز قضائي، وإن السلطات القضائية أظهرت ردود أفعال سريعة وقوية لحماية الجهاز الانتخابي»، فيما بدا أنها رسائل سياسية موجهة لأحزاب تحاول اختراق المفوضية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».