الشرطة الروسية تدخل «مهد الثورة» السورية

درعا تتسلم طلبات جديدة من دمشق

عربة عسكرية روسية في حي الأربعين بدرعا البلد جنوب سوريا أمس (تجمع أحرار حوران)
عربة عسكرية روسية في حي الأربعين بدرعا البلد جنوب سوريا أمس (تجمع أحرار حوران)
TT

الشرطة الروسية تدخل «مهد الثورة» السورية

عربة عسكرية روسية في حي الأربعين بدرعا البلد جنوب سوريا أمس (تجمع أحرار حوران)
عربة عسكرية روسية في حي الأربعين بدرعا البلد جنوب سوريا أمس (تجمع أحرار حوران)

سادت حالة من التوتر في مدينة درعا البلد، مساء الخميس، من الانقلاب على الاتفاق الجديد الذي اتفقت عليه الأطراف مساء الثلاثاء الماضي، بعد أن قدمت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا من لجنة درعا البلد طلباً جديداً يشمل تسليم 40 بندقية فردية و2 دوشكا، وطالبت بنشر 9 نقاط عسكرية في درعا البلد. وكذلك طالبت بدخول الجيش لتفتيش بعض المنازل في درعا البلد، بعد أن كان الاتفاق يقضي بتسليم 34 بندقية وتسوية أوضاع المطلوبين وحصل ذلك يوم الأربعاء، ونصب 4 نقاط عسكرية فقط، وسط مباحثات تجري بين اللجان والجانب الروسي لاحتواء الموقف.
واستكملت، صباح الخميس، عملية إجراء التسويات لأبناء مدينة درعا البلد لليوم الثاني، ودخلت دوريات للشرطة الروسية إلى المدينة، ورافقت وفد اللجنة الأمنية المخولة بإجراء التسويات والاطلاع على واقع المدينة وتفتيش البطاقات الشخصية لسكان المدينة للكشف عن عدم وجود غرباء، بعد أن توصلت الأطراف لاتفاق مساء الثلاثاء الماضي بإشراف الجانب الروسي، ودخلت بموجبه القوات الروسية إلى مدينة درعا البلد مهد الثورة السورية صباح يوم الأربعاء، مع تطبيق أول بنود الاتفاق بوقف إطلاق النار مباشرة في المدينة، واجتمعت مع عدد من وجهاء المدينة واللجنة المركزية، وبدأوا تطبيق بنود اتفاق التسوية في المدينة وإجراء التسويات لـ34 شخصاً من أبناء مدينة درعا البلد، وتسليم أسلحتهم، ورفع العلمين السوري والروسي في البناء المخصص لإجراء التسويات.
وقال الناطق باسم لجنة التفاوض في درعا عدنان المسالمة إنه تم التوافق بين وجهاء حوران واللجنة المركزية في المنطقة الغربية والفيلق الخامس ولجنة درعا البلد من جهة، واللجنة الأمنية من جهة أخرى، على الوقف الفوري لإطلاق النار وبضمانة الجانب الروسي، ودخول دورية للشرطة العسكرية وتمركزها في درعا البلد، وفتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ونشر 4 نقاط أمنية، إضافة إلى معاينة هويات الموجودين في درعا البلد، لنفي وجود غرباء، وفك الطوق عن محيط مدينة درعا، وإدخال الخدمات إلى درعا البلد، وإعادة عناصر مخفر الشرطة، والعمل على إطلاق سراح المعتقلين، وبيان مصير المفقودين، عقب مضي خمسة أيام على تطبيق كامل بنود الاتفاق.
وقال عضو اللجنة المركزية للتفاوض، لـ«الشرق الأوسط»، إن أبناء مدينة درعا المقاتلين، لم يقفوا ضد العملية السلمية للمدينة، لكن الفشل المستمر للمفاوضات الماضية كان بسبب الشروط والطلبات القاسية منهم، وبعد التوصل لاتفاق وسطي بين الأطراف جميعاً الثلاثاء، والتنازل عن المطالب المجحفة بحق أبناء المدينة، بضمانة الجانب الروسي، بادر 34 شخصاً، الأربعاء، بتسليم أسلحتهم الفردية والحضور إلى مركز التسوية، وفقاً للتطمينات الروسية التي تعهدت بمنع ارتكاب خروقات بحق الراغبين في تسوية أوضاعهم وعدم ملاحقتهم سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، وبدأت الدوريات الروسية في درعا البلد، ومنعت دخول القوات الأجنبية التي استقدمتها الفرقة الرابعة إلى المدينة، وتشرف على عملية وقف إطلاق النار والقصف على المدينة.
وأوضح الناشط محمود أبازيد، من مدينة درعا البلد، أن الخطر لم يزُل عن درعا البلد، والحصار قائم، ولا تتوفر المواد الأساسية للمدنيين المحاصرين هناك بعد، وبنود الاتفاق تطبق على مراحل، ويجب على كل المعنيين بالاتفاق إتمام فك الحصار وعودة النازحين إلى بيوتهم، مشيراً إلى أن عائلات كثيرة ستُفاجأ عند عودتها لدرعا البلد بحجم الدمار الذي طال الأحياء المحاصرة في درعا البلد وطريق السد والمخيمات، وأن الأهالي التي نزحت حتى الآن لم تعد إلى المدينة، ولم تفتح الطرقات المؤدية إليها، مرجحاً أن تتم عملية عودة الأهالي بعد تسليم المطلوبين لأسلحتهم وتسوية وضعهم وإبعاد القوات المحاصرة للمدينة.
وأشار الناشط عمران الحوراني، من مدينة درعا، إلى أن المخاوف في درعا مستمرة رغم الاتفاق السلمي، «لأننا تعايشنا مع اتفاق عام 2018 وعادت قوات الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية وطوقت درعا البلد بذرائع جديدة بهدف كسر مدينة (مهد الثورة) وإلغاء رمزيتها ومناهضتها المستمرة للنظام السوري، والخوف يكمن بعد الاتفاق والتسوية الجديدة أن تعود هذه القوات بذرائع جديدة لتسيطر على المدينة أو القيام بأفعال انتقامية أو اعتقالات خارجة عن القانون، خاصة أن الخطاب الروسي الأخير خلال المفاوضات كان يؤكد تعديل بنود اتفاق عام 2018 الذي جرى بشكل استثنائي وبوقت قصير، ولوّح بانتقال الأعمال العسكرية إلى مناطق أخرى في درعا مثل مدينة طفس بريف درعا الغربي».
وتوصلت لجان التفاوض في درعا مع الجانب الروسي، مساء الثلاثاء، إلى اتفاق للوصول إلى حل سلمي في مدينة درعا البلد، وقالت مصادر من لجان التفاوض إنه تم الاتفاق مع الجانب الروسي واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري وبتنسيق مع الفيلق الخامس على وقف إطلاق النار مباشرة، ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى درعا البلد ورفع العلمين الروسي والسوري على المؤسسات الحكومية، وإنشاء 3 نقاط عسكرية (حواجز) مشتركة بين الأمن العسكري واللواء الثامن التابع للفيلق الخامس من أبناء المنطقة الجنوبية، وإجراء تسويات للمطلوبين المدنيين والعسكريين الفارين من الخدمة الإلزامية، وتسليم عدد من السلاح، وتهجير من لا يرغب في إجراء التسوية إلى الشمال السوري بضمان الشرطة الروسية، والبدء بتطبيق بنود الاتفاق اعتباراً من يوم الأربعاء.
ويقول مسؤولون محليون إن نحو 50 ألف نسمة عدد سكان مدينة درعا البلد وطريق السد والمخيم، فرّ منهم مؤخراً منذ شهر يوليو (تموز) الماضي أكثر من 40 ألف نسمة، بعد حصار فرضته قوات الفرقة الرابعة مدعومة بالميليشيات الإيرانية على المدينة منذ 70 يوماً، مع منع قوات النظام السوري خلالها دخول الغذاء والدواء والوقود، وخروج المركز الطبي والفرن الوحيد في المنطقة عن الخدمة، لكن قوات النظام كانت تفتح ممراً للمدنيين للمغادرة بين الحين والآخر، ومارست قصفاً مكثفا على أحياء المدينة، أغلبه تركز في منطقة البحار.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.