تركيا تبحث مع الأمم المتحدة التعاون في مساعدة السوريين

TT

تركيا تبحث مع الأمم المتحدة التعاون في مساعدة السوريين

أجرت تركيا والأمم المتحدة مباحثات بشأن التعاون في جهود تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين، في وقت أعلنت الحكومة التركية عن تدابير مشددة بالنسبة للسوريين في العاصمة أنقرة تتضمن السماح فقط ببقاء المسجلين فيها وإعادة المسجلين في ولايات أخرى إلى مناطقهم واحتجاز وترحيل المخالفين لقواعد الحماية المؤقتة.
وبحث نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال، مع مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، التعاون بين تركيا والأمم المتحدة. وقالت الخارجية التركية، في بيان، إنه «تم التأكيد خلال اللقاء على الامتنان حيال التعاون الوثيق والمتطور بين تركيا ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية».
وأضاف البيان، أن الجانبين استعرضا الجهود المبذولة لتلبية الاحتياجات الإنسانية للسوريين، والعمل المشترك بين تركيا والأمم المتحدة، كما تم تبادل الآراء حول اليمن وأفغانستان.
كما بحث المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين مع غريفيث الأوضاع الإنسانية وقضايا المساعدات في سوريا وأفغانستان.
في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الداخلية التركية عن حزمة قرارات جديدة تخص السوريين في العاصمة أنقرة، مشيرة إلى أنه نتيجة للتقييمات التي تم إجراؤها بمشاركة مكتب محافظ أنقرة وإدارة الهجرة، ووحدات قوات الدرك والشرطة، بتنسيق من الوزارة، تقرر إغلاق الحدود الإقليمية لأنقرة، اعتباراً من أمس (الخميس)، لتسجيل الحماية المؤقتة.
وتضمنت القرارات الجديدة، تحديد هوية السوريين الذين يتمتعون بالحماية المؤقتة والمسجلين في ولايات أخرى، المقيمين في أنقرة، وإعادتهم إلى الولايات التي تم تسجيلهم فيها، وستكون إجراءات إقامتهم في تلك الولايات فيها متبوعة بالتزام الإخطار.
وسيتم، في إطار التدابير التي تضمنتها القرارات، تحديد المباني المهجورة والأجانب المقيمين فيها، والتي تعد مصدر حوادث الهجرة والمخدرات والنظام العام في أنقرة، واستكمال إجراءات الهدم والإخلاء وإرسال هؤلاء الأجانب إلى الولايات التي تم تسجيلهم فيها.
وتقرر مواصلة احتجاز المهاجرين غير الشرعيين، الذين لا يتمتعون بأي وضع حماية أو تصريح إقامة من قبل وحدات إنفاذ القانون، ووضعهم رهن الاحتجاز الإداري في مراكز الترحيل من أجل تنفيذ إجراءات ترحيلهم.
وقالت الداخلية التركية، إنه سيتم تطبيق جميع أنواع العقوبات على الفور في إطار التشريعات اللازمة فيما يتعلق بأماكن العمل التابعة للأجانب الذين ليس لديهم لائحة ضريبية.
ويتصاعد العداء للاجئين في تركيا مع مطالبة بعض أحزاب المعارضة والسياسيين بفرض قيود أكثر صرامة على اللاجئين؛ ما ساهم في تأجيج مشاعر الكراهية تجاه اللاجئين، وبخاصة السوريون، كونهم يشكلون القسم الأكبر منهم.
وجاءت القرارات الأخيرة للداخلية التركية على خلفية الأحداث التي شهدها حي ألطن داغ في أنقرة في 11 أغسطس (آب) الماضي، على خلفية شجار بين اثنين من الأتراك واثنين من السوريين، قتل فيها تركي وأصيب آخر، ما تسبب في تفجير احتجاجات في الحي وعدد من الأحياء الأخرى هاجم فيها الأتراك ممتلكات السوريين وقاموا بتخريب وإحراق بعضها.
وبات إطلاق هتافات تدعو إلى طرد السوريين من البلاد ظاهرة قبل بدء المباريات في الملاعب الرياضية؛ وهو ما تستغله بعض الأحزاب، وبخاصة حزبا الشعب الجمهوري، وحليفه حزب «الجيد» القومي، اللذين تعهدا بإعادة السوريين إلى بلادهم، كورقة رابحة لتحقيق مكاسب سياسية وكسب المزيد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقررة في 2023.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.