كيف تفوّق تشيلسي تكتيكياً على ليفربول رغم النقص العددي؟

المواجهة بين الفريقين عكست قوة الفريق اللندني حتى في أصعب الظروف

ما يحسب لتوخيل أنه نجح في إعادة تنظيم فريقه بالشكل الذي ساعده على الصمود في الشوط الثاني (رويترز)
ما يحسب لتوخيل أنه نجح في إعادة تنظيم فريقه بالشكل الذي ساعده على الصمود في الشوط الثاني (رويترز)
TT

كيف تفوّق تشيلسي تكتيكياً على ليفربول رغم النقص العددي؟

ما يحسب لتوخيل أنه نجح في إعادة تنظيم فريقه بالشكل الذي ساعده على الصمود في الشوط الثاني (رويترز)
ما يحسب لتوخيل أنه نجح في إعادة تنظيم فريقه بالشكل الذي ساعده على الصمود في الشوط الثاني (رويترز)

شهدت كرة القدم خلال أول 100 عام من تطورها، بعد وضع القوانين الحديثة لأول مرة في عام 1863، كثيرًا من التغييرات على مستوى طرق اللعب، حيث بدأنا بسبعة مهاجمين ومدافع واحد، ثم أعدنا اللاعبين للخلف ببطء حتى أصبح لدينا أربعة مدافعين ومهاجمين اثنين فقط، وانتقلنا من اللعب بطريقة فوضوية عشوائية، ومن طرق اللعب التي تعتمد على الرقابة رجل لرجل إلى طرق اللعب التي تعتمد على دفاع المنطقة. وبحلول منتصف الستينيات من القرن الماضي، وصلت كرة القدم إلى درجة كبيرة من النضج والتطور.
وبدأت التغييرات منذ ذلك الحين تحدث بطريقة تدريجية، ولم يعد هناك الزخم نفسه فيما يتعلق بالاندفاع للعب الهجومي. وتظهر طريقة للعب تبدو عصرية، وتحقق نجاحاً كبيراً لبعض الوقت، قبل أن تختفي وتظهر طريقة لعب أخرى، وهكذا. وعلى مستوى النخبة على وجه الخصوص، يحدث التطور التكتيكي بشكل دوري، على الرغم من أن معرفتنا بما حدث من قبل تعني أننا نعلم أن أي طريقة لعب ستأخذ بعض الوقت، وستظهر طريقة أخرى تحقق نجاحاً وانتشاراً أكبر، ويحدث ذلك لعدد من الأسباب، منها تفكير المديرين الفنيين المميزين خارج الصندوق، والتكنولوجيا المتطورة في الأحذية والكرات والملاعب والتغذية والتدريب البدني، وربما الأكثر أهمية اليوم تحليل البيانات.
وقد شعرت بأن مباراة ليفربول وتشيلسي في المرحلة الثالثة من الدوري الإنجليزي على ملعب «آنفيلد» تحظى بأهمية كبيرة في هذا الصدد، خاصة أنها كانت مواجهة بين مديرين فنيين مختلفين من المدرسة الألمانية الحديثة في عالم التدريب. فمن ناحية، يعتمد المدير الفني لليفربول، يورغن كلوب، على الحيوية والتحرك المستمر والضغط المتواصل على حامل الكرة، معتمداً في ذلك على تحليلات دقيقة للسرعة واللعب المباشر. لكن التركيز على استعادة الكرة فور فقدانها ظهر كتحدٍ مباشر لطريقة اللعب التي تعتمد على الاستحواذ على الكرة، والتي طبقها المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا في برشلونة.
ومن ناحية أخرى، هناك المدير الفني لتشيلسي، توماس توخيل، الذي نشأ في بيئة مماثلة لتلك التي شكلت كلوب (إلى حد أنه، كما يحرص كلوب دائماً على تذكير الناس، كان هو الذي أعطى توخيل الفرصة لتولي قيادة نادي ماينز)، لكنه يميل أكثر قليلاً إلى طريقة اللعب التي يعتمد عليها غوارديولا، حيث إن كرة القدم التي يقدمها توخيل ليست مباشرة مثل تلك التي يعتمد عليها كلوب، فهو لا يميل إلى المخاطرة، بل يميل أكثر إلى نقل الكرة كثيراً، والسيطرة على المباراة.
وكانت المباراة بين ليفربول وتشيلسي على ملعب «آنفيلد» هي المواجهة رقم 16 بين كلوب وتوخيل، لكن توخيل لم يفز إلا في ثلاث مباريات فقط. غير أن الحقيقة أن هذه المقارنة ليست عادلة تماماً، ففي أول عشر مواجهات بينهما، كان توخيل يتولى تدريب نادي ماينز الألماني. أما في المواجهات الستة التالية منذ انتقال توخيل لتولي القيادة الفنية لأندية النخبة (بوروسيا دورتموند وباريس سان جيرمان قبل تشيلسي)، حسم التعادل الأمور في مباراتين، كما فاز كل منهما في مباراتين. ومع ذلك، يبدو من المرجح بشكل متزايد أن توخيل سيحقق أكبر نجاح خلال مسيرته التدريبية مع الفريق الحالي لنادي تشيلسي.
لا يقتصر الأمر على إنفاق مبالغ مالية طائلة على إبرام صفقات جديدة من أجل تكوين الفريق القوي الحالي لتشيلسي -وإن كان هذا أحد العوامل الأساسية بالطبع- لكن الأمر يمتد إلى أن تشيلسي يتمتع بتوازن كبير للغاية في تشكيلته الحالية، وهو الأمر الذي لم يكن موجوداً في باريس سان جيرمان. بطبيعة الحال، لا يزال تمويل كرة القدم الحديثة يمثل مشكلة كبرى، وبالطبع يجب أن تكون هناك مخاوف بشأن مصدر كثير من الأموال، وبشأن النظام الذي يسمح لعدد قليل من الأندية بتكديس وتخزين مثل هذه الوفرة من المواهب، لكن هذا لا يمنع أن تشيلسي قد أنفق تلك الأموال بشكل مدروس رائع للغاية من أجل تكوين هذا الفريق القوي.
لقد كان الشوط الأول قوياً مثيراً للغاية، وتفوق تشيلسي بشكل ملحوظ، ليس فقط من خلال النتيجة، ولكن أيضاً من خلال اللعب والتحرك. لم يستحوذ تشيلسي على الكرة إلا بمقدار الثلث تقريباً، لكنه كان أكثر خطورة وأكثر تهديداً للمرمى، ثم جاءت البطاقة الحمراء التي حصل عليها ريس جيمس، والتي بغض النظر عن الجدل المثار بشأن ما إذا كان الخطأ متعمداً أم لا، ولماذا بدا الحكم كأنه ينظر فقط إلى صورة ثابتة على الشاشة، قلبت الأمور رأساً على عقب. ولم يكن هذا الخطأ يعني احتساب ركلة جزاء فحسب على تشيلسي، لكنه كان يعني أيضاً أن الفريق سيكمل المباراة بعشرة لاعبين.
لقد أظهرت احتجاجات لاعبي تشيلسي التي كانت قوية للغاية، حتى أنها تسببت في حصول لاعبين آخرين على بطاقتين صفراويين، مدى اهتزاز وقلق لاعبي البلوز بسبب ما حدث، والشعور بأن المباراة قد خُطفت من بين أيديهم من خلال لعبة مثيرة للجدل، وقانون ربما كان ينبغي تعديله فيما يتعلق بلمسات اليد. لكن ما يحسب لتوخيل حقاً هو أنه نجح في إعادة تنظيم فريقه بالشكل الذي ساعده على الصمود في الشوط الثاني، والخروج بالمباراة إلى بر الأمان، والحصول على نقطة ثمينة وهو يلعب بعشرة لاعبين طوال الشوط الثاني.
لقد خلق ليفربول كثيراً من الفرص، حيث سدد 19 تسديدة في الشوط الثاني، لكنه لم يتمكن أبداً من ممارسة الضغط المستمر الذي يمكنه من اختراق دفاعات تشيلسي. وفي الحقيقة، لم يشعر المرء خلال متابعة الشوط الثاني أن ليفربول سيتمكن من إحراز هدف الفوز، وذلك لأن تشيلسي كان يلعب بشكل منظم للغاية، ونجح في إبعاد الخطورة عن مرماه. أما بالنسبة لتشيلسي، فبغض النظر عن الإحباط الذي قد يشعر به اللاعبون بسبب خسارتهم لنقطتين كانا في المتناول، والطريقة التي خسروا بها تقدمهم في المباراة، فإن ما حدث يعد شيئاً إيجابياً للغاية، ويعكس قوة تشيلسي حتى في أصعب الظروف واللحظات.
ومن المعروف أن ثقافة الأندية الكبرى تميل إلى عدم الاهتمام بالنواحي الدفاعية بقدر الاهتمام نفسه بالنواحي الهجومية. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أنه قبل عام 2008، كان معدل الأهداف في مباريات خروج المغلوب بدوري أبطال أوروبا أقل من ثلاثة أهداف في مباراة واحدة فقط. ومنذ ذلك الحين، انخفض هذا المعدل مرة واحدة فقط عن هذا الرقم. وعندما تكون أندية النخبة أغنى بكثير من معظم منافسيها، فلماذا تهتم بهذا الأمر؟ وحتى لو اهتمت به، وحاولت تحسين دفاعاتها، فأين يمكنها القيام بذلك وهي تهيمن تماماً على الساحة المالية، ولا تتعرض دفاعاتها لاختبارات قوية أمام منافسين ضعفاء؟ لكن ما وضح بشكل كبير أمام ليفربول هو أن تشيلسي يمتلك خط دفاع قوي للغاية قادر على إبعاد الخطورة عن حارس مرماه، وهو الأمر الذي يعطي البلوز ميزة إضافية عن باقي الأندية العملاقة الأخرى.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».