الأسد «يقيل» رئيسي الأمن السياسي والعسكري بعد صراعات بينهما.. ومصادر تؤكد وفاة غزالي

حديث عن مواجهات بين غزالي والحرس الثوري الإيراني في سوريا

تشهد منطقة درعا مواجهات مسلحة بين النظام المدعوم من قوات الحرس الثوري وحزب الله والمعارضة وفي الإطار رستم غزالي الذي تقول مصادر إن الإيرانيين انزعجوا من مراقبته لهم (رويترز)
تشهد منطقة درعا مواجهات مسلحة بين النظام المدعوم من قوات الحرس الثوري وحزب الله والمعارضة وفي الإطار رستم غزالي الذي تقول مصادر إن الإيرانيين انزعجوا من مراقبته لهم (رويترز)
TT

الأسد «يقيل» رئيسي الأمن السياسي والعسكري بعد صراعات بينهما.. ومصادر تؤكد وفاة غزالي

تشهد منطقة درعا مواجهات مسلحة بين النظام المدعوم من قوات الحرس الثوري وحزب الله والمعارضة وفي الإطار رستم غزالي الذي تقول مصادر إن الإيرانيين انزعجوا من مراقبته لهم (رويترز)
تشهد منطقة درعا مواجهات مسلحة بين النظام المدعوم من قوات الحرس الثوري وحزب الله والمعارضة وفي الإطار رستم غزالي الذي تقول مصادر إن الإيرانيين انزعجوا من مراقبته لهم (رويترز)

بعد المعلومات المتضاربة التي تم تداولها في الأسابيع القليلة الماضية حول صحة رئيس جهاز الأمن السياسي في سوريا رستم غزالي، ترددت أمس معلومات عن اتخاذ الرئيس السوري بشار الأسد قرارا بإقالته من منصبه مع رئيس شعبة الأمن العسكري رفيق شحادة، بعد خلافات شخصية بينهما أدت إلى دخول غزالي إلى المستشفى في حالة حرجة قبل نحو أسبوعين، وفق ما نقلته مصادر معارضة عدة.
وبينما لم يعلن رسميا عن قرار الإقالة، تحدثت المعلومات عن تعيين الأسد اللواء محمد محلا، ابن مدينة جبلة على رأس الأمن العسكري بدلا من شحادة، واللواء نزيه حسون بدلا عن غزالي على رأس الأمن السياسي.
ونقل مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط» أن مصادر طبية وأمنية متعاونة مع المعارضة السورية في دمشق، أكدت خبر وفاته بسبب «قصور حاد في عمل الوظائف الحيوية». وأشارت المصادر إلى أن المعلومات متفاوتة عن سبب الوفاة، بين تعرضه للضرب المبرح، أو لمادة سامة لم تنفع معها العلاجات.
وقالت المصادر إن جثة غزالي نقلت من المستشفى في موكب أمني، ونقلت عن سكان محليين أن أوتوستراد المزة قطع لبعض الوقت أمس لتأمين مرور موكب يضم سيارات إسعاف.
وقال مدير مركز «مسارات» السوري المعارض لؤي المقداد إنه «في حال صدقت هذه الرواية، فترجح احتمالية قتل رستم غزالي لأنه بات معروفا أنه وبعد مغادرته شعبة الأمن العسكري بعد مشكلته مع رفيق شحادة وعودته لمقر عمله، أجرى عدة اتصالات هاتفية، منها اتصالات بشخصيات لبنانية. وأوضح المقداد لـ«الشرق الأوسط» أن عدة مصادر أكدت لنا أنه عاد إلى مقر عمله ونزل إلى زنزانات معتقلين بالأمن السياسي وقام بإعدام نحو 15 معتقلا بالرصاص. ورأى المقداد أنه «كان لافتا بعد تصريح الوزير السابق عاصم قانصو لـ(الشرق الأوسط) قبل أيام عن إصابة غزالي، اجتماع القيادة القومية في اليوم التالي وإقالتها قيادة حزب البعث الحالية في لبنان وجمدت العمل بقراراتها السابقة». وتابع بقوله: «وهو ما أعتقده رسالة واضحة أن النظام ينهي سياسيا حلفاءه الذين يدينون بالولاء لغير رأس الهرم (الأسد)».
وأكد المقداد أن معلومات موثوقة تحدثت عن إقالة رفيق شحادة. وقال: «تناهت لنا معلومات عما يشبه الامتعاض الإيراني من رستم، وتردد أيضا أن الضباط الإيرانيين شكوا من أن غزالي كان يحاول بشكل دائم مراقبة تحركاتهم، ووصل التوتر إلى مرحلة اعتقالات متبادلة بين ميليشيات غزالي في درعا والميليشيات الإيرانية هناك، ودخل على هذا الخط قبل أسبوع رفيق شحادة».
وكانت معلومات قد أشارت في وقت سابق إلى أن سبب الخلافات التي نشأت بين شحادة وغزالي، يعود إلى رفض الأخير المستمر لوجود عناصر من قوات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في منطقة قرفا في ريف درعا. وهو ما أكده ضابط في الجيش الحر، كان قد سجن 90 يوما في فرع التحقيق العسكري المعروف بـ«فرع الكارلتون» في دمشق والذي كان يخضع آنذاك لإمرة شحادة، قبل أن يخرج نتيجة مقايضة بين النظام والجيش الحر عام 2012. قال الضابط لـ«الشرق الأوسط»: «(المواجهة) بين شحادة وغزالي بدأت عند إعطاء الأخير أمرا لرئيس بلدية طرطوس بهدم 7 شاليهات مخالفة في منطقة الرمال الذهبية، تبين لاحقا أن شحادة يملك أحدها، فعمل شحادة إلى الاتصال بغزالي مهددا، وعندما حاول الأخير زيارته للتباحث في ما حصل، كان حراس شحادة له بالمرصاد وعمدوا إلى ضربه ضربا مبرحا نقل على أثره إلى المستشفى، وقد جرت محاولات لنقله إلى روسيا، لكن لم تنجح لدقة حالته، مما استدعى نقل أطباء لبنانيين إلى دمشق لمعالجته». وأشار المصدر إلى أن الأسد أصدر حينها قرارا بوضع شحادة في الإقامة الجبرية لمدة 15 يوما، إلى أن صدر قرار بإقالته مع غزالي.
ويصف المصدر شحادة بـ«الشخصية الدموية» الذي لم يكن يتوانى عن قتل أي معتقل لديه بسلاحه الخاص، وهو معروف بعلاقته الوطيدة مع الإيرانيين التي كانت أحد الأسباب الخلافية أيضا بين غزالي وشحادة. وكان اسم غزالي قد ظهر في الفترة الأخيرة ضمن جلسات المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، لجهة دوره في لبنان خلال مرحلة الوجود السوري وتقاضيه أموالا من الحريري خلال فترة وجوده على رأس المخابرات السورية في لبنان. علما بأنه كان قد استجوب في سبتمبر (أيلول) 2005، في القضية من قبل لجنة التحقيق الدولية.
وغزالي الذي يتحدر من قرية قرفا في درعا حيث المعارك محتدمة بين قوات المعارضة من جهة، وقوات حزب الله والنظام السوري وقوات إيرانية من جهة أخرى، ولد عام 1953، وهو خريج الكلية الحربية في حمص. تقلد عدة مناصب أمنية وعسكرية في دمشق وحلب وبيروت أثناء وجود الجيش السوري في لبنان، وكان آخر هذه المناصب تعيينه رئيسا لفرع الأمن العسكري في ريف دمشق، ومن ثم رئيس إدارة الأمن السياسي في سوريا.
وكان غزالي يعتبر من أكثر المقربين من النظام السوري، لعب دورا مهما في العلاقة بين سوريا ولبنان، وبعد اندلاع الأحداث في سوريا في عام 2011، كلفه الأسد مع بدء خروج مظاهرات درعا بالتفاوض مع الأهالي هناك.
أما في ما يتعلق بالضابطين اللذين عينا في موقع شحادة وغزالي، فقال مصدر في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إن اللواء محمد محلا الذي عين مدير شعبة الأمن العسكري، من أهم العائلات العلوية في سوريا المقربة من عائلة الأسد، كما أن له علاقات شخصية مع الرئيس السوري، ولم يكن اسمه بين الأشخاص الذين كانت لهم أدوار لافتة منذ بدء الأزمة السورية في عام 2011. مع العلم بأن محلا كان قد عين نائبا لرئيس شعبة المخابرات العسكرية قبل نحو شهر فقط.
في المقابل، فان اللواء نزيه حسون الذي عين قائدا لجهاز الأمن السياسي، ليس من المغضوب عليهم من قبل المعارضة لناحية أسلوب تعامله مع المظاهرات وغيرها من الحركات الاحتجاجية، حتى إنه كان شخصية مسالمة إلى حد ما، وفق المصدر، مضيفا: «عين حسون، وهو درزي من السويداء، رئيس اللجنة الأمنية في حمص عام 2012 إثر اشتداد الصراع السني - العلوي، وقرر حينها الأسد تعيين شخصية لا تنتمي إلى أحد الطرفين. ولم ينجح حسون حينها في مهمته، فعين نائب رئيس شعبة المخابرات العامة بدمشق، وتولى المهمة آنذاك اللواء رفيق شحادة الذين عرف بوقوفه وراء اقتحام بابا عمرو وحصار حمص ومقتل المئات من المواطنين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».