تونس: جدل حول ثغرات أمنية في حماية المنشآت السيادية

وزير الداخلية: الإرهابيون كانوا يحملون أحزمة ناسفة وأسلحة متطورة.. وكان يمكن أن تكون الخسائر أثقل

تونس: جدل حول ثغرات أمنية في حماية المنشآت السيادية
TT

تونس: جدل حول ثغرات أمنية في حماية المنشآت السيادية

تونس: جدل حول ثغرات أمنية في حماية المنشآت السيادية

بمجرد الانتهاء من العملية الإرهابية التي ضربت في عمق التجمعات السكنية في تونس العاصمة واستهدفت وللمرة الأولى أحد رموز السيادة، برزت عدة تساؤلات بشأن الإرهابيين المنفذين للهجوم الإرهابي وطبيعة انتماءاتهم الفكرية والآيديولوجية وكيفية تجنيدهم لتنفيذ مثل هذه العملية التي تحمل جانبا كبيرا من المخاطرة إلى جانب الفشل الأمني الذريع في محاصرة المجموعات الإرهابية، وبات الخبراء التونسيون في المجال الأمني يطلقون عليهم اسم «الذئاب الجائعة» أي المستعدة للتضحية بحياتها من أجل إثبات وجودها.
وأكد مصدر أمني تونسي أن الإرهابيين اللذين قتلا في المواجهات المسلحة، هما جابر الخشناوي وهو أصيل ولاية (محافظة) القصرين وسط غربي تونس، أما العنصر الثاني فيدعى ياسين العبيدي وهو من سكان حي ابن خلدون القريب من العاصمة (غربي العاصمة).
وأشارت المعطيات الأولية بشأن الخشناوي إلى أنه اختفى عن الأنظار منذ 3 أشهر وقد اتصل بعائلته عبر شريحة هاتف جوال عراقية، وعلى الرغم من اتصال عائلته بالسلطات الأمنية لإعلامها بالأمر، فإن الخطوات الضرورية لملاحقته لم تجر في الإبان.
ومن المرجح أن تكون المجموعة الإرهابية على علاقة بـ«كتيبة عقبة بن نافع» المرابطة في منطقة الشعانبي من ولاية (محافظة) القصرين، تلك المجموعة الإرهابية التي يقودها الجزائري خالد الشايب المعروف باسم «لقمان أبو صخر» وهو المتهم الرئيسي بذبح وقتل العسكريين التونسيين في صائفتي 2013 و2014.
واتفق عدد من المحللين الأمنيين على وجود ثغرات غريبة في إدارة الحماية الأمنية للمنشآت الحساسة، وأشاروا إلى مجموعة من الأخطاء الفادحة في مراقبة تلك المنشآت، واعتبروا أن أداء قوات الأمن على مستوى الفرق المختصة كان أداء هواة ودليلهم على ذلك تسرب الإرهابيين إلى متحف «باردو» وربما كان بإمكانهم التسرب إلى مقر البرلمان دون أن يقع التفطن إليهم.
إلا أن التصريحات تضاربت بشأن العدد النهائي للعناصر الإرهابية التي هاجمت السياح في متحف «باردو»، فقد أوردت وزارة الداخلية في البداية أنهم 3 عناصر ليتضح بعد انتهاء العملية أنهم قد يكونون 5 أفراد بعد القضاء على اثنين منهم والقبض على ثالث وتواصل تعقب عنصرين آخرين.
وأشار محمد ناجم الغرسلي وزير الداخلية التونسي، أمس، خلال موكب تأبين عون الأمن التونسي أيمن مرجان، إلى أن الإرهابيين كانوا يحملون أحزمة ناسفة وأسلحة متطورة، وهو ما يعني أن الخسائر كان بالإمكان أن تكون أثقل. وقال في تصريح إعلامي إن هذا الهجوم الإرهابي لن يثني المؤسستين الأمنية والعسكرية عن مواصلة جهودهما لمكافحة الإرهابيين، واعتبر أن «هذا العمل الجبان يمكن أن يشكل مناسبة للم الشمل والوقوف صفا واحدا في وجه الإرهاب» على حد قوله.
ولا تزال التصريحات المتعاقبة للمسؤولين الأمنيين والعسكريين بشأن كيفية دخولهم إلى متحف «باردو» غامضة، حيث لم تؤكد المعلومات الواردة حول لباسهم العسكري الذي موهوا به على الحراسة الأمنية المركزة على الباب الخارجي لمتحف «باردو»، كيفية مرورهم من الحاجز الأمني حاملين أسلحة كلاشنيوف دون مساءلة، في حين أن الصور التي التقطت لهم بعد موتهم كانوا فيها يرتدون ملابس رياضية عادية قد تمنعهم من مجرد دخول المتحف.
وقال مرافق سياحي كان يرافق المجموعة السياحية إن عدد الإرهابيين كان في حدود 4؛ اثنان من تلك العناصر الإرهابية كانا يرتديان زيا مدنيا من نوع «الجينز» فيما كان الثالث يرتدي زيا رياضيا، وواحد فقط كان يرتدي بزة عسكرية، وقد توجهوا جميعا إلى الحافلات السياحية وأطلقوا النار بكثافة. أما العنصر الخامس فقد يكون قدم دعما لوجيستيا المجموعة دون أن يشارك بصفة مباشرة.
وحتى أمس، قدم الحبيب الصيد رئيس الحكومة جملة من المعطيات تتعلق بالعملية الإرهابية التي تمت السيطرة عليها في حدود ساعتين فحسب، وقال إن قوات الأمن تمكنت من إيقاف 4 عناصر على علاقة مباشرة بالعملية وإيقاف 5 آخرين يشتبه في علاقتهم بهذه الخلية، وذلك بجهة داخلية.
ووفق أحدث الروايات حول العملية الإرهابية الأخطر في تاريخ تونس، فإن الإرهابيين اقتحموا متحف «باردو» من الباب الخلفي لمقر البرلمان لتبدأ مواجهات مسلحة بين حرس مقر البرلمان والعناصر الإرهابية وأعوان الأمن من سلك الأمن الرئاسي المكلف بحراسة مقر البرلمان.
وأشارت مصادر أمنية تونسية إلى أن أحد الإرهابيين نجح في الصعود فوق مقر مجلس نواب الشعب (البرلمان) فيما تمكن الآخرون من اقتحام الباب الرئيسي للمتحف وإطلاق النار بكثافة، مما نجم عنه سقوط أول الضحايا.
ويبدو أن العملية الإرهابية كانت مدبرة بشكل محكم وقد تكون تتجاوز إمكانات العناصر الإرهابية التونسية، لتوجه التهم إلى تنظيمات أخرى مثل «القاعدة»؛ إذ إن العناصر الإرهابية كانت على دراية كافية بأن الباب الخلفي لمقر مجلس النواب (البرلمان) غير محمي بما فيه الكفاية، كما أن لهذه العناصر الإرهابية معلومات حول وصول حافلات تقل عددا كبيرا من السياح إلى متحف «باردو»، وهو ما سهل عليها تنفيذ الهجوم الإرهابي. وأشارت التحقيقات الأمنية الأولية إلى أن العناصر الإرهابية كانت بحوزتها مواد متفجرة ربما كانت تنوي إعدادها داخل المبنى بهدف تفجير المتحف وإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.
وأظهرت التحقيقات الأخيرة وجود سائحين إسبانيين اختفيا داخل قبو المتحف الوطني في «باردو» ولم يقع التفطن لهما إلى بعد يوم من الهجوم الإرهابي، وهو ما ترك تساؤلات جدية حول تداعيات العملية الإرهابية على أعوان الأمن والجيش؛ إذ إن عملية تمشيط المكان بعد انتهاء المواجهات المسلحة لم تجر وفق المعايير الدولية المتفق بشأنها في مثل هذه الحالات.
ومن خلال مجموع العمليات الإرهابية التي تعرضت لها تونس بعد الثورة، فإن تاريخ البعض منها يؤكد استهداف الإرهابيين رمزية بعض المناسبات الوطنية؛ ففي 25 يوليو (تموز) 2013 نفذوا عملية اغتيال محمد البراهمي، وهذا التاريخ يوافق عيد الجمهورية التونسية، كما أن العملية الأخيرة نفذت قبل يومين من احتفال التونسيين بعيد الاستقلال الموافق 20 مارس (آذار) من كل عام.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.