تسهيلات إسرائيلية لغزة تدخل حيز التنفيذ

تل أبيب تربط استمرارها باستقرار الوضع الأمني

فلسطينية من غزة تنظر خارج بيتها في يوم يحمل أخبار التسهيلات إلى القطاع (رويترز)
فلسطينية من غزة تنظر خارج بيتها في يوم يحمل أخبار التسهيلات إلى القطاع (رويترز)
TT

تسهيلات إسرائيلية لغزة تدخل حيز التنفيذ

فلسطينية من غزة تنظر خارج بيتها في يوم يحمل أخبار التسهيلات إلى القطاع (رويترز)
فلسطينية من غزة تنظر خارج بيتها في يوم يحمل أخبار التسهيلات إلى القطاع (رويترز)

أدخلت إسرائيل تسهيلات جديدة إلى قطاع غزة، أمس (الأربعاء)، في حين خرجت أخرى سابقة إلى حيز التنفيذ كذلك.
وقال منسق أعمال الحكومية الإسرائيلية، غسان عليان، إنه ابتداءً من الأربعاء، يخرج إلى حيز التنفيذ، قرار المستوى السياسي في إسرائيل، زيادة منطقة الصيد في قطاع غزة إلى 15 ميلاً بحرياً، وزيادة في إدخال البضائع عبر معبر كرم أبو سالم؛ وذلك استناداً إلى تقييمات أمنية جديدة. وأضاف، أنه ستتم زيادة إمدادات المياه إلى قطاع غزة، بمقدار 5 ملايين متر مكعب إضافية، وسيسمح بشكل إضافي لخمسة آلاف تاجر آخر من غزة المرور عبر معبر إيريز إلى (الضفة وإسرائيل)، ليصبح عدد التجار الإجمالي 7000. وأكد عليان، أنه سيتم إصدار التصاريح لمن تلقوا التطعيم ضد فيروس كورونا وللمتعافين منه، بشكل حصري.
وأردف، أن «الإجراءات المدنية التي أقرها المستوى السياسي، مشروطة باستمرار الحفاظ على الاستقرار الأمني على مرور الزمن، وسيتم النظر في تمديدها، وفقاً لتقييم الوضع». والتسهيلات جاءت بعد أيام من قرار إسرائيل ومصر، فتح المعابر مع غزة، في محاولة لتنفيس الاحتقان هناك بعدما أرسل ناشطون بالونات حارقة إلى مستوطنات الغلاف، وردت تل أبيب بغارات على القطاع.
وتضغط «حماس» من أجل إدخال الأموال القطرية إلى قطاع غزة، وفتح المعابر ورفع القيود والبدء بإعادة إعمار القطاع، لكن إسرائيل تشترط استعادة جنودها من غزة من أجل تهدئة طويلة ومستدامة، وهي نقطة أثارت خلافاً مع الولايات المتحدة.
ونجحت «حماس» في جلب جزء من الأموال القطرية بعد اتفاق بين السلطة والأمم المتحدة وقطر على إدخال هذه الأموال. وقال وزير التنمية الاجتماعية، أحمد مجدلاني، إن مائة ألف مواطن سيستفيدون من المنحة القطرية وفق قائمة محددة تم إجراء مسح اجتماعي عليها.
وأضاف، أن «هذه المنحة سيستفيد منها المواطنون مباشرة ولمدة أربعة أشهر، بعد تنسيق مع دولة قطر والأمم المتحدة حتى نهاية العام». وتابع، أنه «في ضوء التطورات السياسية الأخيرة وعدم إمكانية الاستمرار في تقديم المنحة القطرية بالصيغة الماضية، جرت مباحثات مع الحكومة القطرية ومكتب الأمم المتحدة والجانب الإسرائيلي، بشأن كيفية استمرار تقديم هذه المنحة للأسر المتعففة التي تنطبق عليها المعايير، وتم الاتفاق على أنه سيتم صرف هذه المنحة بشكل مباشر عبر برنامج الغذاء العالمي للمستفيدين من برامج عدة، أبرزها النقدية والغذائية، إضافة لبرامج مساعدات أخرى».
وتأمل إسرائيل أن تمنحها التسهيلات بعض الهدوء على جبهة غزة.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، إنهم لا يرغبون في «خنق غزة»، وإنما يريدون «وقف الصواريخ» من هناك. وأضاف «هدفنا الوحيد هو تحقيق السلام، نحن غير مهتمين بالعودة إلى غزة، ولسنا مهتمين باستمرار الحصار، نريد أن نتأكد فقط أن أحداً لن يقوم بإطلاق الصواريخ نحونا». وتابع، إن «السماح بوصول المساعدات لغزة والنشاط الاقتصادي للقطاع، مرتبط بتحقيق التهدئة على الحدود».
ومقابل ذلك، فإن إسرائيل أيضاً تستعد لتصعيد محتمل في كل وقت. وقال رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال أفيف كوخافي، بأن إسرائيل لن تتردد في خوض معركة جديدة إذا لم يستمر الهدوء على حدود قطاع غزة. وكشف النقاب عن أن الجيش قد بدأ الاستعدادات لمثل هذه المعركة. مضيفاً، أن «واقع حياة سكان قطاع غزة، يمكن أن يتحسن بشكل ملحوظ، ولكن ذلك لن يحدث طالما استمرت العمليات الإرهابية على اختلاف أنواعها».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم