وصول سفينة إيرانية محملة بالأسلحة لميناء الصليف بالحديدة

سلطات الحوثيين أغلقت الميناء ومنعت دخول الموظفين وسط انتشار للمسلحين

وصول سفينة إيرانية محملة  بالأسلحة لميناء الصليف بالحديدة
TT

وصول سفينة إيرانية محملة بالأسلحة لميناء الصليف بالحديدة

وصول سفينة إيرانية محملة  بالأسلحة لميناء الصليف بالحديدة

أكدت مصادر ملاحية بمحافظة الحديدة، غرب اليمن، لـ«الشرق الأوسط»، وصول سفينة عسكرية إيرانية أمس إلى ميناء الصليف شمال غربي مدينة الحديدة، الذي يقع تحت سيطرة جماعة الحوثي المسلحة.
وقال المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط» إن «جماعة الحوثيين المسلحة أغلقت أبواب الميناء ومنعت العمال وكل من يأتي للميناء الدخول إليه في ظل انتشار المسلحين الحوثيين بشكل لافت حول الميناء، وعلى البوابة بأسلحتهم والأطقم الخاصة بهم». وأشارت مصادر إلى أن السفينة التي وصلت إلى الميناء كان على متنها معدات عسكرية تصل إلى ما يقارب أكثر من 180 طنا من الأسلحة والمعدات العسكرية، وهي الثانية بعدما وصلت في أواخر شهر فبراير (شباط) الماضي سفينة إلى ميناء الحديدة قادمة من أوكرانية وهي محملة بشحنة أسلحة روسية ونوعية متعلقة بالطيران والقوات الجوية.
ويرى مراقبون أن تعزيز جماعة الحوثيين بأسلحة يشير إلى أن هناك معركة مقبلة في اليمن، خصوصا بعدما حقق الحوثيون رغبتهم في الاستيلاء على ثاني أكبر ميناء في اليمن ليكونوا بذلك بسطوا سيطرتهم الكاملة على المنفذ البحري الوحيد في الشمال لتتمكن إيران من دعم الحوثيين بسلاح من خلال استقبال الميناء لبواخر ضخمة من إيران محملة بكل أنواع الأسلحة الضخمة دون رقابة».
ويُعد ميناء الصليف، الواقع إلى الشمال الغربي لمدينة الحديدة الواقعة غرب اليمن، من أهم الموانئ ويحتل موقعا استراتيجيا في اليمن لما يمتاز به من أعماق كبيرة تصل إلى 50 قدما، ويمكنه استقبال بواخر عملاقة تصل حمولتها إلى 55 ألف طن، وكذا بحمايته الطبيعية من الأمواج بجزيرة كمران. وكان قديما يتم تصدير الملح منه، فهو يقع على خط عرض 07-15 شمالا، وخط طول 40-42 شرقا، بالإضافة إلى صلاحيته لاستقبال سفن الترانزيت، ونظرا لتلك الامتيازات فقد خصص الميناء لاستقبال سفن القمح والذرة والمواد السائبة الأخرى. كما تقع مديرية الصليف شمال غربي مدينة الحديدة وتبعد عنها بمسافة 70 كلم تقريبا، حيث يربطها بمحافظة الحديدة طريق إسفلتي متفرع من طريق الحديدة - جيزان ولا يفصلها عن جزيرة كمران سوى مسافة 3 أميال بحرية.
ويأتي وصول السفينة الإيرانية المحملة بالأسلحة إلى ميناء الصليف بعد إعلان جماعة الحوثي المسلحة إبرام اتفاق مع جمهورية إيران الإسلامية لتوسيع ميناء الحديدة، غرب اليمن وثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، وتعزيز التعاون في مجال النقل البحري بعد الاتفاق على تسيير 28 رحلة جوية بين صنعاء وطهران أسبوعيا، في حين شدد المسلحون الحوثيون من حراستهم للميناء وقاموا بتطويقه وإقامة نقاط تفتيش جديدة.
وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، أوقفت جماعة الحوثي المسلحة الملاحة البحرية في ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن، ومنعت مديره (رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر) القبطان محمد إسحاق من دخول الميناء، بهدف تغييره، وأغلقوا الميناء لعدة ساعات، وذلك بعد زيارة القائد الميداني لجماعة الحوثيين أبو علي الحاكم للميناء وبرفقته الكثير من المسلحين والأطقم العسكرية، الأمر الذي جعل العاملين في الميناء يتظاهرون رافضين ما قام به الحوثيون الذين يتحججون لقيامهم بهذا العمل وإغلاق الميناء بحجة تغيير رئيس مجلس إدارة الميناء لأنه متهم بالانتماء لحزب الإصلاح، وأنه يعارض وجودهم في الميناء؛ الأمر الذي أصدر بموجبه المحافظ حسن الهيج، تكليفا لجمال عايش للقيام بمهام رئيس مجلس الإدارة، لأنه محسوب على حزب المؤتمر الشعبي العام وهو من الفصيل التابع الذي يتبعه الهيج، أمين عام المجلس المحلي الذي سبق لأنصار الله (الحوثيين) تنصيبه محافظا للمحافظة بدﻻ من صخر الوجيه.
ويقول الدكتور حميد المخلافي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، لـ«الشرق الأوسط» إن «تطوير واستثمار ميناء الحديدة يصب في صالح أنصار الله (الحوثيين) ومعنى ذلك أنه سيكون جسر تواصل بينهم وبين الإيرانيين بعيدا عن الأعين والمجتمعات الدولية، ولن يخضع للرقابة كون الحوثيين يسيطرون على الميناء»، وأضاف أستاذ العلوم السياسية: «تكمن أهمية ميناء الحديدة في موقعه الاستراتيجي فقد كان الميناء هو الوحيد لشمال اليمن قبل الوحدة، وشكل أهمية خلال الحكم الأمامي لليمن، وهو ما يبرهنه سيطرتهم عليه، وتكمن أهميته للحوثيين ليس اقتصاديا فحسب وإنما من خلاله سيتمكن الحوثيون من إدخال كل أنواع الأسلحة والمعدات من إيران دون أي قيود أو رقابة. وقد يبرر الحوثيون الهدف من هذا الاتفاق مع إيران بمدهم بالسلاح لمواجهة تنظيم القاعدة.. لكن هذا أمر مستبعد».



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».