يحدث الاضطراب في أماكن كثيرة، حيث يمكن أن تراه في حركة الرياح وأمواج المحيط، ويمكن رؤيته أيضًا في ظواهر أكثر عابرة، مثل تصاعد الدخان من مدخنة أو السعال.
وفهم هذا النوع الأخير من الاضطراب، والذي يسمى «اضطراب النفث»، مهم للتدابير الصحية والبيئية العملية، مثل حساب مدى انتقال قطرات السعال وهو أمر مهم في جائحة «كورونا» الحالية، وهو ما حاول فريق بحثي ياباني إيطالي مشترك، القيام به في الدراسة المنشورة بالعدد الأخير من دورية «فيزيكال ريفيو ليترز».
يقول الدكتور ماركو إدواردو روستي، الذي يقود وحدة السوائل والتدفقات المعقدة في معهد أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا باليابان في تقرير نشره موقع المعهد، في 26 أغسطس (آب) الماضي، «طبيعة الاضطراب فوضوية، لذا من الصعب التنبؤ بها، واضطراب النفث، الذي يحدث عندما يتعطل طرد غاز أو سائل في البيئة، بدلاً من استمراره، له خصائص أكثر تعقيدًا، لذا فهي أكثر صعوبة في الدراسة، لكنها ذات أهمية في الوقت الحالي، لفهم انتقال عدوى فيروسات مثل كورونا المستجد عبر الهواء».
وحتى الآن، تم تطوير أحدث نظرية في السبعينات، وركزت على ديناميكيات النفث، مثل مدى سرعة تحركه ومدى انتشاره.
والنموذج الجديد، الذي تم تطويره بالتعاون بين الدكتور روستي والدكتور أندريا مازينو من جامعة جينوفا في إيطاليا، يعتمد على هذه النظرية ليشمل كيف تتصرف الجسيمات الدقيقة داخل النفث، وكيف تتصرف على نطاق واسع و تتأثر بالتغيرات في درجة الحرارة والرطوبة.
ومن المثير للاهتمام، أن العلماء وجدوا أنه عند درجات حرارة منخفضة (15 درجة مئوية أو أقل)، فإن نموذجهم ينحرف عن النموذج الكلاسيكي للاضطراب، ووجدوا أنه بمجرد انخفاض درجات الحرارة، يكون تأثير طفو الجزئيات التي تخرج مع النفث أكبر. يقول روستي: «كان تأثير الطفو غير متوقع في البداية، وإضافة جديدة تمامًا لنظرية النفث المضطرب».
ويحدث الطفو بشكل عام عندما يكون الغاز أو النفث السائل أكثر دفئًا من درجة حرارة المحيط المباشر الذي يتم إطلاقه فيه، فالغاز الدافئ أو السائل أقل كثافة بكثير من الغاز البارد أو الوسط البيئي، وبالتالي يرتفع النفث، مما يسمح له بالسفر لمسافات أطول.
يقول روستي «يولد الطفو نوعًا مختلفًا تمامًا من الاضطراب، ولا ترى فقط التغييرات في الحركة واسعة النطاق للنفث، لكن أيضًا التغييرات في الحركات الدقيقة داخل النفث».
واستخدم العلماء حاسوبًا عملاقًا قويًا، قادرًا على حل سلوك النفث على نطاق واسع وصغير، لتشغيل محاكاة النفث المضطرب، مما أكد نظريتهم الجديدة.
ويمكن للنموذج الجديد الآن أن يسمح للعلماء بالتنبؤ بشكل أفضل بحركة القطرات في الهواء التي يتم إطلاقها عندما يسعل شخص ما أو يتحدث دون قناع.
وبينما تتساقط القطرات الأكبر بسرعة على الأرض، لتصل إلى مسافات تبلغ حوالي متر واحد، يمكن أن تظل القطرات الأصغر محمولة في الهواء لفترة أطول وتنتقل لمسافات أطول.
ويوضح روستي أن «مدى سرعة تبخر القطرات، وبالتالي مدى صغر حجمها، يعتمد على الاضطراب الذي يتأثر بدوره برطوبة ودرجة حرارة المناطق المحيطة، ويمكننا الآن أن نبدأ في أخذ هذه الاختلافات في الظروف البيئية، وكيفية تأثيرها على الاضطرابات، في الاعتبار، عند دراسة انتقال الفيروس عبر الهواء».
بعد ذلك، يخطط الباحثون لدراسة كيفية تصرف النفث عندما يكون مكونا من سوائل غير نيوتونية أكثر تعقيدًا، حيث يمكن أن يتغير تدفق السائل بسهولة اعتمادًا على القوى الموجودة تحته. يقول روستي: «بالنسبة لـ كوفيد - 19، قد يكون هذا مفيدًا لدراسة العطس، حيث يتم طرد السوائل غير النيوتونية مثل اللعاب والمخاط بالقوة».
انخفاض الحرارة يساعد على طفو قطرات السعال الحاملة لـ«كورونا»
انخفاض الحرارة يساعد على طفو قطرات السعال الحاملة لـ«كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة