جيل الشباب في أفغانستان يخشى على المستقبل والحريات

معلمة مع تلاميذها بعد انتهاء اليوم الدراسي في إحدى المدارس الحكومية بكابل أمس (أ.ف.ب)
معلمة مع تلاميذها بعد انتهاء اليوم الدراسي في إحدى المدارس الحكومية بكابل أمس (أ.ف.ب)
TT

جيل الشباب في أفغانستان يخشى على المستقبل والحريات

معلمة مع تلاميذها بعد انتهاء اليوم الدراسي في إحدى المدارس الحكومية بكابل أمس (أ.ف.ب)
معلمة مع تلاميذها بعد انتهاء اليوم الدراسي في إحدى المدارس الحكومية بكابل أمس (أ.ف.ب)

كادت سالجي (20 عاماً) تطير من الفرحة عندما اكتشفت الأسبوع الماضي أنها حصلت على المركز الأول من بين نحو 200 ألف طالب شاركوا في امتحان التأهيل للقبول بالجامعات في أفغانستان هذا العام. فعلى مدى أشهر عزلت نفسها في حجرتها بالعاصمة كابل للدراسة وكانت تنسى حتى أن تأكل في بعض الأحيان، حسب ما جاء في تحقيق لوكالة «رويترز» أمس. ووسط أفراد أسرتها الذين تحلّقوا حول جهاز تلفزيون يعمل بالطاقة الشمسية أثناء إعلان النتائج، أدركت سالجي أن تعبها أتى ثماره.
قالت سالجي لـ«رويترز»، «في تلك اللحظة شعرت أن أحداً ما منحني العالم كله. وبكت أمي من الفرح وبكيت معها».
وسرعان ما انقلب هذا الشعور إلى قلق عندما تذكرت أحداث الأسابيع السابقة. ففي أعقاب انسحاب معظم القوات الأميركية الباقية في أفغانستان، بدأت «طالبان» زحفاً خاطفاً في مختلف أنحاء البلاد بلغ ذروته بسقوط كابل في 15 أغسطس (آب). قالت سالجي لـ«رويترز»، «نحن نواجه مستقبلاً في غاية الغموض ونفكر فيما سيحدث بعد ذلك. أحسب نفسي أكثر الناس حظاً ونحساً في الوقت نفسه».
وأشار «رويترز» في تحقيقها إلى أن قرابة ثلثي الشعب الأفغاني ينتمي إلى الفئة العمرية دون الخامسة والعشرين ولا يمكن لجيل كامل أن يتذكر حركة «طالبان» التي حكمت أفغانستان من 1996 حتى الإطاحة بها في 2001. وخلال تلك الفترة فرضت الحركة تفسيراً متشدداً للشريعة، ومنعت البنات من الدراسة والنساء من العمل ونفذت إعدامات علنية. ومنذ 2001 خاضت الحركة المتشددة تمرداً سقط فيه آلاف القتلى من الأفغان.
ومنذ استعادة السلطة، سارعت الحركة لطمأنة الطلبة، أن تعليمهم لن يتعطل وقالت، إنها ستحترم حقوق النساء، وحثت المهنيين من ذوي المهارات على عدم الرحيل عن البلاد.
غير أن مواليد الفترة من 1995 إلى 2005، أي من يطلق عليهم «الجيل زد»، الذين اعتادوا على الحياة بالهواتف الذكية وموسيقى البوب واختلاط الجنسين، يخشون الآن تجريدهم من بعض هذه الحريات، وذلك حسبما كشفت مقابلات مع ستة من الطلبة وشباب المهنيين الأفغان. قالت سوسن نبي الخريجة البالغة من العمر 21 عاماً «رسمت خططاً كبيرة. وكانت عندي أهداف بعيدة المدى لنفسي تمتد للسنوات العشر المقبلة». وأضافت «كان عندنا أمل في الحياة، أمل في التغيير. لكن في أسبوع واحد سيطروا على البلد، وفي 24 ساعة سلبونا كل آمالنا واختُطفت أحلامنا أمام أعيننا. راح كل ذلك هباءً».
ولم يرد متحدث باسم «طالبان» عن استفسارات للنشر في هذا التقرير.
في صباح 15 أغسطس عندما اقتربت قوات «طالبان» من كابل، هرع جاويد البالغ من العمر 26 عاماً إلى البيت من الجامعة التي يعمل بها بعد التخرج. وطلب وهو يروي حكايته عدم نشر اسمه بالكامل خوفاً من أي أعمال انتقامية. محا جاويد كل رسائل البريد الإلكتروني والتواصل الاجتماعي التي تبادلها مع مؤسسات وحكومات أجنبية، وخاصة في الولايات المتحدة. وأخذ صور الشهادات التي حصل عليها من برامج تنمية تعمل بتمويل أميركي إلى الفناء الخلفي للمنزل وأشعل فيها النار. وكسر جائزة تذكارية من الزجاج حصل عليها عن عمله.
وقد حاول كثيرون من الأفغان الذين يعملون لمنظمات في الخارج الفرار من البلاد في الأسبوعين الأخيرين. ولأن بعض الشبان لا يملكون سوى ما سمعوه من آبائهم عن «طالبان»، فقد قالوا، إن الخوف يتملكهم أياً ما سيكون عليه الوضع على أرض الواقع.
ولم يشاهد كثيرون منهم أفراداً من «طالبان» إلا عندما نظموا دوريات في الشوارع بعد دخول كابل.
وقال شبان حاورتهم «رويترز»، إنهم يخشون على سلامتهم ومن تجريدهم من الحريات الأخرى التي تحققت بشق الأنفس.
ويقول البنك الدولي، إن الالتحاق بالمدارس الثانوية زاد من 12 في المائة في 2001 إلى 55 في المائة في 2018. وبعد أن كانت هناك إذاعة واحدة تابعة للدولة تبث الأذان والبرامج الدينية في الأساس أصبح لدى أفغانستان الآن نحو 170 إذاعة وأكثر من 100 صحيفة وعشرات المحطات التلفزيونية.
وقالت إلاها تميم (18 عاماً)، التي نجحت في امتحان القبول الجامعي، إن هذا بخلاف الهواتف الذكية والإنترنت التي لم يكن لها وجود في ظل حكم «طالبان»؛ الأمر الذي يتيح للشباب الاطلاع على الأحداث خارج الحدود. وأضافت «لا أريد أن أفقدها».
وتشعر نساء في مقتبل العمر بقلق خاص من انتصار «طالبان». فقد ارتفع عدد البنات في المدارس الابتدائية من الصفر فعلياً في ظل حكم «طالبان» إلى أكثر من 80 في المائة، وفق تقديرات البنك الدولي.
وقالت «طالبان» إنها ستحترم حقوق البنات في التعليم هذه المرة رغم أن جاويد قال، إن كثيرات من الطالبات في جامعته امتنعن عن الحضور انطلاقاً من الخوف. وقالت تميم «نشأت في بيئة كنا فيها أحراراً. استطعنا الذهاب للمدرسة والخروج والتنزه... أمي تحكي لي قصصاً عن الفترة الصعبة (تحت حكم طالبان). وهذه القصص مخيفة».
وقد هنأ عمار ياسر، عضو المكتب السياسي لـ«طالبان» في الدوحة، سالجي الطالبة المتفوقة في امتحان القبول الجامعي شخصياً على «تويتر» على ما حققته من نتائج وقبولها في كلية الطب. وتأمل سالجي الآن تحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة رغم غموض الوضع. وقالت «إذا سمحت (طالبان) للبنات بالالتحاق بالتعليم العالي ولم تخلق حواجز أمامهن فهذا رائع. أما بخلاف ذلك فكل كفاح حياتي معرّض للخطر».
ورغم التأكيدات، قال بعض من حاورتهم «رويترز» إنهم يتمنون الرحيل، لكنهم لا يعرفون إليه سبيلاً. قالت سوسن نبي «لو خطر لي أن بقائي هنا سيجلب أي أمل في تغيير إيجابي فسأكون على استعداد مثل الآلاف من الشباب الآخرين للتضحية بحياتي من أجل ذلك. لكننا ندرك جميعاً أن هذا ليس هو الواقع».



روته: يجب تعزيز دفاعات حلف «الناتو» لمنع الحرب على أراضيه

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب تعزيز دفاعات حلف «الناتو» لمنع الحرب على أراضيه

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، اليوم (الخميس)، تحذيرا قويا بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».