انتخابات ألمانية ستشهد رحيل ميركل ومعها قد يتقاعد حزبها

تعيد «الحزب الاشتراكي» إلى المشهد السياسي مجدداً

ميركل مع خليفتها لاشيت الذي لم ينجح بقلب استطلاعات الرأي وإعادة حزبه إلى الطليعة (أ.ف.ب)
ميركل مع خليفتها لاشيت الذي لم ينجح بقلب استطلاعات الرأي وإعادة حزبه إلى الطليعة (أ.ف.ب)
TT

انتخابات ألمانية ستشهد رحيل ميركل ومعها قد يتقاعد حزبها

ميركل مع خليفتها لاشيت الذي لم ينجح بقلب استطلاعات الرأي وإعادة حزبه إلى الطليعة (أ.ف.ب)
ميركل مع خليفتها لاشيت الذي لم ينجح بقلب استطلاعات الرأي وإعادة حزبه إلى الطليعة (أ.ف.ب)

أقل من شهر يفصل ألمانيا عن انتخابات عامة ستشهد رحيل المستشارة أنجيلا ميركل، التي تحكم البلاد منذ 16 عاماً وستتقاعد في نهاية سبتمبر (أيلول)، ومعها قد يتقاعد حزبها من الحكم مع تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي التي تضعه في المرتبة الثانية بعد شريكه الاشتراكي في الائتلاف الحاكم. ورغم الآمال الكبيرة التي كان يعقدها حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» على المناظرة التي جمعت بين المرشحين الثلاثة، ليل أول من أمس، فإن مرشحه أرمين لاشيت لم ينجح على ما يبدو بقلب الاستطلاعات وإعادة حزبه إلى الطليعة. وحسب استطلاع للرأي، أجرته شركة «فرصة» ونشرته صحيفة «بيلد» الشعبية، قال 36 في المائة من المستطلعة آراؤهم أن مرشح «الحزب الاشتراكي» ووزير الاقتصاد الحالي أولاف شولتز، هو الفائز. فيما اعتبر 30 في المائة من المستطلعين أن مرشحة «حزب الخضر» أنالينا بيربوك، فازت بالمناظرة، وحل لاشيت أخيراً بنسبة 25 في المائة من الأصوات.
ومنذ ترشيح الاتحاد المسيحي الحاكم للاشيت لمنصب المستشار المقبل، وحظوظ الحزب تتراجع رغم أنه كان متقدماً بفارق كبير عن الحزبين المنافسين. ولكن سلسلة من الهفوات ارتكبها لاشيت، وعكست صورة سياسي متردد وغير صادق، أدت إلى تراجع الثقة به وبحزبه. ورغم محاولاته اعتماد أسلوب التهجم على منافسيه خلال المناظرة، إلا أن الناخبين بقوا غير مقتنعين بأدائه. أما بيربوك فهي أيضاً ارتكبت هفوات خلال الحملة الانتخابية أدت إلى تراجع حزبها الذي كان في المرتبة الثانية، حسب استطلاعات الرأي عند تسلمها زعامته. وواجهت بيربوك اتهامات بسرقات أدبية في كتابها الذي نشرته قبيل ترشحها وعدم إعلانها عن كامل مصادر دخلها. واستفاد شولتز الذي يشغل أيضاً منصب نائب المستشار من كل هذه الهفوات للمرشحين ليتقدم في الأيام الأخيرة بصورة مفاجئة، بعد أن كان حزبه قد تراجع لدرجات قياسية في السنوات الماضية، دفعت بالكثير من المحللين للاعتقاد بأنه لن يتمكن من جمع أصوات كافية في الانتخابات المقبلة للعودة للحكومة. وفيما تلهى لاشيت وبيربوك بتبادل الاتهامات خلال المناظرة الأولى التي جمعت بين المرشحين الثلاثة، نأى شولتز بنفسه عن الجدل ولم يدخل في اتهامات وردود على المرشحين الآخرين. وبدا أيضاً أكثر ثقة بنفسه، وعكس صورة رجل الدولة. عندما هاجمته بيربوك مثلاً، واتهمت وزارته بالتأخر في الموافقة على ميزانية شراء فلاتر هواء لصفوف المدارس كواحدة من خطط مكافحة انتشار «كورونا» في الصفوف، رد شولتز ببساطة عندما انتهت، بالقول إن الفلاتر موجودة منذ فترة طويلة وتم الموافقة على شرائها من دون تأخير. وتزداد النقمة على ما يبدو داخل «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» لعدم تدخل ميركل لإنقاذ لاشيت وحزبها الذي ينهار، رغم أنها تغادر هي منصبها بشعبية قياسية. وكتبت صحيفة «دي فيلت» المحافظة أن الحزب سأل مكتب ميركل قبل 3 أشهر عن الدور الذي تريد أن تلعبه في الحملة الانتخابات وعدد التجمعات التي تريد المشاركة بها، فكان الرد «أقل عدد ممكن». ثم جاء توضيح بأن المستشارة ستشارك بالطبع في الحملة لدعم لاشيت. ورغم ذلك، فإن مشاركاتها ظلت قليلة المرات. وقد يكون السبب الكوارث المتتالية التي تواجهها، بدءاً من كارثة الفيضانات ثم أفغانستان، ولكن البعض داخل الحزب بات مقتنعاً بأن تحييد نفسها مرده أنها لا تريد أن تدعم لاشيت الذي قد لا تعتبره مؤهلاً للمنصب. وقاتل لاشيت بشراسة لكي يحصل على ترشيح الاتحاد المسيحي رغم أن القاعدة الانتخابية للحزب كانت تفضل زعيم الحزب البافاري الشقيق ورئيس حكومة ولاية بافاريا ماركوس زودر. وحتى في خضم المعركة بين الرجلين، بقيت ميركل على الحياد. ورغم أن اختيار زعيم الحزب البافاري الشقيق للترشح باسم الاتحاد المسيحي كان ليكون سابقة، كونه الحزب الأصغر وهو ليس موجوداً إلا في ولاية واحدة، فإن ميركل لم تشأ أن تدعم لاشيت ضد زودر. وفي الاجتماعات الكثيرة التي كانت تجمع بين ميركل ورؤساء الحكومات لدراسة خطط مواجهة «كورونا»، كانت ميركل وزودر دائماً على تناغم فيما كان لاشيت يغرد منفرداً خارج السرب، مطالباً بليونة أكبر في الإجراءات، وهو ما تم انتقاده عليه لاحقاً. ويعتقد البعض داخل حزب ميركل أيضاً، حسب «دي فيلت»، أن المستشارة حاولت رفع أنغريت كرامب كارنباور، وزيرة الدفاع الحالية، لخلافتها عندما أيدت ترشحها لمنصب زعيمة الحزب، ولكن بعد استقالة الأخيرة من المنصب والخروج من سباق الخلافة، لم يعد لميركل مرشح مفضل. وحتى أن البعض يتساءل ما إذا كانت ميركل تعتقد أن شولتز الذي يبني حملته الانتخابية على الحفاظ على إرث ميركل، هو مرشحها المفضل رغم انتمائه لحزب آخر. ويحاول شولتز الذي يعد من الجناح اليميني في حزبه، تصوير نفسه على أنه المرشح الذي سيحافظ على إرث ميركل، حتى إن إحدى اللوحات الدعائية للحزب، حملت صورته وكتب عليها: يمكنه أن يكون مستشارة. أي بتأنيث كلمة مستشار في إشارة إلى أنه بإمكانه أن يكون ميركل. ولكن مع ذلك، ما زال بإمكان لاشيت، حسب مجلة «دير شبيغل»، أن يصبح المستشار رغم خسارته المناظرة، في حال نجح بتشكل ائتلاف يجعله على رأس الحكومة بعد الانتخابات. فحزب الخضر قد يتحول إلى «صانع الملك»، ويقرر بين لاشيت أو شولتز من سيصبح المستشار المقبل، حسب مع من سيقرر التحالف.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».