شاشة الناقد

«حرب الذهب»

جود لو فوق الغواصة في «بحر أسود»
جود لو فوق الغواصة في «بحر أسود»
TT

شاشة الناقد

جود لو فوق الغواصة في «بحر أسود»
جود لو فوق الغواصة في «بحر أسود»

الفيلم: «Black Sea»
إخراج: كيفن ماكدونال
النوع: تشويق/ بريطانيا
تقييم الناقد:(3*)(من خمسة)

بين أن يمضي سيناريو دنيس كيلي وإخراج كيفن ماكدونالد بعض الوقت لتقديم الفريق الذي سيصحب بطل هذا الفيلم التشويقي إلى قاع البحر في مغامرة غير محمودة العواقب، وبين أن يوجز التقديم رغبة في الابتعاد عن تقليد سائد، اختار الحل الثاني. في «بحر أسود» يلتئم جمع عدد من البحارة نصفهم بريطاني ونصفهم الآخر روسي للقيام بمهمة يقودها بطل الفيلم الكابتن روبنسون (جود لو)، وتشمل البحث عن غواصة ألمانية غارقة بأطنان من الذهب. إذا ما نجح الفريق في تعيين محل غرقها الواقع قرب شبه جزيرة «القرم» في البحر الأسود، فعليه النجاح في استخراج الذهب،
وإذا ما نجح الفريق في استخراج الذهب، استطاع أن ينعم بحياة رغيدة تنقذه من البطالة والحاجة ومن براثن الفقر إلى الأبد.
كل ذلك يبدأ بشراء غواصة أخرى. ولتكن غواصة روسية صدئة من مخلفات الحرب العالمية الثانية كان لها تاريخ في القتال ضد الغواصات الألمانية في بعض البحار. كل شيء على جنوحه وغرابته يتم سريعا في ربع الساعة الأول من الفيلم، بما في ذلك لماذا تمت الاستعانة بهذه المجموعة من الرجال.. من هم وما خصائصهم الشخصية، لكن ذلك كان سيبعد غواصة الفيلم عن هدفها وتخصيص وقت أطول لتقديم المبررات. اختيار صائب رغم أنه لا يسد كل الثغور.
الكابتن روبنسون واثق من النجاح. ممول الرحلة اسمه دانيال (سكوت مكنيري) لكن حذار منه.. يخفي سرا لا يكشفه إلا بعد أن تأزم الوضع وارتفعت معدلات الجريمة في تلك الغواصة العتيقة. باقي رجال الفريق منقسم يتوعد الآخر بالنيل منه. لكن الضحية الأولى روسية، وقبل أن ينتهي الفيلم تكون الضحايا الأخرى توالت من الفريقين.
أفلام الغواصات، تلك التي تقع أحداثها داخل ذلك الحيز المستطيل السابح تحت سطح الماء، تستفيد من ذلك الحصار المفروض عليها وعلى مشاهديها: الممرات الضيقة.. «فوبيا» المكان الداخلي ومحيطه المكون من الماء ولا شيء سواه، كذلك من النزاعات الداخلية إذا ما استشرت. وسيناريو كيلي يؤم كل هذه العناصر على نحو تلقائي، ويزيد أن اختيار الطاقم تم على أساس «نحن» و«هم» من البداية ومن دون وجود لغة مشتركة أو رغبة في التواصل والتعارف. الشيء المشترك الوحيد هو الوصول إلى الذهب ومنح كل فرد حصة متساوية مع الآخر. وأحداث الفيلم ستبرهن على أن ذلك، ضمن تلك الأجواء والانقسامات، ليس سهلا.
لا يمكن تفويت صعوبة العمل بطلاقة في داخل غواصة، ولو كانت افتراضية. الكاميرا، كما يديرها كريستوفر روس (عادة ما يعمل في نطاق مشاريع أصغر) تجد لنفسها المكان الصحيح في كل مرة من دون أن تشعر بها. التشويق الناتج عن التوتر معالج بإجادة مستفيدا من غرابة المهمة ومن قدرة المخرج على تمييز عمله من احتمالات الاستسهال.
لكن في المقابل، تفلت الحبكة من يدي الكاتب والمخرج في ربع الساعة الأخير. على الرغم من إدراكنا أن الفشل ممكن والنجاح كذلك، فإن النهاية تأتي أقل مما طمحنا إليه.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز