مطالبات لبنانية بتفعيل عمل «الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً»

في يومهم العالمي

TT

مطالبات لبنانية بتفعيل عمل «الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً»

طالبت «الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً» بمناسبة اليوم العالمي للمفقودين، أمس (الاثنين)، السلطات اللبنانية، بتخصيص مقر رسمي وموازنة لها بعد نحو عام على إنشائها، وتعيين بديل عن الأعضاء الأربعة المستقيلين، في حين أكدت لجنة أهالي المفقودين والمخطوفين في لبنان أنها لن تسمح لأي كان بالالتفاف على القانون في محاولة مكشوفة لإبقائه حبراً على ورق.
وبعد 36 عاماً على انطلاق عمل لجنة عائلات المخطوفين والمفقودين في لبنان، أقر البرلمان اللبناني في العام الماضي قانون المفقودين والمخفيين قسراً في الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت في عام 1990.
ويهدف هذا القانون إلى الكشف عن مصير المفقودين وتنظيم العمل على تقفي أثرهم وأماكن احتجازهم ووجود رفاتهم. ووفقاً للأرقام الرسمية الصادرة من الشرطة اللبنانية، يبلغ عدد المخفيين قسراً نحو 17 ألف شخص يعود تاريخ اختفائهم إلى بدايات الحرب الأهلية في لبنان عام 1975.
وقالت رئيسة لجنة أهالي المفقودين والمخطوفين في لبنان وداد حلواني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهيئة تجتمع حالياً في أماكن أخرى، تحديداً في مكتب لجنة الأهالي عندما يكون متوفراً». وأوضحت أن «الهيئة لم تحصل على المساهمات المالية المخصصة لها بحسب القانون، ورئيس الهيئة يعمل منذ فترة من دون أي تعويض مالي، كما أن أعضاء الهيئة يجب أن يكون لديهم تعويض عن حضور الجلسات لم يحصلوا عليه أيضاً». وأضافت: «يحق للهيئة بحسب القانون تشكيل جهاز إداري لمساعدتها، ولم يتم الأمر بسبب تلك المخصصات»، مشيرة إلى أنه في حال «توفرت الإرادة السياسية لدى السلطة اللبنانية من المفترض أن تسرع العمل وتزيل العراقيل من أمام الهيئة الوطنية، لا أن تزيد الصعوبات».
ووضع القانون عمليات الكشف عن مصير المفقودين وكشف الحقائق بيد «الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرياً»، التي تتميز باستقلاليتها الإدارية والمالية عن أي سلطة أخرى. وفي مطلع الشهر الماضي، استقال 4 أعضاء من الهيئة، الأمر الذي اعتبره حقوقيون «استقالة جماعية منسقة لتعطيل عمل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً». وقالت حلواني إن «لجنة الأهالي لا تعلم سبب استقالة الأعضاء، لذلك وفي حال اعتبار البعض أن القانون والهيئة الوطنية قد أعطيا شكلياً فقط من دون السماح بتحقيق أي إنجاز، فسيبقى صوتنا عالياً، ولن يخفت، وصولاً لتفعيل عمل اللجنة بشكل جدي، ورفضاً لأن يبقى القانون حبراً على ورق».
وشددت على أن «الأمم المتحدة خصصت يوم 30 أغسطس (آب) لضحايا الفقدان، والإخفاء القسري هو لشجب هذه الجريمة وحث الحكومات المعنية على كشف مصائرهم لا لوقوع مفقودين جدد كما هو الحال في لبنان».
ودعت «الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً»، في بيانها، أمس، إلى «تطبيق القانون وتفعيل الهيئة»، وقالت: «شكل لبنان تطبيقاً لقانون 105/2018 الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، ولا تزال هذه الهيئة بعد نحو عام على إنشائها غير مجهزة وغير مهيأة للبدء بمسار الكشف عن مصير الآلاف من المفقودين منذ اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975».
من جهتها، قالت لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين قسرا ًبلبنان، في بيان، إن «لجنة الأهالي - ومنذ انتزاعها القانون الذي كرس حق العائلات بمعرفة مصير ذويها - لم تتوقف عن متابعة نضالها من أجل فرض تطبيقه».
وأضافت: «لا بد من تكثيف وتضافر الجهود لإزالة كل ما يعترض سبيل عمل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً من تحديات وعراقيل إضافية مفتعلة كي تستطيع القيام بالمهمة التي أوكلها إليها القانون المذكور».
وطالبت اللجنة السلطات المعنية بالإسراع باتخاذ الإجراءات الملحة «وتعديل مرسوم تشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً لجهة تعيين أربعة أعضاء بدلاً عن المستقيلين»، محذرة من «التباطؤ بحجة أن الحكومة في وضعية تصريف أعمال، والتناسي أنه سبق وعُدل هذا المرسوم بموافقة استثنائية من رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال».



التهدئة بجنوب لبنان تنتظر لقاءات نتنياهو في واشنطن

زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)
زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)
TT

التهدئة بجنوب لبنان تنتظر لقاءات نتنياهو في واشنطن

زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)
زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)

تتعامل الأوساط السياسية والدبلوماسية في لبنان مع شهر يوليو (تموز) الحالي على أنه المؤشر لتحديد المسار العام للمواجهة المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل في جنوب لبنان، وما إذا كانت الجهود الدولية ستؤدي إلى نزع فتيل التفجير لمنع توسعة الحرب التي تتوقف على وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية، كما تربطها بالخطاب الذي سيلقيه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس الأميركي في 24 من الشهر الجاري خلال زيارته لواشنطن، التي تأتي في ظل استمرار اشتباكه السياسي مع الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي تفوّق عليه منافسه الرئاسي الرئيس السابق دونالد ترمب في المناظرة الأولى التي جرت بينهما، وهذا ما يدعوه إلى الاستقواء على الإدارة الأميركية الحالية، كونه من مؤيدي انتخاب ترمب لولاية رئاسية ثانية.

فنتنياهو الذي يتحضّر حالياً لليوم التالي فور التوصل لوقف النار في غزة، سيحاول رفع سقوف شروطه لعودة التهدئة إلى القطاع في مواجهته للضغوط التي تمارَس عليه، وهي الشروط التي تلقى رفضاً من «حزب الله»، مع أنه أعلن على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، استعداده لتوقف القتال في جنوب لبنان بعد وقف إطلاق النار في غزة.

«حزب الله»: غزة أولاً

وبكلام آخر، يربط «حزب الله»، كما تقول مصادره لـ«الشرق الأوسط»، وقف إطلاق النار في الجنوب بسريان مفعوله أولاً على غزة وبلا شروط تعطي لإسرائيل الحق بالتدخل عسكرياً متى تشاء، بذريعة أنها تطارد المجموعات الفلسطينية في القطاع ورفح، وبالتالي يرى الحزب أن الإطار العام لعودة الهدوء يكمن في وقف العمليات العسكرية بصورة نهائية.

وتؤكد مصادر الحزب أنه لن يخضع لحملات التهويل والضغوط الإسرائيلية، ولن يسمح لتل أبيب بتحقيق ما تريده سياسياً بعد أن أخفقت في فرضه عسكرياً، رغم حجم الدمار الذي ألحقته بالقرى الأمامية وتحويل مساحاتها أرضاً محروقة يصعب العيش فيها.

في المقابل، تجزم مصادر دبلوماسية غربية بأن تل أبيب ليست في وارد الموافقة على وقف إطلاق النار في جنوب لبنان والامتناع عن تبادل القصف الصاروخي على جانبي الحدود من دون التوصل إلى تسوية تعيد الهدوء إلى الجنوب والمستوطنات الإسرائيلية، وتضمن عودة المستوطنين إلى أماكن إقامتهم. وتؤكد هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن هناك ضرورة لخفض منسوب التصعيد العسكري بين الطرفين تمهيداً للبحث عن التسوية التي يتحرك الوسيط الأميركي آموس هوكستين لتسويقها في لقاءاته المتنقلة بين تل أبيب وبيروت، وتواصله من حين لآخر مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يتولى التفاوض بتفويضٍ من الحزب وبتسليم من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

سباق التهدئة والحرب

وتلفت المصادر الدبلوماسية إلى أنه لا يمكن التكهن منذ الآن بالمسار العام، الذي يتوقف على الجهود الدولية الرامية لترجيح الحل الدبلوماسي لإعادة الهدوء على امتداد الجبهة بين لبنان وإسرائيل على الخيار العسكري، ما لم يتم التأكد من النتائج المترتبة على زيارة نتنياهو لواشنطن، ليكون في وسع الجهة اللبنانية المعنية بالتفاوض، في إشارة إلى الرئيس بري، أن تبني على الشيء مقتضاه.

وتنظر المصادر نفسها إلى اللقاءات التي يعقدها الوسيط الأميركي آموس هوكستين، في باريس، وتحديداً مع الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، على أنها تصب في خانة التحرك الفرنسي لدى إيران و«حزب الله» لإشراكهما في المساعي الناشطة لتهدئة الوضع في غزة، وامتداداً إلى جنوب لبنان، وتتعاطى مع التصعيد الإيراني في تحذيره تل أبيب من أنها ستواجه الجحيم في حال أقدمت على شن حرب واسعة على الحزب، من زاوية إصرار القيادة الإيرانية على رفع السقوف لتحسين شروط حلفائها في التفاوض، مستبعدةً انخراطها في الحرب واعتمادها على أذرعها في المنطقة، وهذا ما يحصل منذ أن دخل الحزب في مساندته لـ«حماس».

ورأت المصادر نفسها أن الفرصة ما زالت قائمة لتغليب الحل الدبلوماسي على توسعة الحرب، وقالت إنها متوافرة على امتداد الشهر الحالي، ويمكن ألّا تتأمّن لاحقاً، لانشغال القوى الدولية المعنية باستقرار لبنان بهمومها الانتخابية، وسألت عن مدى استعداد إسرائيل والحزب للانخراط في تسوية تؤدي إلى ترسيم الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل، بإزالة الخروق الإسرائيلية لعدد من النقاط الخاضعة للسيادة اللبنانية، وهذا ما يعمل عليه هوكستين.

انتخاب الرئيس مؤجَّل

لكنَّ المصادر الدبلوماسية تقلل من الآمال المعقودة لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وتنقل عن أحد سفراء اللجنة «الخماسية» أنْ لا بصيص نور لإنهاء الشغور الرئاسي، وأن الاتصالات التي تولتها اللجنة لم تنجح في إحداث خرق، وأن المسؤولية تقع على عاتق بعض الكتل النيابية التي تمعن في تبادل الحملات التي كانت وراء وضع العصي في دواليبها.

حتى إن هذه المصادر، وإن كانت تنفي وجود حظوظ لإعادة تحريك انتخاب الرئيس، فإنها تراهن، ولو من باب رفع العتب، على احتمال ضئيل لإحداث خرق فور التوصل إلى وقف للنار في الجنوب، وإلا سيدخل الشغور الرئاسي في إجازة قسرية تؤدي لترحيل انتخاب الرئيس لأشهر، إن لم يكن للعام المقبل، وهذا ما يقوله السفير، الذي فضل عدم ذكر اسمه، من دون أن يستبعد قيام أعضاء اللجنة، سفراء الولايات المتحدة ليزا جونسون، وفرنسا هيرفيه ماغرو، والسعودية وليد البخاري، ومصر علاء موسى، وقطر عبد الرحمن بن سعود آل ثاني، بالتداعي للتشاور لاتخاذ ما يرونه مناسباً في ضوء انسداد الأفق أمام إنجاز الاستحقاق.