رئيس جديد لـ«الذرية» الإيرانية بلا خبرة نووية

محمد إسلامي لخلافة علي أكبر صالحي

الرئيس إبراهيم رئيسي يجري مشاورات مع وزير الطرق السابق محمد إسلامي الذي اختاره رئيساً لمنظمة الطاقة الذرية في 4 يوليو الماضي (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس إبراهيم رئيسي يجري مشاورات مع وزير الطرق السابق محمد إسلامي الذي اختاره رئيساً لمنظمة الطاقة الذرية في 4 يوليو الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

رئيس جديد لـ«الذرية» الإيرانية بلا خبرة نووية

الرئيس إبراهيم رئيسي يجري مشاورات مع وزير الطرق السابق محمد إسلامي الذي اختاره رئيساً لمنظمة الطاقة الذرية في 4 يوليو الماضي (الرئاسة الإيرانية)
الرئيس إبراهيم رئيسي يجري مشاورات مع وزير الطرق السابق محمد إسلامي الذي اختاره رئيساً لمنظمة الطاقة الذرية في 4 يوليو الماضي (الرئاسة الإيرانية)

أصدر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مرسوماً بتعيين وزير الطرق والتنمية الحضرية السابق، محمد إسلامي، نائباً له ورئيساً للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، بدلاً من علي أكبر صالحي، أبرز عالم نووي في البلاد، وأحد مهندسي الاتفاق النووي لعام 2015. وذلك في وقت تتسارع فيه جهود الدول الكبرى لبحث إمكانية إنعاش مسار فيينا، بعد اقتراب طهران من مستوى صنع الأسلحة النووية.
وجاء قرار رئيسي بتعيين إسلامي (65 عاماً) لإدارة المنشآت النووية في اليوم الرابع على توجه وزراء الحكومة الجديدة إلى مكاتبهم، بعد نيل ثقة البرلمان ذي الأغلبية المحافظة. وأثار ظهور إسلامي في لقاء جمع المرشد الإيراني علي خامنئي وأعضاء حكومة رئيسي، أول من أمس، تساؤلات بشأن مستقبله.
ويحل النائب الجديد في الملف الأكثر إثارة للجدل في إيران محل أبرز عالم نووي في البلاد، حمل في سجله منصب وزير الخارجية في نهاية حكومة محمود أحمدي نجاد، قبل استدعائه من الرئيس السابق حسن روحاني لرئاسة منظمة الطاقة الذرية في 2013. ودرس صالحي خوض الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها رئيسي، لكنه تراجع عن الفكرة فجأة.
وفي العام الأخير من رئاسة روحاني، لفت إسلامي الأنظار لدى ترأسه الفريق المفاوض الإيراني في قضية إسقاط الطائرة الأوكرانية بصواريخ دفاعات «الحرس الثوري» مطلع العام الماضي. وأجرى مفاوضات متعددة الجوانب مع الدول المعنية، في إطار المطالب الدولية بالحصول على معلومات إضافية ترفض طهران حتى اليوم تقديمها بشأن الطائرة المنكوبة.
أما إسلامي الذي ينحدر من مدينة أصفهان، فقد تنقل بين مناصب كثيرة، منها وزارة الدفاع والصناعات الدفاعية ومنظمة الطيران الإيرانية منذ عام 1987، وكان وكيلاً للصناعات الفضائية لفترة عام، في نهاية رئاسة محمد خاتمي. وكان لفترة حاكماً لمحافظة مازندران الشمالية، وهو أحد أعضاء خلية الأزمة الإيرانية منذ سنوات.
وعلى خلاف علي أكبر صالحي، المختص في الفيزياء النووية، ليس لدى المسؤول الجديد أي خلفية في القضايا النووية، فهو حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة ديترويت في ميشغان في 1979، قبل حصوله على درجة الماجستير من جامعة أوهايو في 1981، ولديه إجازة مشتركة تعود إلى 2004 من جامعتي رويال رودز الكندية وجامعة شريف الصناعية في طهران، بحسب سيرة ذاتية نشرتها صحيفة «همشهري» إثر توليه منصب وزير الطرق قبل 4 سنوات.
ولم تتضح بعد وجهة صالحي الذي ترك أرثاً ثقيلاً خلال 8 سنوات من ترأسه لمنظمة الطاقة الذرية، إذ أدى دوراً أساسياً في وضع حجر الأساس للمفاوضات التي أفضت إلى الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015؛ أي المفاوضات النووية السرية التي جرت بين طهران وواشنطن، بوساطة عمانية، في مسقط، خلال العام الأخير من رئاسة أحمدي نجاد، وأشرف عليها المرشد الإيراني علي خامنئي.
وخاض صالحي الذي كانت صلاحيات محدودة بالقضايا التقنية أصعب فترات حياته المهنية خلال السنوات الثمانية الماضية، إذ أشرف على القضايا التقنية في المفاوضات، وتنفيذ الاتفاق، قبل أن تتدهور أحوال الصفقة عقب انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بهدف التوصل إلى اتفاق أوسع يطيل أمد بنود الاتفاق الحالي، ويلجم الأنشطة الباليستية والإقليمية لـ«الحرس الثوري» الإيراني.
وتترقب الدول الكبرى موعد عودة إيران إلى طاولة المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي، والتي بدأت في أبريل (نيسان)، وانتهت في 20 يونيو (حزيران).
وخلال العامين الأخيرين من مهمة صالحي، تحللت طهران من كثير من التزامات الاتفاق النووي، رداً على العقوبات الأميركية، وكان أهمها إرسال أسطوانات غاز اليورانيوم من منشأة نطنز إلى منشأة فردو. وبعد إعلان فوز بايدن، أقر البرلمان الإيراني مشروعاً ملزماً للحكومة، مطلع ديسمبر (كانون الأول)، وخلال الشهور الأخيرة التي فصلت بين دخول بايدن إلى البيت الأبيض وفوز رئيسي بانتخابات يونيو (حزيران)، تسارعت عجلة البرنامج الإيراني في الابتعاد عن محظورات اتفاق فيينا،، وبلغت مستويات غير مسبوقة على مستوى تخصيب اليورانيوم، وإنتاج معدن اليورانيوم. وأوقفت طهران أيضاً البرتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر الانتشار.
وبموازاة دخول الاتفاق النووي إلى حالة الموت السريرية، تدهورت الأحوال الأمنية في المنشآت النووية الإيرانية. وفي أقل من عام، تعرضت منشأة نطنز إلى هجومين ألحقا أضراراً بجزء من قدرات المنشأة الرئيسية في تخصيب اليورانيوم. وبعد الهجوم الثاني الذي وقع في أبريل (نيسان) الماضي، استهدف هجوم بطائرة درون خفيفة أطلقت من مسافة قريبة مصنعاً لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في الضاحية الغربية لمدينة كرج (غرب طهران)، وأظهرت صور الأقمار الصناعية أضراراً ناجمة عن حريق في إحدى صالات المصنع، وسط تكتم السلطات على حجم الخسائر. لكن الضربة الموجعة التي تلقتها طهران، كانت في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما رشق مسلحون موكب محسن فخري زاده، نائب وزير الدفاع مسؤول الملف العسكري والأمني في البرنامج النووي الإيراني. وفي كل الأحداث، وجهت طهران أصابع الاتهام إلى خصومها الإسرائيليين، وتوعدت بـ«الثأر».
أما العملية الأكبر على الإطلاق، فتعود إلى ما قبل انسحاب ترمب من الاتفاق النووي، عندما نفذ أقل من 20 ضابطاً من الموساد عملية معقدة، بنقل 55 ألف وثيقة، بوزن نصف طن، من الأرشيف النووي الإيراني، محملة على 183 قرصاً مدمجاً. وكشفت إسرائيل بموجبها عن مشروع «آماد» لإنتاج قنبلة نووية. وعدد من المواقع التي شهدت أنشطة نووية، دون أن تبلغ عنها إيران في مفاوضات اتفاق 2015. وكانت الوثائق توضح دور فخري زاده في طموح طهران لتطوير قنبلة قبل سنوات من توقيع الاتفاق النووي.
وقبل أسبوعين، تعهد وزير الاستخبارات الجديد، إسماعيل خطيب، لدى شرح استراتيجيته أمام لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، بمراجعة حماية العلماء النوويين والمنشآت الإيرانية. وألقت الضربات بظلالها على الانتخابات، إذ تحدث أكثر من مسؤول إيراني عن «تلوث أمني» في البلاد. وفي خطابه الأخير قبل أن يترك منصبه، قال الرئيس حسن روحاني إن «الإسرائيليين نقلوا الأسرار النووية لخارج البلاد، وأخذوها لترمب الذي انسحب من الاتفاق النووي».
وفي وقت سابق من هذا الشهر، طلبت الدول الأوروبية الثلاث من إيران وقف انتهاكات الاتفاق النووي، واستئناف مفاوضات فيينا على وجه السرعة، في تفاعل مع أحدث تقرير للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، عن تسارع تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، إلى جانب معدن اليورانيوم بنسبة 20 في المائة.
وقال بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، في محادثات بالبيت الأبيض الجمعة، إنه يضع «الدبلوماسية أولاً» لمحاولة كبح البرنامج الإيراني، لكن المفاوضات إذا فشلت فسيكون مستعداً للانتقال إلى خيارات أخرى لم يحددها. وقبل ذلك بيوم، أجرى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اتصالاً بنظيره الإيراني الجديد، شدد فيه على ضرورة استئناف مباحثات فيينا في أسرع وقت ممكن.
وقال بيان روسي إن الجانب الإيراني «تلقى الإشارة بمنتهى الجدية». وأعرب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، في اتصال مع وزير الخارجية الجديد، عن أمله في أن تعلن طهران عن موعد استئناف مفاوضات فيينا.
وكتب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، على «تويتر»: «التأكيد على استخدام (خيارات أخرى) ضد (إيران) يرقى إلى مستوى تهديد دولة أخرى بشكل غير قانوني، ويثبت حق إيران في الرد بالمثل... ضد (الخيارات المتاحة)».
ومن جهته، كرر «المرشد» الإيراني، علي خامنئي، انتقادات سابقة لإدارة بايدن. ونقل التلفزيون الرسمي عنه قوله في أول لقاء له مع حكومة رئيسي: «الإدارة الأميركية الحالية لا تختلف عن الإدارة السابقة لأنها تطالب بعبارات مختلفة بما طالب به ترمب إيران في المجال النووي».
ومن شأن تسمية إسلامي الذي تعاون سابقاً مع فخري زاده في وزارة الدفاع أن يعزز المخاوف من تغيير مسار البرنامج النووي الإيراني.



واشنطن تؤكد معارضتها بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة في غزة

قافة عسكرية إسرائيلية تتحرك بالقرب من حدود قطاع غزة مع إسرائيل (أ.ب)
قافة عسكرية إسرائيلية تتحرك بالقرب من حدود قطاع غزة مع إسرائيل (أ.ب)
TT

واشنطن تؤكد معارضتها بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة في غزة

قافة عسكرية إسرائيلية تتحرك بالقرب من حدود قطاع غزة مع إسرائيل (أ.ب)
قافة عسكرية إسرائيلية تتحرك بالقرب من حدود قطاع غزة مع إسرائيل (أ.ب)

أعلنت الولايات المتّحدة الثلاثاء رفضها بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة في غزة، وذلك غداة تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» مفاده أنّ الجيش الإسرائيلي بصدد تسريع أعمال بناء منشآت عسكرية في القطاع الفلسطيني.

واستنادا إلى صور التقطتها أقمار اصطناعية، قالت الصحيفة النيويوركية إنّها رصدت في وسط قطاع غزة تسريعا لأعمال بناء هذه القاعدة بالتوازي مع هدم أكثر من 600 مبنى في المنطقة، ما يؤشّر إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يخطّط لوجود طويل الأمد في القطاع.

وتعليقا على هذا التقرير، قال فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إنّ الولايات المتّحدة لا تستطيع تأكيد هذه المعلومات، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعرب منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس قبل أكثر من عام عن معارضته لأيّ وجود إسرائيلي دائم في غزة. وقال باتيل خلال مؤتمر صحافي إنّه إذا كانت معلومات نيويورك تايمز «صحيحة، فمن المؤكد أنّ هذا الأمر يتعارض مع عدد من المبادئ التي حدّدها الوزير بلينكن». وأضاف «لا يمكن أن يحصل تقليص للأراضي في غزة. أكثر من ذلك، لا يمكن أن يكون هناك تهجير قسري للفلسطينيين من منازلهم».

من جانبه، أعلن الجنرال بات رايدر، المتحدث باسم البنتاغون، أنّ موقف الولايات المتحدة هو أنّ «إسرائيل يجب أن لا تستمر في احتلال غزة بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار وبعد القضاء على التهديد الذي تشكّله حماس». وأضاف «سنواصل التشاور مع شركائنا الإسرائيليين بشأن هذا الموضوع، لكن الأهمّ هو تحقيق وقف لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وإنهاء هذا النزاع الرهيب».

وفي تقريرها، نقلت «نيويورك تايمز» عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله إنّ الإنشاءات الجارية هدفها تشغيلي، مؤكّدا أنّ أيّ بناء يمكن تفكيكه بسرعة.