الراعي: الفساد منتشر في المجتمع اللبناني

رفض استثناء أحد من الاستجواب في ملف المرفأ بمن فيهم رئيس الجمهورية

الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي: الفساد منتشر في المجتمع اللبناني

الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)

أعلن البطريرك الماروني بشارة الراعي رفضه «تسييس التحقيق وتطييفه وتعطيله» في ملف انفجار مرفأ بيروت، ورفضه «استثناء أحد من الاستجواب، خصوصاً أن رئيس الجمهورية أعلن استعداده للمثول أمام قاضي التحقيق». وقال: «نحن ضد تحويل قاضي التحقيق متهما، وضد تصفية حسابات سياسية على حساب أهالي الضحايا والشهداء».
وسأل الراعي في عظة الأحد (أمس): «أين أصبح التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت؟ وما هو مصير الاستدعاءات بحق نواب ووزراء ورؤساء أجهزة أمنية وعسكرية؟» وقال: «إذا كنا نحرص جميعا على المقامات ونعرف حساسيات البلاد، فهذا لا يلغي تمسكنا بجلاء الحقيقة بشأن قضية أسفرت عن تدمير المرفأ ونصف المدينة، وأوقعت أكثر من مائتي ضحية وأصابت أكثر من ستة آلاف مواطن ومواطنة بإعاقات وجروح»، وذلك في إشارة إلى مذكرة الجلب التي أصدرها المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وما أثارته من ردود من قبل رؤساء الحكومات السابقين و«دار الفتوى».
ودعا الراعي القادة السياسيين والروحيين إلى «تخطي هذه المرحلة ومنع أي إجراء يؤثر على وحدتنا الوطنية التي تعيش أياما حرجة»، مشدداً على «أننا حريصون على احترام المقامات والمرجعيات، ولا يرتفع مقام بالمس بمقام آخر». وقال: «واجبنا أن نتكاتف ونوقف السجالات والاتهامات من أجل عبور الصعاب وإنقاذ لبنان»، معتبراً أن الأجواء المشحونة لا تحتمل مزيدا من التشنج وفتح معارك جانبية»، مؤكداً رفضه «تسييس التحقيق وتطييفه وتعطيله»، ورفضه «استثناء أحد من الاستجواب خصوصاً أن رئيس الجمهورية أعلن استعداده للمثول أمام قاضي التحقيق». وقال: «نحن ضد تحويل قاضي التحقيق متهما. نحن ضد تصفية حسابات سياسية على حساب أهالي الضحايا والشهداء. لقد اعتبر العالم جريمة المرفأ أكبر انفجار منذ هيروشيما، ونحن ما زلنا نتساجل حول الحصانات»، مؤكداً أن «كل المرجعيات، كل القيادات، كل الأحزاب، دون استثناء تحت القانون».
وفي سياق متصل بالأزمات المعيشية والإجراءات الحكومية، تطرق الراعي إلى المداهمات التي قامت بها الأجهزة الأمنية أخيرا على مستودعات المحروقات ومخازن الأدوية ومخابئ الأغذية، وقال إنها «تكشف أن الفساد ليس محصورا في الطبقة السياسية، بل هو منتشر بكل أسف في المجتمع اللبناني». وإذ شجع الأجهزة على «توسيع مداهماتها لتشمل جميع المحتكرين وحاجبي الحاجات الحياتية والصحية عن الناس»، دعاها أيضاً إلى إغلاق المعابر الحدودية ومنع التهريب، معتبراً أن أي إجراء إداري يتخذ «يبقى ناقص المفعول ما لم تغلق معابر التهريب بين لبنان وسوريا»، مطالباً القضاء «بملاحقة المحتكرين والمهربين بعيدا من الضغوط السياسية والطائفية والمذهبية». وأكد أن «كل مسؤول سياسي أو مالي أو أمني مهما علا شأنه يجب أن يدان، حسب الأصول، في أي قضية باسم العدالة الشاملة»، دعا الراعي الأجهزة الأمنية إلى إغلاق المعابر الحدودية ومنع التهريب إلى سوريا، وجاء تصريح الراعي بعد أيام على مداهمات نفذها الجيش والقوى الأمنية طالت مخزني مواد نفطية وأدوية مدعومة كانت محجوبة عن السكان. وقال الراعي إن «شعبنا ناقم على المسؤولين السياسيين، بل على كل السياسيين، لأنهم ما زالوا منشغلين بالتافه من الحصص والحسابات، فيما الشعب متروك فريسة الجوع والقهر والفقر والإذلال والهجرة»، داعياً إلى الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذية تكون بمستوى التحديات، حيادية غير حزبية وغير فئوية، تتألف من ذوي كفاءات عالية، تثير أسماؤهم الارتياح والأمل بحكومة ناجحة».
إلى ذلك، سأل راعي أبرشية بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المتروبوليت إلياس عودة: «هل تمت محاسبة أي من محتكري الأدوية، أو سواها من مقومات الحياة، التي يمنعونها عن الشعب، وهم مجرمون يستحقون العقاب؟».
وأسف عودة «لأننا نعيش في بلد يذل فيه الضعيف ويموت، فيما يستقوي الأقوياء بمن يغطون سيئاتهم ويتغاضون عن جرائمهم كالفساد والاحتكار والمتاجرة بأرزاق الناس». كما أسف «لأن نكون في بلد يقمع صوت الحق، ويعمل على إسكات صاحبه بشتى الوسائل غير المشروعة»، ولأن «ينظر في بلدنا إلى أهل الضحايا على أنهم المجرمون، بينما القتلة الحقيقيون يسرحون ويمرحون ويتهربون من العدالة، والمجزرة لا تزال تحصد الروح تلو الأخرى، إن عن طريق الموت أو الهجرة».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.