رئيس «الشاباك» الأسبق يتحدى نتنياهو على زعامة اليمين

في أول تمرد علني في معسكر اليمين

لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الأميركي الجمعة الماضي في البيت الأبيض (د.ب.أ)
لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الأميركي الجمعة الماضي في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

رئيس «الشاباك» الأسبق يتحدى نتنياهو على زعامة اليمين

لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الأميركي الجمعة الماضي في البيت الأبيض (د.ب.أ)
لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الأميركي الجمعة الماضي في البيت الأبيض (د.ب.أ)

في أول تمرد علني صريح على زعامة «الليكود»، أعلن عضو الكنيست آفي ديختر، أمس (الأحد)، أنه يعتزم ترشيح نفسه لرئاسة الحزب وكتل المعارضة، واستعداداً لرئاسة الحكومة الإسرائيلية في الانتخابية المقبلة، حتى لو قرر بنيامين نتنياهو الاستمرار في العمل السياسي.
وطرح ديختر برنامجاً سياسياً يختلف فيه عن نتنياهو يصل إلى حد انتقاد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، ومغازلة الرئيس الحالي، جو بايدن. وقال، خلال مقابلة مع الإذاعة الرسمية «كان»، إنه سينافس نتنياهو وجهاً لوجه، على عكس النواب الثلاثة، يسرائيل كاتس ونير بركات وميري ريغف، الذين كانوا قد أعلنوا في الشهور الماضية أنهم سينافسون على رئاسة الحزب، ولكنهم شددوا على أنهم سيفعلون ذلك بعد تنحي نتنياهو.
وأكد ديختر، الذي اشغل في الماضي منصب رئيس «الشاباك» (جهاز الأمن العام) ووزير الأمن الداخلي ورئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية: «سأنافس نتنياهو، وسأكون ملائماً أكثر منه». ودعا وسائل الإعلام إلى أن تعتاد من الآن مناداته بـ«رئيس الحكومة آفي ديختر».
وفي رد على سؤال عن سبب اعتقاده أنه أفضل من نتنياهو، أجاب: «يجب تغيير نتنياهو لأنه لم ينجح في تشكيل حكومة، رغم أن الليكود خرج من الانتخابات الأخيرة أكبر الأحزاب وحصل على 30 مقعداً، أكثر بـ13 مقعداً من ثاني أكبر الأحزاب». وأضاف: «في نهاية المطاف، (الليكود) لا يقود اليمين، رغم أنه يشكل رُبع (أعضاء) (الكنيست). وهذه الانتخابات أدت إلى نتائج لم تشهدها الدولة أبداً. ولا أعرف إذا كان ذلك بسبب نتنياهو؛ ففي نهاية الأمر كانت هذه اعتبارات سياسية من جانب أحزاب صغيرة. لكن نتنياهو فشل في تشكيل حكومة، خلال السنتين الماضيتين، بعد أربع جولات انتخابية متتالية».
ولكن ديختر أضاف أسباباً أخرى بدا فيها مختلفاً عن نتنياهو في إدارة العلاقات مع الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، وفي إدارة الملف الإيراني؛ فقال: «وجود سلاح نووي بأيدي إيران تهديد وجودي على إسرائيل. لذلك، ثمة أهمية لأن تكون إسرائيل مستقلة وتنتج قدرة عسكرية، كي يكون واضحاً لإيران أن سلاحاً نووياً هو وضع غير مقبول بالنسبة لإسرائيل. ووزير الخارجية (الإسرائيلي يائير لبيد)، أدلى بأقوال رهيبة، بأنه مُلزَم بألا يفاجئ الولايات المتحدة، وهو غير مدرك لقوانين اللعب. فالمفاجآت جزء من اللعبة السياسية. ولكن العلاقات مع الإدارة الأميركية، أيا كان انتماؤها الحزبي، يجب أن تكون قوية، ويجب ضمان التنسيق معها بشكل استراتيجي عميق».
وانتقد ديختر الرئيس ترمب، الذي كان مقرباً من نتنياهو: «لا أعتقد أن ترمب نفذ جميع الخطوات التي تعين على الولايات المتحدة تنفيذها، من أجل أن توضح لإيران أن الغرب عامة، والولايات المتحدة خاصة، يتعاملون بجدية مع تهديدها». كما انتقد المبالغة في الحديث عن نجاح زيارة رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، إلى الولايات المتحدة، والأجواء الحميمة التي أضفاها الرئيس جو بايدن عليها. وقال ديختر: «ثمة أهمية للقاء رئيس الحكومة الإسرائيلي مع رئيس الدولة العظمى الأكبر في العالم. لكن لا ينبغي القول إن اللقاء أثمر (أموراً لم نشهدها من قبل. ويبدو لي أنهم بالغوا في الصداقة الناشئة بينهما، كأن هذا برنامج لزواج من أول نظرة). ولكن القضية الأساسية تبقى أن نجد صيغة شراكة للعمل مع واشنطن».
يُذكر أن اليمين الإسرائيلي لا يزال يؤمن بنتنياهو، ويفضله على جميع القادة المطروحة أسماؤهم لوراثته. وفي استطلاع للرأي نشر في القناة «12» للتلفزيون الإسرائيلي قبل أسبوعين، قال 71 في المائة من مصوتي اليمين إن عهد نتنياهو لم ينتهِ بعد، وعندما سُئِلوا عن الشخصية التي يمكن أن ترث نتنياهو في قيادة معسكر اليمين، حصل ديختر على تأييد 9 في المائة فقط، وحل في المرتبة الثالثة بعد بركات (31 في المائة) وريجف (12 في المائة). ولكن النتيجة الأقسى كانت عندما سأل الاستطلاع الجمهور العام كيف سيصوتون في حال غياب نتنياهو، فاتضح أن الليكود سيخسر ربع قوته تقريباً، ويهبط من 30 إلى 24 مقعداً، فيما يرتفع تحالف نفتالي بنيت الحالي بثلاثة مقاعد. ويقيم حكومة أكثر ثباتاً.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.