ناشطو هونغ كونغ يلجأون إلى التقنية لتوثيق حراكهم

أنشأوا متحفاً رقمياً لاستعراض تاريخ احتجاجات تيان آن مين

صورة أرشيفية لمظاهرات هونغ كونغ في يونيو 2019 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمظاهرات هونغ كونغ في يونيو 2019 (أ.ف.ب)
TT

ناشطو هونغ كونغ يلجأون إلى التقنية لتوثيق حراكهم

صورة أرشيفية لمظاهرات هونغ كونغ في يونيو 2019 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمظاهرات هونغ كونغ في يونيو 2019 (أ.ف.ب)

يعمل ناشطون في هونغ كونغ خلف الكواليس للمحافظة على «أرشيف رقمي» لحراكهم المطالب بالديمقراطية، في وقت تمحو السلطات رموز مقاومتهم من شوارع المدينة، بما في ذلك صحيفة للمعارضة ومتحف، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأغلق مفتّشون مسؤولون عن سلامة الغذاء متحف هونغ كونغ المخصص للأشخاص الذين قتلوا في احتجاجات ساحة تيان آن مين، علماً بأنه كان النصب التذكاري الوحيد من نوعه في الصين المكرّس لضحايا حملة عام 1989 الأمنية. ووثّق المتحف قرار بكين استخدام الدبابات لقمع الاحتجاجات في العاصمة الصينية، وتاريخ هونغ كونغ في إقامة وقفات بالشموع لتكريم الضحايا على مدى 3 عقود.
لكن مسؤولين من دائرة صحة البيئة والغذاء زاروا الموقع مطلع يونيو (حزيران)، وأعلنوا أن المتحف الذي تم فتحه وإغلاقه عدة مرّات على مدى سنوات، لا يملك الترخيص المناسب. ولم تكن الخطوة مفاجئة بالنسبة لكثيرين، إذ إن السلطات حظرت التجمّعات لتكريم ضحايا تيان آن مين في المدينة منذ العام الماضي.
ولذلك، عمل المؤّلف الصيني المعارض تشانغ بينغ الذي كان من قادة الطلبة سنة 1989، العام الماضي، مع مجموعة من الناشطين لتأسيس نسخة إلكترونية للمتحف. وقال تشانغ لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف من منزله في ألمانيا: «نأمل بإنقاذ روح 30 عاماً من الوقفات على ضوء الشموع في هونغ كونغ، والذي كان مقاومة لا مثيل لها في تاريخ البشرية».
ويعد المتحف الإلكتروني واحداً من كثير من المشروعات التي حوّلت الفضاء الإلكتروني إلى مكان للمحافظة على بقايا مدينة يعاد تشكيلها بعدما أحكمت بكين قبضتها عليها. وأدرك «تحالف هونغ كونغ» الذي أدار المتحف، ونظّم تجمّعات تيان آن مين السنوية، أنه قد لا يتمكن من الصمود؛ خصوصاً بعدما فرضت الصين قانوناً أمنياً العام الماضي جرّم معظم أشكال التعبير عن المعارضة.
وتم مذاك توقيف معظم قادة المجموعة، فيما بات التحالف على وشك أن يتم حلّه، لكنه تمكّن مع ذلك من جمع 1.6 مليون دولار هونغ كونغي (215 ألف دولار) لإنقاذ حراكه افتراضياً. وأما مجموعات أخرى، فلم تحظَ بما يكفي من الوقت للاستعداد.
وسارع كريس وونغ، وهو مطور برمجيات طلب استخدام اسم مستعار، لحشد المبرمجين في وقت سابق من العام للحفاظ على أكبر قدر ممكن من أرشيف صحيفة «آبل ديلي». ويقبع مالكها المليونير جيمي لاي في السجن حالياً ويواجه اتهامات تتعلّق بالأمن القومي على خلفية دفاعه عن فرض عقوبات على الصين.
وفي مطلع يونيو، لجأت الشرطة إلى قانون الأمن القومي لتجميد أصول الصحيفة لتنهار في غضون أكثر من أسبوع بقليل. واستذكر وونغ بعدما أعلنت «آبل ديلي» عن صدور طبعتها الأخيرة وإغلاق موقعها على الإنترنت في الشهر ذاته: «كان علينا أن نسابق الزمن». وتوجّه وونغ إلى «إل آي هونغ كونغ»، وهو منتدى يشبه «ريديت» ولعب دوراً مهماً في تنسيق احتجاجات المدينة سنة 2019. واكتشف وجود متطوعين مهتمين بالتكنولوجيا على استعداد لجمع أشلاء موقع الصحيفة.
وبالفعل، جمعوا أكثر من مليوني صفحة تمّت أرشفتها على موقع يمكن إجراء بحث فيه، عبر كتابة نحو 10 آلاف سطر من لغة البرمجيات. وقال وونغ لوكالة الصحافة الفرنسية: «كوننا الأشخاص الأكثر اهتماماً بالتكنولوجيا، نشعر بأن لدينا التزاماً أكبر في المساعدة على المحافظة على تاريخ هونغ كونغ». وتابع: «لكن الجميع يمكنهم ويحتاجون إلى لعب دور في مشاركة الماضي مع الأصدقاء والأجيال المقبلة».
وأنشئت أرشيفات رقمية مشابهة لحفظ تقارير شبكة البث الرسمية التابعة للمدينة «آر تي هونغ كونغ»، التي تم إحداث تغييرات واسعة فيها، لتصبح متوائمة مع الإعلام الصيني. وخسر صحافيون معارضون وظائفهم وألغيت برامج تناقش قضايا سياسية، فيما اختفى معظم محتواها على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك كثير من التقارير التي تنتقد السلطات.
وأفاد ناشط يستخدم اسم «فريمان» المستعار أن مجموعته جمعت تقارير مصورة بحجم 14 تيرابايت من «آر تي هونغ كونغ» و«آبل ديلي» معاً من أجل أرشفتها على الإنترنت. لكن هذا النوع من النشاط الرقمي يتصاحب عادة بمخاطر.
ولفتت وسائل إعلام هونغ كونغ المؤيدة لبكين في الأسابيع الأخيرة إلى أن القيام بخطوات للمحافظة على سجّلات على الإنترنت عن متحف تيان آن مين والتجمّعات السنوية يمثّل خرقاً لقانون الأمن القومي. وتتحرّك الشرطة عادة بعد نشر تقارير من هذا القبيل.
وبعد أيام من إطلاق موقع أرشيف «آبل ديلي»، خرج عن الخدمة جراء هجوم إلكتروني تم من خلاله إغراق الموقع من قبل شبكة من الحواسيب بهدف حذفه نهائياً. لكن تشانغ بينغ يؤكد أنه سيصمد، وقال: «إذا كان بناء متحف يمثّل جريمة، فيعني ذلك أن تاريخ الحضارة البشرية بأكمله غير قانوني».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.