الاقتصاد الأميركي يتجه نحو النطاق المستهدف للتضخم

باول يستبعد رفعاً سريعاً للفائدة

«المركزي» الأميركي قد يبدأ تقليص برنامج شراء السندات العام الحالي (إ.ب.أ)
«المركزي» الأميركي قد يبدأ تقليص برنامج شراء السندات العام الحالي (إ.ب.أ)
TT

الاقتصاد الأميركي يتجه نحو النطاق المستهدف للتضخم

«المركزي» الأميركي قد يبدأ تقليص برنامج شراء السندات العام الحالي (إ.ب.أ)
«المركزي» الأميركي قد يبدأ تقليص برنامج شراء السندات العام الحالي (إ.ب.أ)

يخطو الاقتصاد الأميركي بقوة نحو النطاق المستهدف لمعدل التضخم، بالنسبة لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي)، وهو ما يعتبره جيروم باول رئيس البنك وزملاؤه في المجلس شرطاً لبدء تقليص برنامج شراء السندات الذي تم إطلاقه لتحفيز الاقتصاد الأميركي في مواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.
وبناء عليه، قال باول في وقت متأخر من يوم الجمعة، إن المجلس قد يبدأ تقليص برنامج شراء السندات في وقت لاحق من العام الحالي، رغم أنه لن يتعجل زيادة أسعار الفائدة بعد ذلك. وأوضح في كلمته أمام المنتدى السنوي لمجلس احتياط «كانساس سيتي» المعروف باسم منتدى «جاكسون هول»، إن سوق العمل الأميركية تحقق أيضاً «تقدماً واضحاً».
وأضاف أنه في آخر اجتماع للجنة السياسة النقدية المعنية بإدارة السياسة النقدية في مجلس الاحتياط الاتحادي أواخر يوليو (تموز) الماضي: «كنت وأغلب الأعضاء نرى أنه إذا سجل الاقتصاد نمواً واسعاً كما هو متوقع، فإنه قد يكون من المناسب بدء تخفيض وتيرة شراء الأصول خلال العام الحالي... وسجل الشهر التالي مزيداً من التقدم في صورة بيانات الوظائف القوية لشهر يوليو، ولكن كان هناك انتشار واسع لسلالة دلتا من فيروس كورونا».
وتابع باول حديثه، فقال إن المجلس «سيقيم بعناية البيانات المقبلة والمخاطر المتزايدة» قبل اتخاذ أي قرار بشأن السياسة النقدية.
في الوقت نفسه، دعا روبرت كابلان رئيس مجلس احتياط دالاس وعضو مجلس الاحتياط في مقابلة تلفزيونية اليوم (الجمعة)، إلى ضرورة البدء في تقليص برنامج شراء السندات في أقرب وقت ممكن.
كان رفائيل بوستيك رئيس بنك احتياط أتلانتا وعضو مجلس الاحتياط الاتحادي قد قال في وقت سابق من الشهر الحالي، إنه على مجلس الاحتياط التحرك لتقليص حجم برنامجه لشراء السندات بعد شهر آخر أو شهرين من الأداء القوي لسوق الوظائف، مع المضي قدماً في تقليص البرنامج بوتيرة أسرع مما كانت عليه الحال في المرات السابقة.
وأضاف: «نحن نسير بصورة جيدة في الطريق نحو تحقيق تقدم جيد في اتجاه هدفنا»، مشيراً إلى أنه تمت إضافة 943 ألف وظيفة جديدة إلى سوق العمل خلال الشهر الماضي، وهو أمر مشجع للغاية بالنسبة للتحرك نحو تقليص إجراءات التحفيز النقدي الذي يتبناها البنك المركزي حالياً.
وكانت لجنة السوق المفتوحة المعنية بإدارة السياسة النقدية في مجلس الاحتياط الاتحادي الأميركي قد قررت في ختام اجتماعها الدوري في الشهر الماضي، الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسية عند مستوى 0.25 في المائة دون تغيير، مع استمرار برنامج شراء السندات بقيمة 120 مليار دولار شهرياً.
وتفاعل الدولار على الفور مع كلمة باول وانخفض، بعد أن اعتبرت السوق أن خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي كان مائلاً للتيسير، حتى عندما أشار إلى أن الدعم الهائل للبنك المركزي الأميركي للاقتصاد قد يبدأ تقليصه بحلول نهاية العام.
وانخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية 0.42 في المائة إلى 92.6540. وارتفع اليورو 0.39 في المائة إلى 1.1797 دولار، فيما ارتفع الين 0.23 في المائة إلى 109.8200 دولار.
وتراجعت عوائد سندات الخزانة القياسية لأجل عشر سنوات 2.5 نقطة أساس لتبلغ 1.3188 في المائة، بعد أن قفزت إلى 1.375 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ 12 أغسطس (آب)، يوم الخميس.
في الأثناء، قال بنك «أوف أميركا»، إن صناديق الاستثمار في أدوات الدخل الثابت تلقت أكبر تدفقات في سبعة أسابيع، فيما راكم المستثمرون حيازاتهم من الدين المصنف عند درجة جديرة بالاستثمار وأدوات الخزانة الأميركية في الأسبوع الفائت.
وذكر بنك «أوف أميركا» استناداً إلى بيانات «إي بي إف آر»، أن صناديق السندات تلقت 13.3 مليار دولار، وأن صناديق السندات المصنفة عند درجة جديرة بالاستثمار تلقت تدفقات بقيمة 8.8 مليار دولار في أسبوع حتي يوم الأربعاء، في أكبر تدفق للسندات إليها في خمسة أسابيع.


مقالات ذات صلة

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد إعلان توظيف على نافذة مطعم «شيبوتل» في نيويورك (رويترز)

الطلبات الأسبوعية لإعانات البطالة الأميركية تنخفض على غير المتوقع

انخفض، الأسبوع الماضي، على غير المتوقع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد غوتام أداني وزوجته يرفعان إصبعيهما الملطخ بالحبر بعد الإدلاء بصوتيهما في أحمد آباد في 7 مايو 2024 (رويترز)

الملياردير الهندي غوتام أداني متهم في الولايات المتحدة بالرشوة

وجهت النيابة الفيدرالية في نيويورك اتهامات إلى الملياردير الهندي غوتام أداني بشأن مخطط مزعوم استمر لسنوات طويلة لرشوة مسؤولين هنود.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».