سعيد محروف.. مصمم وظف حبه للفن في تصميم الأزياء




من مجموعته لخريف وشتاء 2015 التي عرضها خلال أسبوع أمستردام للموضة

من مجموعة عرضها في دبي ضمن فعاليات «فاشن فوروود»
من مجموعته لخريف وشتاء 2015 التي عرضها خلال أسبوع أمستردام للموضة من مجموعة عرضها في دبي ضمن فعاليات «فاشن فوروود»
TT

سعيد محروف.. مصمم وظف حبه للفن في تصميم الأزياء




من مجموعته لخريف وشتاء 2015 التي عرضها خلال أسبوع أمستردام للموضة

من مجموعة عرضها في دبي ضمن فعاليات «فاشن فوروود»
من مجموعته لخريف وشتاء 2015 التي عرضها خلال أسبوع أمستردام للموضة من مجموعة عرضها في دبي ضمن فعاليات «فاشن فوروود»

رسم سعيد محروف طريقه إلى تصميم الأزياء بخطى ثابتة منذ انتقاله إلى أمستردام برفقة عائلته في سن التاسعة. عشقه للفن كان واضحا وصريحا منذ البداية، وكبر أكثر بعد قبوله لإكمال دراسته بأكاديمية الفنون بأمستردام. من هناك كانت خطوته الأولى في رسم طريقه نحو الإبداع بالخطوط والألوان.
التحاق سعيد بالأكاديمية كان البذرة في اكتشاف ميله إلى تصميم الأزياء، حيث درس، ضمن تخصصه، مفهوم التفاعل بين حركات الإنسان وجسمه وعلاقته بالمكان والأشكال الهندسية عن طريق اللباس. بعد تخرجه من المعهد، شارك محروف في برنامج مكنه من إتمام دراسته في معهد «برات» بنيويورك، وهو ما منحه الفرصة للعمل في شركة «ماندل» لتصميم الأزياء كمصمم أزياء وكمدير فني مشارك.
لم تقف مسيرة سعيد الدراسية عند هذا الحد، بل حرص على الحصول على شهادة الماجستير في تصميم الأزياء في أكاديمية الفنون «ريتفلد» بأمستردام، ليعود إلى نيويورك هذه المرة كمصمم مستقل، قدم عروضا خاصة به.
أزياء سعيد في البداية كانت عبارة عن تصاميم هندسية أكثر منها تصاميم موجهة للاستعمال اليومي. حسب رأيه، فإنها كانت لاستعراض قدراته، وبالتالي كانت مخصصة للعرض في تظاهرات تهتم بهذا النوع من الفنون. في عام 2000 أسس سعيد شركته الخاصة بأمستردام وعرضت أعماله في متحف التصميم الوطني «كوبر هيويت» في نيويورك، ومتحف الفن الحديث في أمستردام ومتحف سانترال في أوترخت، وفي عام 2007 شارك، برفقة عدد من الفنانين العالميين، في عرض كبير ومشترك في عدد من المدن العالمية، مثل سيدني وهولندا وموناكو والدار البيضاء.
بعد هذه التجارب الكبيرة والمهمة التي حقق فيها محروف نجاحات متتالية، بدأ يميل إلى تصميم الأزياء، كقطع للاستعمال بأسلوب فاخر يحاكي الـ«هوت كوتير» بدل أن تكون قطعا فنية للعرض فقط، وكانت أول فرصة لدخول هذه التجربة، عرضا قدمه بدار الفنون بالدار البيضاء، وكذا بعد تجربته الأولى في أسبوع الموضة بالدار البيضاء ثم «فاشن فوروود» بدبي وبأمستردام بتشجيع من محيطه، وسرعان ما اكتشف أن العملية ممتعة وفي الوقت ذاته، يتمتع بمكانة مهمة في المغرب. قدم أول مجموعة له للأزياء الفاخرة لقيت قبولا وعززت شهرته على الصعيد الوطني، مما جعله يحرص على تقديم مجموعات متجددة كل عام. تميزه في المغرب، يعود أساسا إلى ابتعاده عن القفطان المغربي التقليدي، الذي يتخصص فيه عدد من المصممين المغاربة، واختار في المقابل، التخصص في الأزياء العصرية، مبررا ذلك بأنه لاحظ أن «تصميم القفطان مجال واسع، فيه كثير من المنافسة، بحيث يصعب فيه إبراز لمسة خاصة من قبل المصمم عكس اللباس العصري الذي يعتمده عدد قليل من المصممين المغاربة وفيه مجال أكبر للإبداع».
لا شك أن كونه مغربيا عاش ودرس وصقل تجربته في الخارج، حدد مسار محروف المهني، لأنه شكل قيمة مضافة تتجلى بوضوح في تصاميمه وطريقة تعامله مع تصميم الأزياء ككل، فضلا عن أنه خلق لديه تنوعا بصريا في الرؤية والتصور. فجمعه بين ثقافتين وإعجابه بصنعة «المعلم»؛ أي العمل اليدوي الذي تشتهر به التصاميم المغربية، يميزانه عن بقية المصممين الشباب.
ومع ذلك، وعلى الرغم من نجاحه على مستوى المغرب وأوروبا، لم ينس المصمم عشقه الأول، ولم يتوقف عن إقامة عروض خاصة يطغى عليها الطابع الفني والهندسي بين الفينة والأخرى، مؤكدا أن أغلب النساء اللواتي يقبلن على تصاميمه يملن إلى هذه التصاميم الهندسية. فهن مستقلات وواثقات بأنفسهن وأسلوبهن، وبالتالي يقدرن كل ما له علاقة بالهندسة والفن. المفهوم الذي يتبعه، لا يعني اعتماده كثيرا من التعقيدات، من باب الفذلكة، بل العكس، فقد اكتشف أن كلما كانت الخطوط واضحة والتصاميم بسيطة، كان إقبال المرأة أكبر. ويعلق في هذا الصدد أنه لاحظ مدى إقبال المرأة العربية العاملة على الموضة مقارنة بقرينتها الأوروبية. فهذه الأخيرة تفضل العملية والراحة على كل شيء آخر، بسبب أسلوب حياتها المتطلب، من استعمال وسائل النقل العامة إلى ساعات العمل الطويلة وغيرها من الأمور التي قد لا تعاني منها المرأة العربية، مما يمنحها فرصا أكبر للاعتناء بمظهرها وتبني تصاميم أكثر فخامة وأناقة. أما أسلوبه الذي حفر له مكانة مهمة في أوساط الموضة العربية والعالمية، فيشرح أن ما يحدده هو تقنية «الثني»؛ أي تشكيل الثوب باستعمال الثنايا والطيات بهندسية منسابة تتبع جسد المرأة لتخفي عيوبه وتبرز جمالياته، بينما يحرص أن تبقى الألوان بدرجات أساسية وموحدة يستوحيها من أعمال تشكيلية. فهو لحد الآن لا يؤمن بضجيج الألوان وصخب النقوشات، ويفضل أن يترك الكلام للتصاميم والتفاصيل الهادئة التي تخلف تأثيرا قويا.



كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.