طوابير البنزين في لبنان لن تختفي... ومحطات الوقود بؤر توتر أمني

جعجع يحمّل عون ودياب مسؤولية الفوضى في سوق المحروقات

الطوابير على حالها أمام محطات البنزين في بيروت رغم الخفض الجزئي لدعم المحروقات (أ.ب)
الطوابير على حالها أمام محطات البنزين في بيروت رغم الخفض الجزئي لدعم المحروقات (أ.ب)
TT

طوابير البنزين في لبنان لن تختفي... ومحطات الوقود بؤر توتر أمني

الطوابير على حالها أمام محطات البنزين في بيروت رغم الخفض الجزئي لدعم المحروقات (أ.ب)
الطوابير على حالها أمام محطات البنزين في بيروت رغم الخفض الجزئي لدعم المحروقات (أ.ب)

يستمر مشهد الطوابير أمام محطات المحروقات في لبنان، رغم الإجراءات التي تعلن عنها السلطات الرسمية لمكافحة تهريب واحتكار هذه المواد التي رفع سعرها بنسبة 66 في المائة في خفض جزئي جديد لدعم الوقود، بهدف حلحلة أسوأ أزمة متفاقمة تشل البلاد، في حين بات الاقتراب من محطات الوقود محفوفاً بالمخاطر بسبب الإشكالات المتزايدة بين اللبنانيين.
وأكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البراكس أن طوابير السيارات أمام محطات الوقود «لن تختفي بسبب العدد الهائل من السيارات التي يمتهن أصحابها المتاجرة بالمحروقات في السوق السوداء». ويشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات متفاقمة تنعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات الحيوية، من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية.
إلا أن البراكس قال في تصريح إن «عددا كبيرا من المحطات التي كانت مقفلة الأسبوع الفائت، فتحت أبوابها وعادت لتسليم البنزين للزبائن بعد إعادة تموينها من قبل شركتها الموردة»، لافتاً إلى أن «هذا المشهد سيتواصل تباعاً وسنلاحظ انفراجات تدريجية وانخفاضاً بكثافة الطوابير على المحطات».
وأضاف: «هذه الطوابير لن تختفي بسبب العدد الهائل من السيارات التي يمتهن أصحابها على السوق السوداء والذين باتوا يشكلون العمود الفقري للطوابير لتعبئة مادة البنزين في سياراتهم أو الدراجات النارية ليعودوا لسحبها وبيعها بأسعار خيالية».
وحمل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مسؤولية ما يجري في البلاد بسبب الفوضى العارمة السائدة في سوق المحروقات. وتوجه جعجع، إلى عون ودياب في بيان بالقول: «أنتم تتحملون مسؤولية كل ما يجري على محطات بيع المحروقات، كما تتحملون مسؤولية أي حادثة تقع على هذه المحطات وأي تقصير في أي مستشفى أو قطاع وأي انهيار يحصل في معمل أو مقهى أو متجر نتيجة الفوضى العارمة السائدة في سوق المحروقات»، مضيفاً: «تتحملون مسؤولية كل ذلك، لأن الحل واضح ومعروف وأنتم تحجمون عن اتخاذ القرار، الحل الفعلي هو بتحرير أسعار المحروقات والدواء وإصدار البطاقة التمويلية فوراً، وكل ما عدا ذلك تأزيم أكبر فأكبر وفوضى تنتشر أبعد وأبعد ومواطن لبناني متروك لقدره».
وتتكرر الإشكالات الأمنية في لبنان بسبب تعبئة البنزين، وسجل في العديد من هذه الإشكالات استخدام للسلاح والسكاكين ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى.
ووقع إشكال في بلدة مغدوشة (جنوب) أول من أمس (الجمعة) على خلفية قيام عدد من شبان بلدة عنقون بالهجوم على محطات البنزين ومحاولة فتحها بالقوة، غير آبهين بالقرارات التي اتخذتها بلدية البلدة ضمن نطاقها لتنظيم عملية تعبئة مادة البنزين، فتطور الإشكال إلى استخدام السكاكين، سقط على إثره 6 جرحى. ووقع إشكال على محطة وقود عند طريق عام العباسية (الجنوب) أمس، عندما توجهت مجموعة من أهالي البلدة للاستفسار والاحتجاج على طريقة تعبئة البنزين، لكنهم فوجئوا بالهجوم عليهم من المسؤولين عن المحطة بالرصاص والآلات الحادة. وسقط نتيجة المشاجرة ثلاثة جرحى نقلوا إلى مستشفيات المنطقة للمعالجة، وتضرر عدد من السيارات بسبب الإشكال. وحضرت عناصر من القوى الأمنية وعملت على فض الإشكال.
كذلك، أدى إشكال بين أشخاص وأصحاب محطة للمحروقات في مدينة الهرمل (البقاع) إلى إصابة مواطن بجروح في وجهه نقل على أثرها إلى المستشفى للمعالجة، وباشرت القوى الأمنية بالتحقيق.
وفي طرابلس (الشمال)، وقع إشكال بين عدد من الشبان على خلفية تعبئة مادة البنزين أمام محطة للوقود في محلة الزاهرية في المنطقة، تطور إلى إطلاق نار من دون سقوط إصابات، وعلى الفور حضرت عناصر الجيش وفرضت طوقا أمنيا في المكان وبدأت بتعقب مطلق النار.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».