«محلات فلافل» في دمشق تغلق أبوابها بسبب غياب الزبائن

محل لبيع المأكولات في دمشق 13 أغسطس الحالي (إ.ب.أ)
محل لبيع المأكولات في دمشق 13 أغسطس الحالي (إ.ب.أ)
TT

«محلات فلافل» في دمشق تغلق أبوابها بسبب غياب الزبائن

محل لبيع المأكولات في دمشق 13 أغسطس الحالي (إ.ب.أ)
محل لبيع المأكولات في دمشق 13 أغسطس الحالي (إ.ب.أ)

كان «م. ن» وهو صاحب محل متواضع لصنع وبيع الفلافل في أحد الأحياء المحيطة بدمشق، يجلس حزيناً على كرسي بجانب محله الذي أغلقه بعدما تراجع الإقبال على الشراء بسبب الارتفاع الخيالي لسعر القرص والسندويش على خليفة ارتفاع كلفة الإنتاج.
الرجل الخمسيني الذي يطلق عليه أهالي الحي لقب «زعيم الفلافل»، وكان محله قبل سنوات الحرب وحتى سنواتها الأولى يشهد ازدحاماً كبيراً للمواطنين لشراء الفلافل والسندويش حتى ساعات منتصف الليل، يروي بمرارة لـ«الشرق الأوسط»، «قبل الحرب كان سعر القرص، ليرة، والسندويشة المدعومة (الممتازة) بـ10 ليرات، وكان الزبائن بالمحل وأمامه مثل النمل للحصول على الفلافل والسندويش».
لكن الإقبال على محله وغيره من المحلات المشابهة في الحي، وفق «م. ن» راح يتراجع تدريجياً منذ السنة الثالثة للحرب مع رفعه المتواصل مجبراً لسعر القرص والسندويش بسبب التحليق المستمر لمستلزمات الإنتاج، ويضيف: «حتى السنة الخامسة للحرب كان الوضع مقبولاً. القرص كان بـ10 - 15 ليرة والسندويشة بـ150 - 200 ليرة وكنا مستورين وماشي الحال».
ويوضح «م. ن»، أنه ومع التحليق المتواصل والجنوني في العامين الماضيين لأسعار مستلزمات الإنتاج، الذي أجبرنا على رفع سعر القرص إلى 50 ليرة والسندويش إلى ما بين 500 - 600 ليرة، من ثم رفع سعر القرص إلى 75 ليرة والسندويش إلى 750 ليرة، راح الإقبال يتراجع أكثر فأكثر و«أصبحت لا أرى زبوناً في المحل إلا كل نصف ساعة وأحياناً ساعة». ويشير بيده إلى محل فلافل في الشارع نفسه يبعد عن محله نحو 100 متر، ويبيع كل 6 أقراص بـ500 ليرة، والسندويش بـ1000. ويقول «انظر إليه. ليس هناك زبائن، وأكيد رح يسكر».
ويؤكد، أنه في ظل هذه الحال وعدم وجود وسائل تبريد بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ودرجات الحرارة المرتفعة باتت «بهارات الفلافل تخرب في كثير من الأحيان ونرميها في أكياس القمامة، وصار دخلي اليومي بالكاد يكفي لسعر علبتين من السجائر وأجرة العامل... ورأيت أن الإغلاق والبحث عن عمل آخر هو الأفضل».
ويلفت «م. ن» إلى أن الكثير من سكان الحي هم من النازحين الذين ترهقهم إيجارات المنازل (غرفتان وصالون بـ100 - 150 ألف ليرة، علماً بأن الدولار الأميركي يساوي حوالى ثلاثة آلاف ليرة) وليست لديهم استطاعة شراء القرص بـ100 ليرة والسندويش بـ1000، علماً بأن تقارير أممية ودراسات تؤكد أن 94 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.
وبعدما يشير «م. ن»، إلى تكاليف الإنتاج الباهظة، إذ يصل ثمن استبدال جرة الغاز إلى ما بين 75 – 100 ألف ليرة، ولتر الزيت النباتي 7000 ليرة، وكيلو غرام الحمص المكون الأساسي للفلافل بـ3 آلاف، والبهارات ارتفعت أسعارها جداً، عدا عن فواتير الماء والكهرباء، يطرح عدة أسئلة: بكم نبيع القرص؟ بكم نبيع السندويشة؟ ويؤكد أن سعر 75 ليرة للقرص وسعر750 وحتى 1000 ليرة للسندويش قليل قياساً بتكاليف الإنتاج الحالية.
«زعيم الفلافل»، يختم كلمات بالقول «يا حرام شو صار فينا. آخر شيء كنت أتصوره أن أغلق المحل. يا حرام شو صار بالناس حتى أكلة الفلافل انحرمت منها. يا حرام كانت (أكلة الفقراء)، وصارت للأغنياء بس (فقط)».
وحددت «مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق» في بداية العام الحالي سعر سندويش الفلافل العادية (4 أقراص) بـ600 ليرة، ويصل سعرها حالياً في بعض محال دمشق إلى 1500 ليرة، والمدعومة (6 أقراص) إلى 2000 ليرة. وفي مقابل العزوف عن شراء الفلافل وسندويش الفلافل في الأحياء الشعبية بدمشق لا تزال محال بيعها في الأحياء الراقية وسط العاصمة تشهد إقبالاً على شرائها، ويتراوح سعر القرص ما بين 100 – 150 ليرة والسندوتش ما بين 1500 - 2500 ليرة.



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.