كشف ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة السفير عمر هلال عن استئناف المسار السياسي لنزاع الصحراء في الأسابيع المقبلة، لكنه حذر من أنه «إذا لم تعد الجزائر إلى مقعدها في المائدة المستديرة، فلن يكون هناك مسار سياسي».
وكانت الجزائر أعلنت قبل أيام قطع علاقاتها مع المغرب، وصدرت دعوات دولية وعربية للبلدين إلى إعادة العلاقات وتغليب «لغة الحوار».
وقال هلال في كلمة أمام «الندوة الإقليمية للجنة الـ24 لمنطقة الكاريبي» التي عقدت في الدومينيكان ما بين 25 و27 أغسطس (آب) الجاري، إن «قرارات الأمم المتحدة تعترف فقط بطرفين في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية»، مشيراً إلى أن «قرارات مجلس الأمن، بما فيها القرار 2548 الصادر في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، ذكرت الجزائر، على غرار المغرب، خمس مرات على الأقل، كطرف معني فاعل في المسار السياسي». وذكر أن وزراء الخارجية الجزائريين شاركوا شخصياً وبشكل كامل في المائدتين المستديرتين بجنيف في ديسمبر (كانون الأول) 2018 ومارس (آذار) 2019.
وحذر هلال الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة سفيان ميموني، بشكل مباشر، من أنه «إذا استمرت الجزائر في إنكارها، خلال استئناف المسار السياسي، الذي نأمل أن يتم في الأسابيع المقبلة، وإذا لم تعد الجزائر إلى مقعدها في المائدة المستديرة، فلن يكون هناك مسار سياسي». وزاد السفير: «من هذا المنبر أقول: إذا لم يشارك الوزير الجزائري في مسار الموائد المستديرة وفقاً للصيغة التي حددتها قرارات مجلس الأمن، بذريعة أن بلاده ليست طرفاً في النزاع، فعليه تحمل مسؤولية ذلك»، مشيراً إلى أنه بالنسبة للمغرب وكذلك بالنسبة لمجلس الأمن، فإن «الجزائر هي بالفعل طرف فاعل في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. إنها كذلك وسوف تبقى كذلك. ومع الجزائر سيتم حل المشكل، فالجماعة الانفصالية المسلحة، البوليساريو، ليست سوى أداة في خدمة الأجندة الجزائرية».
ورد السفير المغربي على نظيره الجزائر لدى الأمم المتحدة سفيان ميموني، مشيراً إلى «المسؤولية التاريخية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية والإنسانية للجزائر في خلق وإطالة أمد النزاع المصطنع حول الصحراء». وقال: «خلاف ما يدعيه السفير ميموني، لم تكن الجزائر أبداً مجرد مراقب في قضية الصحراء المغربية بل كانت منذ البداية طرفاً فاعلاً في هذا النزاع»، متسائلاً: «من يمول البوليساريو؟ من يحتضنها على أراضيه؟ من يسلحها؟ من يجهزها بالصواريخ والدبابات وغيرها من الآليات العسكرية التي تفرغ في ميناء وهران؟ من يمنحها جوازات السفر الدبلوماسية؟ من يدفع لها ثمن تذاكر طيران في درجة رجال الأعمال والفنادق ذات الخمس نجوم؟ أليست الجزائر؟ من يقوم بذلك على حساب شعبها وتنميتها الاقتصادية والاجتماعية؟».
وأطلع السفير هلال المشاركين في الندوة على «مقترح تقاسم الصحراء الذي قدمه الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة في عام 2001 إلى المبعوث الشخصي الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة جيمس بيكر، متنصلاً بذلك «من التزامه المزعوم بالحق في تقرير المصير»، وهو الاقتراح الذي رفضه المغرب بشدة انطلاقاً من إيمانه الراسخ بالوحدة الترابية للصحراء المغربية ووحدة سكان الصحراء المغربية.
على صعيد ذي صلة، دق هلال ناقوس الخطر بشأن أحد أسوأ أشكال انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الجزائر و«البوليساريو» في حق السكان الصحراويين الذين يعتبرهم المغرب محتجزين بمخيمات تندوف، والمتمثلة في التجنيد العسكري للأطفال.
وقال هلال، وهو يعرض عشرات الصور لأطفال صغار يحملون أسلحة في عروض وتدريبات عسكرية داخل مخيمات تندوف هناك مسألة تهم المغرب بشكل خاص، والمجتمع الدولي على وجه العموم، تتمثل في التجنيد العسكري للأطفال داخل مخيمات تندوف. الجزائر التي تدعي أنها مجرد مراقب لقضية الصحراء المغربية تأوي معسكرات للتجنيد الإجباري لأطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات.
وأضاف السفير المغربي «يدعي ممثل الجزائر أنه لا توجد أدلة على هذه المسألة. إليكم الصور وحتى مقاطع الفيديو من مواقع ما يسمى بـ(البوليساريو)، تظهر عشرات الأطفال بالزي العسكري، بل بصدور عارية، تحت التدريب. هذه الصور تضع بلاده في مأزق كبير».
وأشار هلال إلى أن «الجزائر و(البوليساريو) يقومون بتدريب هؤلاء الأطفال على القتل. يهيئونهم ليصبحوا إرهابيين، مثل (داعش خراسان)، التي تظهر في هذا اليوم على قنوات (سي إن إن) أو (بي بي سي) أو (فرانس 24)، قبل وبعد الهجوم الإرهابي الذي ارتكبته في مطار كابل. واختتم بالقول إن «إنكار الزميل الجزائري العبثي لا يعفي الجزائر من مسؤوليتها الدولية تجاه هؤلاء الأطفال الأبرياء، الذين كانوا يرغبون كثيراً في تعلم الأغاني الراقصة، بدل الشعارات الحربية، والإمساك بالقلم والفرشاة، بدلاً من الكلاشينكوف».