حملت ردود الفعل الروسية بعد الأحداث الدامية قرب مطار كابل تذكيراً للغرب بصحة ما وصفه الكرملين بـ«التوقعات المتشائمة» بسبب الفوضى التي تركها الأميركيون في أفغاستان.
ومع التحذير من «خطر كبير على كل الأطراف»، أكدت الرئاسة الروسية، أمس، بعد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي حضره الرئيس فلاديمير بوتين، أن موسكو «تستعد لكل الاحتمالات» بعد التطورات الأخيرة في أفغانستان.
ودانت الرئاسة الروسية بقوة سلسلة التفجيرات التي هزت كابل أول من أمس، وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن بلاده «تدين بأشد العبارات الممكنة هذه الأعمال الإرهابية، وبطبيعة الحال فإن الأنباء عن سقوط كثير من القتلى مؤسفة للغاية».
وزاد الناطق الرئاسي أنه «للأسف، ما حدث يؤكد صحة التنبؤات المتشائمة التي تحدثنا عنها أكثر من مرة، والقاضية بأن الجماعات الإرهابية التي تنشط في أفغانستان، وبالدرجة الأولى تنظيم (داعش)، لن تتوانى عن استغلال الفوضى التي ظهرت في هذا البلد».
وحذر بيسكوف من أن التطورات الأخيرة زادت من حدة التدهور الكبير، مشدداً على ضرورة التنبه إلى أن «الخطر كبير على الجميع، وبطبيعة الحال يظل ذلك موضع قلق بالغ بالنسبة إلينا».
وتجنب بيسكوف الرد بشكل مباشر على سؤال حول إمكانية أن تقدم روسيا دعماً للولايات المتحدة في ملاحقة منفذي هجمات كابل، لكنه ترك الباب موارباً أمام هذا الاحتمال، موضحاً أن «تقديم دعم إلى أي طرف يقتضي أولاً تلقي طلب بهذا الشأن منه، وأنا لست على دراية بشأن أي مطالب من الأميركيين نحونا في هذا الخصوص».
وأقر بيسكوف بصعوبة التنبؤ بالتطورات المستقبلية في أفغانستان، مؤكداً أن «الاستخبارات الروسية تتابع مستجدات الوضع هناك ليل نهار وتعمل على الاستعداد لمختلف السيناريوهات».
وزاد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا ينوي إلقاء كلمة خاصة بالشأن الأفغاني على خلفية آخر التطورات في كابل.
ولفت الناطق الرئاسي إلى أن بلاده لا تخطط حالياً لمواصلة عمليات الإجلاء التي بدأتها قبل يومين لمواطنين من روسيا وبلدان الرابطة المستقلة من أفغانستان. وقال إن وزارة الدفاع «لن تقوم بعمليات إجلاء جديدة من كابل في الوقت الحالي، وخططنا المستقبلية في هذا الشأن ستتوقف على تطورات الوضع في البلاد».
وكانت وزارة الدفاع أرسلت أول من أمس أربع طائرات نقل إلى كابل، قامت بإجلاء مئات الأشخاص برغم التطورات الدامية التي جرت قرب المطار.
في غضون ذلك، تركز البحث أمس، خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي على تطورات الوضع في أفغانستان.
وقال بوتين في مستهل اللقاء: «نواصل مناقشة الأحداث في أفغانستان، ونواصل المشاورات مع شركائنا وتبادل المعلومات حول اتصالاتنا»، مقترحاً على المجلس الذي تابع اجتماعه خلف أبواب مغلقة بعد الاستهلال المفتوح أن يبحث «إجمالي المسائل المتعلقة بهذا الوضع، بما في ذلك مجالات العمل الدبلوماسية والعسكرية والإنسانية».
وحضر الاجتماع الذي انعقد افتراضياً، رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، ورئيسة مجلس الاتحاد (الشيوخ) فالنتينا ماتفينكو، ورئيس مجلس الدوما (النواب) فياتشيسلاف فولودين، ونائب رئيس مجلس الأمن ديمتري مدفيديف، وسكرتير المجلس نيكولاي باتروشيف، ووزير الداخلية فلاديمير كولوكولتسيف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، ومدير جهاز الأمن الفيدرالي ألكسندر بورتنيكوف، ومدير الاستخبارات الخارجية سيرغي ناريشكين.
في الأثناء، شدد لافروف على ضرورة أن تستخلص دول الغرب الدروس مما يحصل حالياً في أفغانستان وتدرك «خطورة سياسة فرض قيم من الخارج على شعوب أخرى».
وأكد لافروف الذي يقوم بجولة اوروبية حالياً، أن «الملف الأفغاني شكل محوراً أساسياً لمشاوراته مع الدبلوماسيين الأوروبيين»، معرباً عن إدانة «الهجمات الإرهابية الدموية التي شهدتها كابل (أول من) أمس».
وشدد الوزير الروسي على أن «هذه التطورات تظهر حاجة متزايدة للإسراع في مساعدة الأفغان في تشكيل حكومة انتقالية شاملة بمشاركة كل القوى السياسية الرئيسية في البلاد دون تأخير».
وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أن محادثاته الأوروبية تطرقت إلى تبعات التطورات الأخيرة في أفغانستان، لا سيما في مجال الهجرة، مضيفاً: «يسعى زملاؤنا الغربيون دائماً إلى توحيد الجهود والبحث عن حلول مشتركة... لكن لا بد من استخلاص الدروس. ويبدو بعد ما حصل في العراق وليبيا والآن في أفغانستان أن محاولات فرض قيم من الخارج تهدد بانفجارات إلى حد كبير».
وشدد الوزير على أنه من المهم مبدئياً بالنسبة لروسيا «ضمان أمن حدودها الجنوبية وأمن حلفائها في آسيا الوسطى»، مؤكداً أن المسائل المتعلقة بالمخاطر القائمة من أفغانستان، التي تتركز بالدرجة الأولى على كيفية التعامل مع حشود من المهاجرين، ومساعدة الأفغان في ضمان استقرار بلدهم وعمل مؤسسات الدولة فيه بشكل طبيعي ستتخذ مكانة مركزية في مشاورات زعماء دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي ومنظمة شنغهاي للتعاون.
وذكّر لافروف بأن روسيا لا تزال على تواصل مع جميع أطراف النزاع الأفغاني، في إطار «صيغة موسكو» و«الترويكا الموسعة»، مندداً بما وصفه بـ«نزعة عرقلة الاتفاقات في مشاورات (الترويكا) التي جرت في الدوحة حتى الآونة الأخيرة».
وزاد أن روسيا كانت «مستعدة لدعم الاتفاقات التي أبرمها الأميركيون مع (طالبان) والتي لم يتم للأسف تطبيقها، وحصل ذلك على الأرجح ليس بسبب مواقف (طالبان) وحدها».
موسكو تحذر من «خطر كبير» في أفغانستان وتستعد لـ«كل السيناريوهات»
موسكو تحذر من «خطر كبير» في أفغانستان وتستعد لـ«كل السيناريوهات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة