هجوم حوثي على قادة «مؤتمر صنعاء» بعد رفع صور صالح

وسط مخاوف من شن عمليات تنكيل جديدة ضد أتباع الحزب

TT

هجوم حوثي على قادة «مؤتمر صنعاء» بعد رفع صور صالح

لم يشفع لقادة حزب «المؤتمر الشعبي» (جناح صنعاء) بقاؤهم تحت رحمة الميليشيات الحوثية ضمن تحالفهم الصوري بعد مقتل زعيم الحزب الرئيس الراحل علي عبد الله صالح في 4 ديسمبر (كانون الأول) 2017، إذ شنت الجماعة في الأيام الماضية هجوماً غير مسبوق على هؤلاء القادة، على خلفية رفع صور لصالح أثناء احتفالهم بالذكرى التاسعة والثلاثين لتأسيس الحزب.
وفي الوقت الذي تتعاظم فيه المخاوف من أن يكون هذا الهجوم تمهيداً من قبل الميليشيات الحوثية لشن عمليات تنكيل جديدة بعناصر الحزب وقياداته، وصولاً إلى اجتثاثه، يرجح مراقبون أن الجماعة الانقلابية تسعى من خلال هجومها سواء عبر وسائل إعلامها أو عبر تصريحات قادتها إلى إرهاب قيادات الحزب الذين ترى فيه عملاقاً جريحاً يمكن مع أول تسوية سياسية أن يعود إلى واجهة الحكم من جديد.
وكان القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي وابن عم زعيمها الذي يشغل أيضاً منصب عضو مجلس حكم الانقلاب إلى جانب رئاسته لما يسمى «المنظومة العدلية» عبّر في سلسلة من التغريدات على «تويتر» عن استياء الجماعة من قيام قادة «مؤتمر صنعاء» بتمجيد صالح، من خلال رفع صوره أثناء الاحتفال الرمزي بذكرى تأسيس الحزب.
وفي هجوم صريح على هذه القيادات قال الحوثي إن «تمجيد الخائن ضعف سياسي ورؤية معتمة وهراء في غير محله وتطبيل لا فائدة منه، لذلك كل حر سيواصل الحملة المفتوحة لإدانة التمجيد للخيانة».
وفي تغريدة أخرى، أضاف الحوثي بالقول في سياق هجومه على قادة الحزب: «ليست من الحرية والديمقراطية وإنما تمجيد لمن لا يستحق من مجرمي العمالة والارتزاق وأدعو كل الحكماء والعقلاء اليمنيين إلى إدانة تمجيد الخونة، فلن يقبل أحد بطعن الشعب الصامد ولن يستطيع لا من الداخل ولا من الخارج، والوعي واليقظة سياج شعبي ضد كل مؤامرة».
إلى جانب حملات هجوم أخرى شنتها وسائل إعلام الميليشيات ضد قيادات حزب «المؤتمر» في صنعاء، يفهم من تغريدات «الحوثي» أن الجماعة في سياق الإعداد لعمليات قمع جديدة بحق قيادات الحزب الذين لا يزالون يكنون الولاء لزعيم الحزب الراحل علي عبد الله صالح، الذي تصمه الميليشيات بـ«الخيانة» بعد أن قاد ضدها ما عرف بـ«انتفاضة ديسمبر» وأعلن فض الشراكة معها.
وكانت الميليشيات أقدمت على تصفية صالح ومعه الأمين العام للحزب عارف الزوكا بعد وأد الانتفاضة، كما أقدمت على قتل العشرات من حراسه وأعوانه وزجت بالآلاف في السجون والمعتقلات، قبل أن تصادر أمواله والمقربين منه وتحجز على أملاك الحزب نفسه.
وفي ظل حرص الميليشيات على الإبقاء على إرث صالح الحزبي والسياسي أداة سياسية في يدها، كانت سمحت بعد مقتله بإعادة ترتيب جناح الحزب في صنعاء، حيث أقر قادته حينها اختيار القيادي صادق أمين أبو رأس خلفاً لصالح، في مقابل جناح آخر يرأسه الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي.

محاولة تصفية
وفي سياق التعليق على هذا الهجوم الحوثي على قادة حزب «المؤتمر» في صنعاء، يعتقد الإعلامي اليمني أحمد عباس، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تمهد لتصفية الحزب.
ويقول عباس: «برأيي أن هذا الهجوم الذي يتبناه قادة الحوثي ضد حزب المؤتمر هو الصورة الحقيقية للحركة الحوثية التي لا تريد أحداً حتى لو كان حضوره صورياً لا يقدم ولا يؤخر ولكنه يجمل المشهد القاتم الذي يمارس فيه الحوثي سطوته على البلاد، ولكنها تستشعر خطورته».
ويضيف: «تغريدات محمد علي الحوثي وهو القيادي البارز في الحركة دليل على انزعاج شديد من (المؤتمر) مع أن هجومهم هذا يأتي على التيار الذي يحسبه الكثيرون متهاوناً مع الحوثيين بسبب وقوع قادته ومقراته تحت سلطتهم، ومع هذا لم يسلم من سخطهم الذي يمكن أن تتبعه تحركات أكثر دراماتيكية».
ويلاحظ الإعلامي اليمني أحمد عباس أن الحزب «بكل أجنحته يتعرض لمحاولات التصفية وليس الإقصاء فقط، ذلك أن التيارات المتشددة تخاف من حزب وسطي يحمل أجندة وطنية ولديه خبرة واسعة في إدارة الدولة»، وفق تعبيره.
كما يلاحظ أن الحركة الحوثية وأطرافاً سياسية أخرى تحاول إخراج المؤتمر من المشهد. ويقول: «الغريب أن الحوثيين يبدون تهاوناً ملحوظاً مع مَن يحسبون أنهم أعداء في الآيديولوجيا، لكنهم يدركون أن الخطر الحقيقي هو فيما يمثله (المؤتمر) من قيم وطنية وطرح غير آيديولوجي تلتف حوله معظم شرائح المجتمع، ويرون في أعدائهم الآخرين ربما سبباً في بقاء الصراع وديمومته».

«جماعة إقصائية»؟
يقول المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر إن الهجوم الحوثي الأخير على حزب «المؤتمر الشعبي العام» أثبت أنها جماعة إقصائية وترفض أن يشاركها أحد، ويثبت صحة أن التعايش معها سياسياً أو اجتماعياً أو دينياً صعب.
ويضيف الطاهر لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «الجماعة لا يمكن أن تحل الحزب لكي تحافظ على منظرها أمام الرأي العام الدولي، على أنها جماعة ديمقراطية، لكنها تريد أن يكون (المؤتمر) حزباً مفرخاً، وقياداته يدينون بالولاء لإيران قبل أن يكون الولاء للجماعة، والهجوم عليهم هو بقصد ترهيبهم وإذلال من في الداخل».
ويرى الطاهر في الحملة الحوثية «رسالة عكسية لكل (المؤتمريين) الذين ينتظرون من الجماعة أنها ستسلك مسلك الديمقراطية، أو أنها ستمنحهم حقهم السياسي أو سترضى عنهم».
ويؤكد أن الجماعة الانقلابية لن تسمح بحدوث ذلك، داعياً هذه القيادات إلى ترك هذه التمنيات والتفاؤل، خصوصاً من وصفهم بأنهم «لا يزالون في موقف الحياد أو من يدعون للسلام بوضعه الحالي خدمة للحوثيين».
ويطلب الطاهر من هذه القيادات «الوقوف في صف الجمهورية وتوحيد صفوفهم لاستعادة دور المؤتمر الشعبي العام في استعادة الدولة» ويرى أن «موقف بعضهم الحالي لا يساعد المؤتمر على استعادة دوره».
يشار إلى أن قادة بارزين في الحزب كانوا ولا يزالون يتبنون تحركات في الخارج على أمل لملمة صفوف الحزب تحت قيادة واحدة، مع ضمان أن يشمل ذلك منح دور رئيس لأحمد علي صالح، النجل الأكبر للرئيس الراحل الذي تمسك بزعامة الحزب حتى مقتله على يد الميليشيات الحوثية.



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.