تحديات أمنية لإسرائيل لم يبلورها بنيت

في عهد إدارة أميركية ديمقراطية تختلف توجهاتها عن ترمب

تحديات أمنية لإسرائيل لم يبلورها بنيت
TT

تحديات أمنية لإسرائيل لم يبلورها بنيت

تحديات أمنية لإسرائيل لم يبلورها بنيت

حمل رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بنيت بالأمس معه إلى العاصمة الأميركية واشنطن رؤية حكومته لما تعتبرها أولوياتها ورؤيتها لمستقبل في ظل الأوضاع السياسية والأمنية المتسارعة. ومما لا شك فيه أن الجديد في الأمر، ليس فقط أنه لأول مرة هناك رئيس حكومة إسرائيلي جديد منذ مارس (آذار) 2009 يحمل ملفاتها إلى الإدارة الأميركية، بل أن في البيت الأبيض أيضاً إدارة ديمقراطية تحمل مقاربات – إن لم يكن سياسات – مختلفة عن سابقتها الجمهورية تحت رئاسة دونالد ترمب. ثم إن لقاء بايدن - بنيت يأتي أمام خلفيات إقليمية مهمة، في مقدمها الملف الإيراني النووي الذي عادت واشنطن إلى التفاوض بشأنه، وتولي المتشدد الجديد إبراهيم رئيسي منصب الرئاسة في إيران، ومستقبل نفوذ طهران في العراق وسوريا ولبنان وغزة، وأخيراً، لا آخراً، الانسحاب الأميركي الإشكالي من أفغانستان، ما قد يعني إطلاق يد «حركة طالبان» والقوى المتعاطفة معها في الشرق الأوسط.
في الوقت الذي كانت المعارضة الإسرائيلية تهاجم نفتالي بنيت وحكومته، لأنها لم ترد على صاروخ أُطلق باتجاه إسرائيل من قطاع غزة، وتعتبره «متهرباً من المواجهة مع (حماس)»، هرع بنيت مهرولاً إلى مقر قيادة فرقة غزة في اللواء الجنوبي للجيش الإسرائيلي، التي تقف على أهبة الاستعداد لمواجهة أي توتر حربي جديد.
بنيت أخذ معه في حينه وزير الأمن في حكومته، الجنرال بيني غانتس، ورئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، ورئيس هيئة الأمن القومي في مكتب رئيس الوزراء، الدكتور إيال حولاتا، وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء إليعيزر توليدانو، وقائد فرقة غزة العميد نمرود ألوني، ومسؤولين في المخابرات. واعتبرها يومذاك جلسة طارئة تحمل العنوان «تقييم الأوضاع في الحدود مع غزة»، وأطلق التصريح: «سنعمل في الوقت والمكان المناسبين، وفي الظروف المناسبة لنا، وليس لأي طرف آخر».
ثمة مَن حسب أنه يهدد «حماس»، إلا أنه في الواقع كان يخاطب الداخل الإسرائيلي أكثر. لقد حاول توضيح أن سكوته على الصاروخ لم يكن ضعفاً، بل لأنه اقتنع برسالة «حماس»، التي حاولت بعدة طرق وعن طريق أكثر من وسيط، تأكيد أنها لم تكن على علم بنية إطلاق هذا الصاروخ، وتنصلت منه بشكل تام.
كان بنيت قد اتخذ قراراً بألا يرد هذه المرة على الصاروخ، والجيش وافق معه. لكن هذا الموقف يبدو متناقضاً مع السياسة الجديدة التي وضعها بنيت نفسه وتباهى بها على الملأ في أعقاب الحرب الأخيرة على القطاع. وبموجبه، صار يرسل طائراته المقاتلة لقصف غزة، حتى بعد إطلاق بالونات متفجرة.

أسئلة إسرائيلية
وإذا كانت الصحافة الإسرائيلية تتعاطى مع بنيت وحكومته بقفازات من حرير، باعتبار أنه لم تمر 100 يوم بعد، ولا تجوز مهاجمتها، فإن المعارضة بقيادة بنيامين نتنياهو راحت تهاجمه بشدة، وتطرح تساؤلاً لاذعاً، وتقول؛ إذا كان بنيت يخاف من «حماس»، فماذا سيفعل عندما يطلق «حزب الله» 1000 صاروخ في اليوم، ويدفع بقوات الكوماندوز عنده للتسلل إلى البلدات الإسرائيلية لتنفيذ عمليات؟ والسؤال الصعب؛ ماذا ستفعل عندما تفتح الميليشيات الإيرانية جبهة جديدة على إسرائيل في الشمال الشرقي؟ بل ماذا ستفعل عندما تقرر إيران، وهي بقيادة رئيس يميني محافظ ومتطرف مثل إبراهيم رئيسي؟
الحقيقة أن هذه التساؤلات تدور أيضاً داخل أروقة الحكومة وبين أقطابها، ولم يجدوا جواباً عليها حتى الآن. فهم عندما شكلوا هذه الحكومة كانوا يهدفون أولاً وقبل كل شيء للتخلص من حكم بنيامين نتنياهو. بعضهم رأوا أنه حكم فاسد يجب التخلص منه. وبعضهم اتخذ موقفاً عدائياً منه، فانضم إلى الهبة المتصاعدة بغرض التغيير، مجرد التغيير. وبعضهم دخلها حرباً انتقامية. وآخرون لمسوا اتجاه الريح في واشنطن، فقرّروا دخول السباق للفوز بقلبها، ولذلك هاجموا كل قوى التطرف من حزب كهانا، برئاسة إيتمار بن جبير، الممثل بـ6 مقاعد في الكنيست، حتى «طالبان».
وبنيت، الذي يعرف مكانة الولايات المتحدة في قلوب الإسرائيليين، سيبحث في واشنطن مع الرئيس جو بايدن، وحشد من القادة الآخرين في الخارجية والدفاع جملة من القضايا. وستوجه إليه عدة أسئلة في هذه القضايا، بدءاً من الموضوع الإيراني حتى موضوع أفغانستان. وكذلك سوريا ولبنان... حتى الصين. وستوجه إليه أسئلة في الموضوع الفلسطيني أيضاً. ولكي يجيب، يفترض أن يكون قد حدد مع وزرائه وجيشه ومخابراته رؤية استراتيجية واضحة.

التحديات الجدّية
بنيت قبل التوجه إلى واشنطن أعرب عن رغبته في وضع قضية إيران على رأس سلم أولويات مباحثاته في واشنطن. وهناك سيقول إن طهران استغلت انسحاب إدارة دونالد ترمب من الاتفاق النووي واكتسبت المعرفة والخبرة اللازمتين للاقتراب من تطوير الأسلحة النووية. فهي حققت تقدماً في تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية وتشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة، وبدأت في إنتاج اليورانيوم المعدني. وسيضيف إنه من غير الواضح بعد إذا كانت طهران في عهد الرئيس الجديد، إبراهيم رئيسي، مهتمة بالعودة إلى الاتفاق.
التقديرات الإسرائيلية تقول إن القيادة الإيرانية تماطل وتكسب الوقت في «لعبة الاتهامات»، ولذا يجب التعامل مع السيناريوهات المحتملة بصرامة وحزم. وسيحاول وضع الدور الإيراني في الساحة الإقليمية، باعتبار أنها تواصل ترسيخ نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتدير دفتر حسابات مفتوحاً مع إسرائيل.
حكومة بنيت أحدثت بالفعل تغييراً ملموساً في الموقف الذي وضعه رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، من الاتفاق النووي. وبنيت يرى اليوم ضرورة التعاون الوثيق مع واشنطن، لا الصدام معها. وبدلاً من معارضة أي اتفاق جديد سيسعى للتأثير على موقفها بحيث يجري إدخال بنود تلائم السياسة الإسرائيلية من جهة... كأن يكون هذا اتفاقاً «أوضح أطول وأقوى وأشد قيوداً»، مع الحفاظ على حرية إسرائيل في العمل. ويريد أيضاً ضمانات لوجود خيار عسكري إسرائيلي ذي مصداقية تجاه إيران والتحسب لسيناريوهات الفشل في الوصول إلى اتفاق، والوصول إلى «عتبة قريبة» حتى تحقيق «اختراق (النووي)». ويريد إدخال بند يتعلق بأنشطة إيران الإقليمية وتقييد إنتاج الصواريخ الباليستية.
موضوع الساحة الحربية المحيطة بإسرائيل، والخاضعة لتأثير مباشر لإيران، مرشح للبحث جدياً. فمع ظهور التطورات الجديدة في أفغانستان، سيعيد قول ما سبق وطُرح في التصريحات الإسرائيلية. ففي تل أبيب يرون في هذه الأحداث برهاناً على أنه «لا يمكن الوثوق بالاتفاقيات مع تيارات إسلامية شبيهة بـ(حركة طالبان)، من إيران حتى (حزب الله) و(حماس) وغيرهما». وسيعبر عن القلق الإسرائيلي من الأوضاع في لبنان؛ حيث يسود انهيار اقتصادي وسلطوي ويسيطر على المشهد صراع القوى الذي لا ينتهي، وتبدو فيه إيران مصرة على التدخل والحسم لصالحها. لديها «حزب الله»، الذي يبدو منضبطاً أمام إسرائيل ومنفلتاً في دفع المصالح الإيرانية... وقد تنشأ أوضاع ودينامية للتصعيد الحربي.

حالة «حزب الله»
يورام شفايتسر، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، يرى أن «قيام (حزب الله) بإطلاق 19 صاروخاً على قطاع جبل روس (في مزارع شبعا) في 6 أغسطس (آب) الحالي، رداً على غارة جوية شنتها القوات الجوية الإسرائيلية على لبنان، وبعد صمته على نيران المدفعية الإسرائيلية على جنوب لبنان في اليوم السابق، كان أمراً غير عادي. فمن جهة تجرأ على إطلاق صواريخ، وفي المقابل، أكد أنه غير معني بحرب... بل وجّه صواريخه إلى مناطق مفتوحة، تعبيراً عن ضبط النفس». ويضيف الباحث؛ ينبع ضبط النفس الطوعي الذي ينتهجه «حزب الله» من الوضع المتردي في لبنان المنهار، الذي يؤثر عليه أيضاً. هناك تفسير يدعي أن «حزب الله» مهتم حالياً بتسخين الحدود من أجل ترسيخ مكانته الحصرية كـ«مدافع عن لبنان» أمام منتقديه في الساحة الداخلية، وصرف الأنظار عن انتقاده اللاذع لدوره في فساد المؤسسات وانهيار الاقتصاد اللبناني والنظام السياسي، وكذلك بفعل الادعاءات بشأن مسؤوليته عن الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت قبل عام بالضبط. ومن ناحية أخرى، هناك الادعاء الحاسم ضده بأن تأجيج النار المتعمد مع إسرائيل لا يخدم التنظيم، خاصة في ظل اتساع الاحتجاجات ضده، لأن ذلك يجرّ لبنان إلى مواجهة مع إسرائيل، لا يريدها أحد، خدمة لرعاته الإيرانيين.
الجولة الأخيرة عززت هذا الادعاء، بل إن خصومه باتوا يجرؤون على انتقاده علناً أكثر مما كان عليه في الماضي. وتجلى التعبير الملموس عن معارضة تحركاته في حادثة وقعت في قرية شويا الدرزية، عندما هاجم سكانها بغضب عناصر «حزب الله» العائدين من إطلاق الصواريخ على إسرائيل، بحجة أن القصف من محيط القرية كان من الممكن أن يؤدي إلى هجوم إسرائيلي عليها. وأثار نشر الفيديوهات الخاصة بالحدث على مواقع التواصل الاجتماعي ردود فعل غاضبة ضد «حزب الله»، لكن في المقابل، كان هناك من سارع للدفاع عن «المقاومة» اللبنانية، من أجل تهدئة التوتر بين الدروز والشيعة. وقام نصر الله الذي خشي من تضرر صورة التنظيم داخل لبنان، بتبني لهجة تصالحية في خطابه الأخير، وأوضح أن إطلاق النار وقع في منطقة مفتوحة وغير مأهولة، بل نشر مقطع فيديو يظهر أن إطلاق النار تم من بين أشجار كثيفة وليس من داخل البلدة. لكن رجال «حزب الله»، قاموا في الوقت نفسه، بإرسال رسائل تهديد إلى القرية الدرزية لردع سكانها عن القيام بعمل مماثل في المستقبل ودفع قادتهم إلى تهدئة النفوس في صفوف الطائفة.

جبهتا فلسطين وسوريا
من جهتها، تقول أورنا مزراحي، الباحثة في المعهد نفسه، إن النيران المتقطعة التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية على الحدود، في الآونة الأخيرة، حلقة في سلسلة عمليات «محور المقاومة» بقيادة إيران، في إطار المواجهة مع إسرائيل... وشملت تجنيد «حماس» و«الجهاد الإسلامي» الفلسطيني، سواء أكان ذلك في قطاع غزة أو في التجمعات الفلسطينية في لبنان. ثم إن مشاركة زعيم «حماس» إسماعيل هنية في حفل تنصيب رئيسي في طهران، وإعلانه أن تنظيمه يعتبر نفسه شريكاً في محور المقاومة، إلى جانب زياد النخالة زعيم «الجهاد الإسلامي» في فلسطين، نعيم قاسم، نائب نصر الله، صورٌ تعبّر عن تعاون أوثق بين مركبات هذا «المحور». ويبدو تورط إيران أخيراً في تسخين الحدود الإسرائيلية اللبنانية، من قبل الفصائل الفلسطينية بديهياً تقريباً. إذ درّبت إيران مبعوثيها؛ «حزب الله» و«الجهاد الإسلامي» الفلسطيني و«حماس» (جنباً إلى جنب مع الميليشيات الشيعية في سوريا والعراق واليمن)، طوال سنوات وحثّتها على مضايقة إسرائيل وخلق شعور لديها بالحصار، وكان آخر ذلك فتح جبهة أخرى ضدها من لبنان. هذا، في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل في سوريا وفضاء «السايبر» والحلبة البحرية.
أيضاً، في إسرائيل هناك جهد يكرس لمتابعة التطورات في سوريا أيضاً؛ حيث تصرّ إيران على التموضع فيها عن طريق ميليشيات خاصة بها جلبتها من أفغانستان وباكستان والعراق، فضلاً عن ضباط «الحرس الثوري» وطبعاً «حزب الله». وهي - حسب التقديرات في الجيش الإسرائيلي - تعمل على بناء جبهة حربية مباشرة مع إسرائيل؛ خصوصاً في الجولان ودرعا وغيرهما من مناطق الجنوب السوري. ومع أن سلاح الجو الإسرائيلي ينفذ مئات الغارات الحربية على مواقع هذه الميليشيات ومخازن الأسلحة وقوافل نقل الأسلحة، تدرك إسرائيل أن جهودها يمكن أن تعطل وتعرقل وتؤخر... لكنها لن تمنع نشوء هذه الجبهة في النهاية.

حيرة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي
> في خلفية المداولات التي يجريها مجلس الأمن القومي الإسرائيلي حول هذه التحديات، تظهر حيرة إزاء التعاطي معها، وآراء مختلفة، وفي بعض الأحيان متناقضة، حول سبل العمل. وثمة من يقول إن إسرائيل تواجه تحدياً مزدوجاً.
من جهة، يوجد ضعف في معادلة الردع القائمة التي بموجبها سيقابل أي هجوم إسرائيلي في لبنان بردّ، كما وعد «حزب الله». حرص إسرائيل على الالتزام بقواعد اللعبة هذه ساعد في إرساء هدوء نسبي على مدى العقد الماضي، على طول الحدود اللبنانية، لكنه سمح في الوقت نفسه للمنظمة بمواصلة تعزيز قوتها، لتصبح التهديد العسكري التقليدي الرئيس لإسرائيل في طليعة محور المقاومة الإيراني.
ومن جهة ثانية، يرون محاولة «محور المقاومة» بقيادة إيران، لتحويل الحدود الإسرائيلية - اللبنانية إلى ساحة صراع نشطة، بطريقة تخدم إيران و«حزب الله» و«حماس» على حد سواء، من دون الانجرار إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق... لأن هذا المحور يثق بأن إسرائيل هي التي ستتجنب المغامرة في الظروف الحالية في لبنان، كي لا تتسبب في اندلاع حرب شاملة تشمل القتال على عدة جبهات.
فكيف ستتصرف؟ هل تستمر في الحفاظ على السياسة الحالية، والرد بشكل منضبط، وفقاً لقواعد اللعبة، على أي محاولة لإيذاء جنودها أو مدنيّيها، مع الحفاظ على قواعد اللعبة ضد «حزب الله»، أم تُقدم على تعزيز الردع بالرد على أي عملية من لبنان، لكن بقوة أكبر من ذي قبل، وبشكل أساسي عبر الضربات الجوية الكفيلة بتقويض معادلة الردع التي يحاول «حزب الله» ترسيخها، أم تستغل إسرائيل ضائقة «حزب الله» والمبادرة إلى تحرك عسكري مفاجئ وموضعي، يقوض قدرات التنظيم (مع التركيز على مشروع الدقة الصاروخية)، في محاولة لإعادة الهدوء إلى الحدود بعد جولة قصيرة من الاشتباكات، لكن مع الأخذ بالاعتبار والاستعداد لردّ قاسٍ (هجوم على الجبهة الداخلية) متوقع من «حزب الله»؟
يعتقد الجنرال إسحاق إبريك، وهو عضو سابق في رئاسة أركان الجيش، أن قوة الردع الإسرائيلية تصدّعت من جراء هذه الحيرة. ويرى إبريك، الذي يمثل تياراً في المؤسسة العسكرية والسياسية، أن المحور الإيراني يعد نفسه لحرب شاملة على عدة جبهات في آن واحد. وبالتالي، على إسرائيل استباق الحدث وتوجيه ضربة مسبقة تردع هذا المحور عن الإقدام على حرب كهذه. ويتساءل تيار إبريك: «ما المصلحة في الاستمرار بهذه الحيرة؟ ولماذا ننتظر حتى يكملوا مشروعهم ويجهزوا أنفسهم لحرب كهذه، بينما نحن قادرون على توجيه ضربات رادعة؟».
ثم يجيبون: «إذا كان خوفنا هو من ردّ فعل قاسٍ يفجّر حرباً شاملة بضرب الجبهة الداخلية، وإيقاع إصابات شديدة في صفوف المدنيين الإسرائيليين، فينبغي علينا إذاً أن نعد الجمهور لمثل هذه الحالة، ونوضح أن أي حرب متأخرة ستكون أسوأ، وستكون نتائجها أقسى».
أيضاً، يرى أصحاب هذا التيار ضرورة رفع مستوى التنسيق مع واشنطن، وإعداد الرأي العام العالمي أيضاً لهذه التحديات كي يكون أي حراك إسرائيلي في هذا الاتجاه مفهوماً دولياً ومدعوماً أميركياً بشكل فاعل.
إلا أن الحسم في هذه القضايا لم يأتِ بعد. والآراء في الحكومة الإسرائيلية تبدو منقسمة. وفي كل الأحوال، لم يبلور بنيت بعد موقفاً محدداً منها. وهو يحتاج إلى اللقاءات في واشنطن حتى تتبين له حدود المناورة. وهنا قد يساعده القادة الأميركيون في بعض القضايا... لكن سيكون عليه أن يتوقع أيضاً مواقف أميركية لا تعجبه ولا تعطيه إجابات شافية.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.