تهجير جديد من درعا بعد قصف مفاجئ على ريفها الغربي

قتلى وجرحى من المدنيين في طفس

منزل مدمَّر في ريف درعا بعد قصف من قوات النظام (تجمع أحرار حوران)
منزل مدمَّر في ريف درعا بعد قصف من قوات النظام (تجمع أحرار حوران)
TT

تهجير جديد من درعا بعد قصف مفاجئ على ريفها الغربي

منزل مدمَّر في ريف درعا بعد قصف من قوات النظام (تجمع أحرار حوران)
منزل مدمَّر في ريف درعا بعد قصف من قوات النظام (تجمع أحرار حوران)

أفيد أمس بأنه تم الاتفاق على تهجير 22 شخصاً من جنوب سوريا إلى شمالها بإشراف «الفيلق الخامس» والشرطة العسكرية الروسية، بعدما استفاقت مدينة طفس بريف درعا الغربي أمس، على استهداف المدينة براجمات الصواريخ والقذائف، من قوات «الفرقة الرابعة» المتمركزة في بناء الري المحاذي للمدينة وتل الجموع.
وكانت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري طالبت بترحيل الـ22 إلى الشمال، ووصلت حافلات التهجير إلى الجمرك القديم في درعا البلد الساعة الثالثة من عصر يوم الخميس لنقل الأشخاص المطلوبين والعائلات الراغبة بالتهجير، مع إصرار محمد المسالمة الملقب «هفو» ومؤيد حرفوش على عدم المغادرة والتهجير، وهما المتهمان بعرقلة الاتفاق الأول يوم الثلاثاء الماضي، على أن يتم خلال الأيام القادمة الاتفاق على بنود أخرى بينها أيضاً تهجير أشخاص، وإنشاء نقاط مراقبة روسية للاتفاق، ومركز لتسوية أوضاع الراغبين، وتسلم السلاح أو ضبطه ضمن مجموعات عسكرية محلية مثل قوات الفيلق الخامس المدعوم من حميميم.
وسجل ناشطون سقوط أكثر من 25 صاروخاً وقذيفة على الأحياء السكنية والسوق الشعبية في المدينة في ساعات الصباح الأولى، ما أدى إلى وقوع 3 قتلى و10 جرحى بين المدنيين.
كما سقطت قذائف في محيط إحدى المدارس بمدينة طفس في أثناء وجود طلاب الدورة الصيفية بداخلها؛ ما أدى إلى حالة هلع ورعب بين التلاميذ، وتوقف الدوام في المدرسة.
ووقع عدد من قوات النظام السوري بين قتيل وجريح صباح أمس (الخميس)، بعد استهداف سيارة عسكرية مخصصة للإطعام كانت تقلهم على الطريق الواصل بين مدينة الشيخ مسكين ونوى بريف درعا الغربي، وسط انتشار أمني كثيف في مكان الحادثة.
وشهدت مدينة الشيخ مسكين حملة مداهمة لبعض المنازل في المدينة، من قوات النظام السوري، واعتقلت قرابة عشرة أشخاص من أبناء المدينة، بتهمة قيامهم بأفعال مناهضة للدولة السورية.
وقال باسل الغزاوي، محرر في مؤسسة «نبأ» الناقلة لأخبار درعا المحلية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن قوات النظام السوري تحضر لعملية استهداف مدينة طفس منذ أمس بعد أن وصلت تعزيزات عسكرية إلى مواقع عدة في ريف درعا الغربي من بينها دبابات وآليات عسكرية تابعة لـ(الفرقة 15) في جيش النظام، ونصبت مدافع في ثلاثة مواقع جنوب مدينة طفس وعلى أطراف ضاحية درعا، مع تمركزت مدرعات وآليات أخرى عند حاجز السرو العسكري على الطريق الواصل بين مدينتي درعا وطفس».
وزاد أن الوضع العسكري والميداني في المنطقة الغربية «لن يكون مشابهاً لما يحدث في مدينة درعا البلد، فالمناطق هناك مفتوحة بعضها على بعض بمساحات واسعة، وأعداد عناصر وقادة المعارضة السابقون كبيرة هناك وامتنعوا عن التهجير منذ عام 2018 ويرفضون دخول الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية إلى مناطقهم، وتجسد ذلك في عدة مواقف خلال السنوات الماضية من التسوية، وكان آخرها قبل ستة أشهر في أثناء محاولة الفرقة الرابعة دخول المنطقة بحملة عسكرية، ولاقت حينها مقاومة عنيفة من أبناء المنطقة، انتهت باتفاق سلمي بين الأطراف»، موضحاً أن كل الاحتمالات مفتوحة الآن في مناطق التسويات جنوب سوريا، ولكن ما حدث في المنطقة الغربية الآن هو تعزيز لنقاط الفرقة الرابعة هناك، التي بدا ضعفها بعد هجوم مقاتلين محليين عليها بتاريخ 29 يوليو (تموز) الماضي (بداية التصعيد في درعا البلد) وأسر وقتل عدد من قوات النظام في المنطقة الغربية.
وقالت مصادر من لجنة التفاوض المركزية في درعا البلد إن النظام السوري بعد انهيار الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف يوم الثلاثاء الماضي بتدخل الفيلق الخامس المدعوم من حميميم والشرطة الروسية، يعيد التفاوض إلى مربعه الأول القديم، جميع الملفات أعاد طلبها من جديد، وتشمل التهجير وتسليم كامل السلاح، وإنشاء نقاط عسكرية للفرقة الرابعة، وتفتيش جميع المنازل، وبالنسبة للتهجير فمطروح للجميع الأن، ولم تتوصل الأطراف إلى أي اتفاق وتعثرت المباحثات يوم الأربعاء.
وأشار أبو محمود الحوراني، الناطق باسم «تجمع أحرار حوران»، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجانب الروسي كان يعمل على إنهاء ملف درعا البلد سريعاً بالطرق السلمية، وبعد تعثر تطبيق الاتفاق الأول يعمل ضباط النظام السوري على تحقيق مكاسب لصالحهم ودخول الفرقة الرابعة وتنفيذ عمليات التعفيش وإقامة نقاط لها في المدينة.
وعاد ليضغط على لجان التفاوض والأهالي بدخول درعا البلد وتفتيشها بالقوة، ويطلب تهجير أسماء كثيرة من أبناء المدينة، وجاء ذلك خلال اجتماع عقد بعد الساعة الثامنة من مساء يوم الأربعاء واستمر لنحو 6 ساعات، موضحاً أن الموقف الروسي كان مناسباً للأهالي في الاجتماع الأولي الذي جرى في الساعة الثالثة عصراً يوم الثلاثاء، باعتبار أن بنوده كانت مغايرة لرغبات الفرقة الرابعة تماماً، ويبدو أن الروس اجتمعوا مع ضباط النظام عقب انهيار الاتفاق، وجرى تغيير موقف الجانب الروسي كلياً في الاجتماع الثاني مساء الأربعاء.
ويأتي ذلك التصعيد في ظل تعثر المفاوضات على الخريطة الروسية التي تشمل مناطق التسويات كافة، حسبما قال الجانب الروسي خلال جلسات التفاوض والبداية في درعا البلد، في إشارة إلى انتقال تطبيق بنودها على باقي مناطق التسويات جنوب سوريا، والواضح أن النظام السوري يستهدف المناطق الأكثر معارضة له في جنوب سوريا، ورجح ناشطون أن تنتقل الأعمال العسكرية إلى مناطق ريف درعا الغربي خصوصاً طفس والمزيريب واليادودة، لا سيما مع وصول التعزيزات العسكرية إلى تلك المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».