مهجّرون من درعا لـ«الشرق الأوسط» : الوضع خطير جداً

أحدهم حذّر من «كارثة» في حال توغلت قوات النظام إلى جنوب البلاد

مهجّرو درعا لدى وصولهم إلى ريف حلب مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)
مهجّرو درعا لدى وصولهم إلى ريف حلب مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)
TT

مهجّرون من درعا لـ«الشرق الأوسط» : الوضع خطير جداً

مهجّرو درعا لدى وصولهم إلى ريف حلب مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)
مهجّرو درعا لدى وصولهم إلى ريف حلب مساء أول من أمس (الشرق الأوسط)

وصل ثمانية شبان مهجرين من أحياء درعا البلد جنوب سوريا، الأربعاء، إلى مدينة الباب التي يسيطر عليها الجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة، في ريف حلب الشمالي، برفقة الشرطة العسكرية الروسية، عقب توصل لجنة التفاوض في درعا البلد إلى اتفاق مع النظام السوري بوساطة من «اللواء الثامن» في «الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا (قبيل انهياره)، على عدة بنود، أبرزها تهجير مَن يرغب من الشبان الرافضين للتسوية مع النظام إلى الشمال السوري.
وقال طلال الشامي (26 عاماً) أحد المهجرين من درعا والمنشق عن قوات النظام، إنه وصل أول من أمس (الأربعاء)، إلى مناطق المعارضة في شمال سوريا. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه وبرفقة 7 شبان، 4 منهم من محافظة درعا و2 من دمشق و2 من محافظة حمص وسط البلاد، «كانوا قد انشقوا عن قوات النظام في عام 2012، أي عقب اندلاع الأحداث في سوريا بنحو العام، وصلوا إلى مدينة الباب الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري شمال حلب، في حافلة أقلّتهم برفقة سيارتين تابعتين للشرطة العسكرية الروسية، عقب اتفاق جرى بين لجان التفاوض بدرعا البلد والنظام بوساطة من (اللواء الثامن) المرتبط بالقوات الروسية في البلاد».
ويضيف، أنه لدى وصولهم إلى معبر أبو الزندين الذي يفصل بين مناطق النظام السوري والمعارضة في منطقة الباب شمالي حلب «تم تسلمهم من الشرطة العسكرية التابعة لفصائل المعارضة السورية المسلحة في المدينة، ونقلهم إلى المشفى، وإخضاعهم لفحوص طبية، بما فيها فحوص تتعلق بفيروس (كورونا)، واحتجازهم لدى الشرطة العسكرية لأسباب تتعلق ببعض الإجراءات الأمنية».
وزاد أن الوضع الحالي الذي تشهده منطقة درعا البلد «خطير للغاية، أمام تدفق حشود عسكرية كبيرة للنظام والميليشيات المساندة لها بقيادة الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق رأس النظام بشار الأسد، والحصار المفروض على أهالي المنطقة، وأنها أمور تنذر بكارثة غير مسبوقة تطال أكثر من 50 ألف مدني محاصرين وعالقين في درعا البلد الآن، دون أي خدمات طبية وإنسانية، فضلاً عن بدء نفاد الغذاء والدواء وحليب الأطفال».
ولفت إلى أنه في حال أقدم النظام على إطلاق عملية عسكرية تهدف إلى السيطرة على درعا البلد، «حتماً سيشهد العالم مجازر جديدة بحق المدنيين، أمام إخفاق لجان التفاوض عن درعا البلد والنظام السوري والتوصل لأي اتفاق، أمام شروط النظام التي ينظر إليها ثوار درعا على أنها نقض لاتفاق عام 2018 الذي يقضي بانسحاب قوات النظام من درعا البلد وإبقاء السلاح بيد فصائل المعارضة مقابل إجراء تسوية للثوار دون التعرض لاعتقالهم أو القيام بعمليات عسكرية من كلا الطرفين، وذلك كان حينها بوساطة روسية».
من جهته، قال أبو محمود الحوراني، وهو ناشط في محافظة درعا، إن النظام «يعمل جاهداً على تعطيل أي اتفاق يجري بين لجان التفاوض بدرعا البلد و«اللواء الثامن» في «الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا كـوسيط بين اللجان والنظام، حيث اعترض النظام مساء أمس، على بقاء الثوار في المنطقة مع الإصرار على تهجيرهم إلى الشمال السوري، أو تسليم الثوار سلاحهم وإجراء تسوية مع النظام ودخول قوات النظام والميليشيات الإيرانية إلى درعا البلد وإقامة حواجز أمنية مكثفة في المنطقة وإجراء عملية تفتيش واسعة للمنازل والمحال التجارية، الأمر الذي أعاد الوضع إلى التوتر وبدأت قوات الفرقة الرابعة التابعة للنظام بقصف عدة مناطق بينها درعا البلد والقرى المحيطة بمدينة درعا، ما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين بينهم امرأة».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أول من أمس (الأربعاء)، أن حافلة تقلّ 8 أشخاص يمثلون الدفعة الأولى من مهجّري درعا في جنوب سوريا بموجب اتفاق توسطت فيه روسيا بين النظام السوري ووجهاء المنطقة، قد وصلت إلى شمالي البلاد.
وأشار «المرصد» إلى أن الاتفاق الذي جرى الثلاثاء وتم التوصل إليه بين الأطراف (قبل انهياره) ينص على «دخول كل من الفيلق الخامس والفيلق الثامن التابعين لروسيا، إضافة إلى الشرطة العسكرية الروسية إلى الأحياء المحاصرة من درعا البلد عن طريق حاجز السرايا الفاصل بين درعا البلد والمحطة، لتنفيذ المرحلة الثانية من التهجير، وفتح باب للتسوية وتسليم السلاح». وجاء ذلك بعدما شهدت مدينة درعا خلال الأسابيع الماضية تصعيداً عسكرياً غير مسبوق بين قوات النظام السوري ومجموعات مسلحة محلية، بعد ثلاث سنوات من الهدوء جراء تسوية استثنائية رعاها الجانب الروسي آنذاك، وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع الحصار الذي فرضته قوات النظام على درعا البلد (الأحياء الجنوبية في المدينة) حيث كان مقاتلو المعارضة قد وافقوا سابقاً على التسوية مع قوات النظام، الأمر الذي دفع أكثر من 38 ألف شخص إلى النزوح خلال شهر تقريباً، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي، بينهم نحو 15 ألف امرأة وأكثر من 3200 رجل ومن كبار السن، إضافة إلى أكثر من 20400 طفل.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.