القضاء اللبناني يصدر مذكرة إحضار بحق دياب في «انفجار المرفأ»

خطوة مفاجئة وتشكيك سياسي بتنفيذها نظراً لحصانته الدستورية

TT

القضاء اللبناني يصدر مذكرة إحضار بحق دياب في «انفجار المرفأ»

أصدر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، بعد امتناعه عن الحضور إلى جلسة استجواب كانت مقررة أمس الخميس، في خطوة تصعيدية مفاجئة من قبل السلطة القضائية، وسط تشكيك سياسي بالقدرة على تنفيذ القرار بالنظر إلى الحصانة الدستورية المعطاة لرؤساء الحكومات التي تلزم محاكمتهم أمام «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».
ووسط اتهامات للقاضي البيطار بتسييس الملف، أبرزها من «حزب الله»، كلف أمس القوى الأمنية بإحضار دياب إلى دائرته في قصر العدل، قبل 24 ساعة من موعد جلسة الاستجواب المقبلة التي حددها في 20 سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك غداة تلقيه كتاباً من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، رداً على مذكرة استدعاء دياب الذي كان بيطار قد حدد يوم أمس موعداً لاستجوابه.
ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن مصدر قضائي قوله إن الكتاب تحدث عن أن «ثمة موانع دستورية تحول دون مثول رئيس الحكومة أمام القضاء العدلي». وقال إن البيطار اعتبر أنه «لا قيمة قانونية» للجواب، وأصدر المذكرة مستنداً إلى إجراء قانوني تجيزه المادة 106 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وتنص المادة على أنه «على المدعى عليه أن يحضر أمام قاضي التحقيق بعد تبلغه، وإذا لم يحضر من دون عذر مشروع، عندها يصدر قاضي التحقيق مذكرة إحضار بحقه تتضمن أمراً خطياً إلى قوى الأمن لتأمين إحضاره خلال مهلة 24 ساعة من موعد الجلسة المقررة». وادعى البيطار في سياق التحقيق على مسؤولين بينهم دياب، واستدعى أربعة وزراء سابقين، ثلاثة منهم نواب حاليون، بالإضافة لمسؤولين أمنيين للاستجواب، وتبنى بذلك ادعاءات قضائية كان قد سطرها المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان بتهمة الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وجرح مئات الأشخاص، وذلك بعد التثبت من إحالة مراسلات خطية عدة إلى المدعى عليهم تحذر من المماطلة وعدم القيام بأي إجراءات لنقل مادة نيترات الأمونيوم من حرم المرفأ، بينهم سياسيون وأمنيون وقضاة. لكن البرلمان رفض رفع الحصانات عن النواب ولم يمنحه وزير الداخلية إذناً للاستماع إلى أمنيين أبرزهم المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم.
وأحيطت الاستدعات القضائية لسياسيين بعراقيل قانونية، ما دفع نواباً للتوقيع على عريضة تدعو لمحاكمة النواب في «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، فيما اقترح «تيار المستقبل» على البرلمان أن تُرفع الحصانات عن الجميع بمن فيهم رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومات ومن يستدعيه التحقيق، وذلك بهدف إلغاء الانتقائية في الاستدعاءات، ومحاكمة الجميع أمام القضاء العدلي.
ويشكك النائب عن «تيار المستقبل» محمد الحجار بالقدرة على تنفيذ مذكرة الجلب، بالنظر إلى الحصانة الدستورية التي يمنحها الدستور في المادة 70 التي تنص على أن لمجلس النواب الحق أن یتهم رئیس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخیانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة علیهم ولا یجوز أن یصدر قرار الاتهام إلا بغالبیة الثلثین من مجموع أعضاء المجلس، كذلك في المادة 71 التي تنص على أنه «یُحاكم رئیس مجلس الوزراء أو الوزیر المتهم أمام المجلس الأعلى».
ويقول الحجار لـ«الشرق الأوسط» إن «الأفضل هو الذهاب إلى تطبيق الدستور منعا لأي إشكال قد يتسبب به هكذا قرار، أو قد يُوظف في غير مكانه من قبل أطراف تسعى لإحداث توتر في البلد»، مشيراً إلى الاقتراحين اللذين تقدم بهما «تيار المستقبل» لرفع الحصانات عن كل النواب والوزراء والقضاة وسائر الموظفين والأمنيين الذين يطلبهم التحقيق. وقال الحجار: «القاضي البيطار التزم بالقانون فيما يخص القضاة لجهة محاكمتهم أمام هيئة قضائية مستقلة، لكنه لم يتصرف بتبصر لجهة التعاطي مع المطلوبين الآخرين»، مطالباً بأن تكون هناك «حكمة في القرارات». وأوضح: «نحن واعون من موقعنا لمخاطر أي توظيف في غير مكانه يمكن أن يتسبب فيه أي قرار غير مدروس، لذلك طالبنا برفع الحصانات عن الجميع». وسأل الحجار: «أين المنطق في استدعاء رئيس حكومة تسلم التقرير بعد رئيس الجمهورية، دون استدعاء الرئيس؟»، معتبراً أن تطبيق المادة 60 من الدستور التي تنص على أنه «لا یمكن اتهامه بسبب هذه الجرائم أو لعلتي خرق الدستور والخیانة العظمى إلا من قبل مجلس النواب بموجب قرار یصدره بغالبیة ثلثي مجموع أعضائه ویحاكم أمام المجلس الأعلى»، يجب أن يسري تطبيق الدستور أيضاً على المادة 71 منه.
وأعرب الحجار عن مخاوفه من إصدار قرارات «لا توصل إلى الحقيقة»، مشدداً على «أننا أولياء الدم منذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ونبحث من موقعنا السياسي والمدني عن الحقيقة ونشدد على إحقاق العدالة في جريمة المرفأ، لذلك نرفض القرارات الشعبوية التي يحركها بعض الإعلام لأهداف متعددة تظهر الأمور على غير حقيقتها، وهو ما يدفع للتمسك باقتراحي القانون اللذين تقدم بهما المستقبل وموافقة جميع الأطراف عليهما كي يمثل جميع المشتبه بهم أمام المحقق العدلي بلا موانع قانونية».
والتقى المحقق العدلي أمس وفدا من أهالي الضحايا من فوج الإطفاء الذي تحدث باسمه بعد اللقاء ويليام نون شقيق أحد الضحايا قائلاً إن البيطار «أكد أنه بصدد اتخاذ كل الإجراءات والأطر القانونية لاستكمال التحقيق حتى إصدار القرار الاتهامي».
وإثر معلومات عن أن مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بت بأذونات الملاحقة الخاصة بمدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، نفى عويدات أن يكون قد بت بأي طلب يتعلق بقضية المرفأ منذ تنحيه، موضحاً أن «البت بالأذونات ليس منوطا بالنيابة العامة التمييزية إنما بالمجلس الأعلى للدفاع وبوزير الداخلية والبلديات».
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية أمس بأن البيطار أشرف عصر الأربعاء، بعيداً عن الإعلام على «عملية محاكاة لورشة تلحيم» سبقت الانفجار «للتحقق مما إذا كان للتلحيم تأثير مباشر في التسبب بالحريق في البداية ثم الانفجار».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.