الإعلام الرسمي اليمني.. بين شرعية هادي في عدن وانقلاب الحوثيين في صنعاء

يضم 19 فضائية وعشرات الصحف و21 إذاعة

صحافيو وكالة «سبأ» مع مندوب الحوثيين في اجتماع داخل مؤسستهم بعد إضرابهم عن العمل أول من أمس («الشرق الأوسط»)
صحافيو وكالة «سبأ» مع مندوب الحوثيين في اجتماع داخل مؤسستهم بعد إضرابهم عن العمل أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الإعلام الرسمي اليمني.. بين شرعية هادي في عدن وانقلاب الحوثيين في صنعاء

صحافيو وكالة «سبأ» مع مندوب الحوثيين في اجتماع داخل مؤسستهم بعد إضرابهم عن العمل أول من أمس («الشرق الأوسط»)
صحافيو وكالة «سبأ» مع مندوب الحوثيين في اجتماع داخل مؤسستهم بعد إضرابهم عن العمل أول من أمس («الشرق الأوسط»)

انعكس الانقسام الذي تعيشه اليمن بين شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وشرعية الانقلاب الحوثي على مختلف وسائل الإعلام، خاصة الحكومية التي بات أغلبها في قبضة الحوثيين. ولم يختلف الانقسام في الإعلام عن الانقسام السياسي على أرض الواقع، فقد انحازت قنوات فضائية وصحف وإذاعات رسمية وخاصة إلى جانب الحوثيين وأصبحت ناطقة باسمهم، وحظرت نشر أي أخبار أو أنشطة للرئيس هادي الذي لا يزال يحتفظ بقناة فضائية يتيمة في عدن، وصحيفتين فقط.
وقسم الانقلاب الحوثي الخارطة الإعلامية اليمنية بمختلف ملكيتها إلى ثلاثة أقسام، مؤيد ومعارض ومحايد، فقد انتقلت المعارك السياسية إلى الإعلام، حيث تمكن الحوثيون من إحكام قبضتهم على جميع وسائل الإعلام الرسمية، منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) الماضي، وسارعوا إلى تغيير السياسة الإعلامية لصالح توجهاتهم وسياستهم.
تضم الخريطة الجديدة للإعلام اليمني المرئي 19 قناة فضائية، منها خمس حكومية، و14 قناة خاصة معظمها تبث من خارج البلاد، وهي: «سهيل» المملوكة للملياردير المعارض حميد الأحمر، و«يمن شباب» التي تتبع شباب ثورة فبراير، و«السعيدة» المملوكة لرجال أعمال، و«اليمن اليوم» التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح، و«أزال» التي تتبع الشيخ القبلي محمد الشايف القيادي في حزب صالح، و«المسيرة» التي تتبع جماعة الحوثيين الشيعية، و«الساحات» التي تديرها شخصيات مقربة من الحوثيين، و«معين» التابعة لرجال أعمال، و«عدن لايف» وتتبع نائب الرئيس السابق علي سالم البيض، و«المصير» وتتبع الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد. كما أطلقت خلال الفترة الأخيرة أربع قنوات جديدة هي: «بلقيس»، و«صنعاء»، و«يمان»، و«أوسان».
أما الإعلام الرسمي فيضم وكالة أنباء واحدة، وخمس فضائيات هي: «اليمن»، «سبأ»، «الإيمان»، «عدن»، «القناة التعليمية»، إضافة إلى أكثر من 12 إذاعة محلية، وتسع إذاعات خاصة. كما تمتلك الحكومة أربع مؤسسات صحافية، تصدر عنها ثلاث صحف يومية هي: «الثورة»، و«الجمهورية»، و«14 أكتوبر»، فيما توقفت صحيفة «السياسية»، بسبب أحداث 2011، كما تصدر العديد من المطبوعات الأسبوعية عن هذه المؤسسات، وتشرف وتدير وزارة الدفاع صحفا ومواقع إلكترونية تتبعها مباشرة. يدير الحوثيون حاليا القنوات الفضائية والصحف الرسمية الموجودة في العاصمة صنعاء، مثل قنوات «اليمن»، و«سبأ»، و«الإيمان»، و«عدن»، و«القناة التعليمية»، إضافة إلى وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، ومؤسسة «الثورة» التي تصدر عنها الصحيفة اليومية وعدة صحف أسبوعية، كما يديرون الإذاعات المحلية في المدن الخاضعة لسيطرتهم، إضافة إلى صحيفة وزارة الدفاع الأسبوعية «26 سبتمبر»، والموقع الإلكتروني التابع لها.
بينما لا تزال مؤسسات الإعلام الرسمية في الجنوب تابعة للرئيس هادي، الذي أطلق قناة «عدن»، بتردد جديد، بعد قرصنة الحوثيين لترددها الفضائي بسبب تحكمهم في ترددات الباقة الفضائية الخاصة بالإعلام الرسمي، في صنعاء، وقطعوا بث «عدن»، قبيل ساعات من إعلان السلطات المحلية في المحافظات الجنوبية بيان رفض الانقلاب الحوثي على شرعية الرئيس هادي ومؤسسات الدولة، وهو ما دعا السلطات هناك إلى إطلاق القناة بتردد جديد، وأصبحت هناك قناتان بنفس الاسم والشعار، الأولى يديرها الحوثيون من صنعاء، والثانية في عدن التي أصبحت الفضائية الرسمية الوحيدة التي تنقل أخبار وأنشطة هادي، والأخبار المتعلقة بالشرعية الرافضة للحوثيين. أما الصحف المطبوعة الرسمية فهناك صحيفتان يوميتان مواليتان لهادي، وهما «14 أكتوبر» الصادرة من عدن، و«الجمهورية» الصادرة من تعز.
وفي مطلع فبراير (شباط) الماضي ومارس (آذار) الحالي، أصدر الحوثيون قرارات بتعيينات في مناصب عليا بمؤسسات إعلامية حكومية، عن طريق وكلاء وزيرة الإعلام المستقيلة نادية السقاف. وشملت التعيينات القنوات الفضائية، ومؤسسة «الثورة» للصحافة، والإذاعة، ووكالة «سبأ»، وجميعها خاضعة لسياسة إعلامية من طرف واحد، مرتبطة بنشر أخبار ما يسمى اللجان الثورية الحوثية، وحظر أخبار ضدها.
وكان أحدث القرارات تعيينات صدرت أول من أمس، في مؤسسة «الثورة» للصحافة التي تعتبر أكبر مؤسسة إعلامية في البلاد وتصدر عنها عدة مطبوعات أهمها يومية «الثورة»، حيث كلفت الجماعة القيادي بحزب اتحاد القوى الشعبية عبد الله صبري رئيسا لمجلس الإدارة، وعبد الواسع الحمدي نائبا لرئيس التحرير لشؤون الصحافة، وعينت فيصل مدهش القيادي الميداني الذي اقتحم المؤسسة قبل عدة أشهر نائبا للشؤون المالية والموارد البشرية.
وتشهد العديد من المؤسسات الرسمية احتجاجات يومية وإضرابات بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي تصاعدت مع توقف صرف مستحقاتهم المالية، واكتفاء وزارة المالية بصرف الراتب فقط، الذي لا يتجاوز 300 دولار شهريا، لأغلب الموظفين. وذكرت اللجان الصحافية في كل من «مؤسسة الثورة للصحافة، ووكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، وقطاع التلفزيون، وقطاع الإذاعة، ونقابة الصحافيين اليمنيين»، أن 10 في المائة فقط من موظفي المؤسسات هم من يعملون حاليا، مشيرة إلى أن الأداء المهني داخل المؤسسات الحكومية انعدم بعد سيطرة الحوثيين عليها، وكشفت عن تعرض إعلاميين وموظفين إلى تهديدات وضغوط نفسية، ويشتغل أغلبهم تحت ظروف عمل خطيرة.
وكانت أربع نقابات صحافية في مؤسسات إعلامية حكومية طالبت باستعادة الأوضاع الشرعية داخل هذه المؤسسات، محذرة جماعة الحوثي التي تسيطر لجانها الشعبية على المؤسسات من المساس بالحقوق المالية والوظيفية أو أي إجراءات عقابية تطال الصحافيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية.
من جانبه، أكد مدير تحرير صحيفة «السياسية» الحكومية المتوقفة فؤاد المقطري أنه «لا يمكن قراءة وضع الإعلام الرسمي بمعزل عن الوضع العام في اليمن، الذي يعيش أسوأ مرحلة في تاريخه في ظل سيطرة ميليشيات طائفية وعصبوية على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها المختلفة، وتمارس من خلالها وبواسطتها كل أشكال القمع والتنكيل والإقصاء والتهميش بحق الآخرين». وأوضح المقطري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن وضع الصحافيين في مؤسسات الإعلام الرسمي ليس بأحسن حالا من زملائهم في الصحافة الأهلية أو الحزبية، أو مراسلي وسائل الإعلام الخارجية. وتابع «دائما ما يتعرضون للمراقبة، والملاحقة، والتضييق على الحريات، وإغلاق الصحف ومصادرتها ونهب ممتلكاتها»، مشيرا إلى أن «هذه الممارسات لم تعرفها البلاد حتى في مرحلة الحكم الشمولي الشطري قبل تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990».
واتهم المقطري الحوثيين بارتكاب عمليات إقصاء ممنهج للكوادر الصحافية في المؤسسات الإعلامية الرسمية، وقال «هناك فرز على أساس طائفي ومناطقي وسلالي، وتهميش وتسريح لكل المخالفين والمعترضين على سياسات وممارسات الميليشيات المسلحة التي تحشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة داخل المؤسسات الإعلامية الرسمية».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.